عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مواجهة

لا يمكننى أن أعطى لنفسى الحق فى التحدث عن المكانة العلمية لزويل، أسطورة العلم فى عالمنا المعاصر ورمز  العطاء المصرى الذى افتقدناه فى مجال الإنجاز العلمى منذ الحضارة المصرية القديمة والعصر الذهبى للحضارة العربية، وإن تبدى فى إنجازات فردية تمثلت فى زويل وغيره من علماء مصر فى الخارج، وإذا كان حديثى عن موقف زويل من الملاعب المصرية، فلا ينبغى أن يظن البعض أننى أتحدث عن اهتمام زويل بالرياضة المصرية، وإن كانت اهتماماته تتسع لكل الميادين الرياضية والاقتصادية والسياسية والفنية بل والفلسفية إلى المدى الذى يحق فيه أن أقول إن اسهاماته الفلسفية والثقافية، قد تكون أهم انجازات الفكر المصرى المعاصر، فهو يرانا برؤية أعمق بكثير مما قد يرانا بها بعض المشتغلين بالثقافة المصرية وخاصة بعدها الفكرى، حديث زويل عن الملاعب المصرية فى حواره مع الإعلامى خيرى رمضان فى مكتبه المتواضع فى جامعته الذى لا يتجاوز ثلاثة أمتار بمناسبة الاحتفال بمرور ما يقرب من أربعين عاما على عمله بالجامعة يدفعنا إلى التأسى على أزمتنا الحقيقية وكارثة التعليم فى بلدنا وبرامج الجودة الورقية فى جامعاتنا، وهو ما يدفعنا إلى اكتشاف مجال يمكن أن نبرز فيه تفوقنا على المؤسسات العلمية فى العالم كله بما فيها الجامعة العريقة التى يعمل بها زويل بمعاملها وإمكانياتها البحثية الهائلة وأساتذتها من الحاصلين على نوبل، لا يهم كل هذا بالنسبة لنا إذا كان فى مقدورنا أن نتحدى العالم ونحتل المركز الأول فى فخامة ومساحة وروعة التأثيث والديكور وميزانية الانفاق على مكاتب السادة رؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء ووكلاء الكليات وأطقم السكرتارية وأمناء الجامعات والكليات ... ناهيك عن مخصصاتهم من السيارات الفارهة. فى حوار  زويل مع الإعلامى خيرى رمضان فى مكتبه المتواضع صرح بأنه أثناء زيارته لمكتب مسئول جامعى لاحظ نجله الذى كان بصحبته أنه فى حضرة ملعب يشغل مساحة دور كامل من المبنى الجامعى، وهو ما دفعه إلى الحيرة والدهشة، والتعجب كيف تسنى للمسئول الجامعى أن يجلس فى هذه المساحة التى تؤهلها لمدرج جامعى أو معمل ضخم أو ملعب للتنس أو قاعة للاحتفالات أو مسرح.... حقاً إننا أمام مفارقة هائلة، ننفق ببذخ واسراف وسفه على مظاهر كاذبة فى الوقت الذى نبخل فيه على معاملنا وقاعات البحث والدرس الجامعى، ولعل هذا ما يفسر لنا التسابق على المناصب القيادية فى جامعاتنا فى الوقت الذى لاتجد هذه المناصب من يهتم بها فى الجامعات العالمية، الاهتمام ينصب على ما تقدمه الجامعة من انجاز وعطاء فى مجال البحث العلمى وليس فى مجال فخامة ومساحة مكاتب السادة الأفاضل من قيادات الجامعة، والحق أنه يندر بك أن تتذكر القيادات الجامعية من خلال مناصبهم لكنك تعرفهم عن ظهر قلب من خلال انجازاتهم العلمية وحدها: أحمد لطفى السيد، طه حسين، مصطفى مشرفة، إبراهيم بدران..... يوما ما قمت بزيارة عميد كلية نظرية لتهنئته على تولى منصبه، وهالنى ما رأيت، سيادة العميد يجلس فى غرفة مطلية باللون الأحمر الوردى بناء على قراره الذى اتخذه بمجرد توليه منصبه، تخيلت نفسى فى ملهى من الملاهى الليلية الرخيصة التى نشاهدها فى أفلامنا أو كافيه بينه وبين التذوق الجمالى عداء وخصام، هل لم يعد أمامنا ما يشغل اهتمامنا غير التباهى والتفاخر بمستوى مكاتب أو ملاعب مؤسساتنا التعليمية، لو كان علينا أن نواجه مشكلة التعليم بحق فإن علينا أن نواجه مشكلة البذخ والإسراف على ما ليس له علاقة بالتعليم والبحث العلمى فى شئ، الجامعة استاذ وطالب وليست قيادات تعليمية تحرص على أن تتحول مكاتبها إلى عالم القصور والفيلات، نتمنى أن يكون لدينا فى كل جامعة زويل آخر، يجلس فى مكتب لا يتجاوز ثلاثة أمتار، لكنه يعمل فى معمل أو معامل تحتل الجانب الأكبر من مساحة الجامعة، رفقا بمصر من منطق المظاهر.