عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

* مصيبتنا فى أى حكومة تتولى أمورنا أنها إن أصلحت جانبا ، تخرب أمامه جوانب أخرى ، لأنها كما يقولون تسير بالبركة ، ودون خطة متكاملة تضع فى حسبانها الأهداف والنتائج،والتوابع ،  فكل وزير يعمل بمفرده ووفقا لرؤيته، دون تنسيق مع زملائه المعنيين، فكل يريد أن ينقذ نفسه أولا ، والكل  يده مرتعشة ولسان حاله يقول «يارب عديها على خير»، ينتظر خروجه مستورا،  بدون فضيحة، ولا رشوة ولاذلة لسان. وما يحدث فى البلاد الآن من تخبط وارتباك، إنما هو نتاج هذه النظرة الضيقة لتعامل رؤساء الحكومات مع أخطر وأهم القضايا والأزمات .

* وأمامنا نموذج واضح لهذا التخبط وعدم قياس رد الفعل أو مابعد القرار، فالحكومة، ممثلة فى البنك المركزى ، نجحت ولو بشكل مؤقت فى أن تفرمل صعود الدولار، وتكبح جماحه ، بتعديل سياستها النقدية ، وتحرير الجنيه جزئيا ، وصولا لسعره الحقيقى فى السوق مقابل الدولار. ولكن هذه الخطوة جاءت متأخرة جدا ، وكان ينبغى القيام بها قبل سنة أو عدة أشهر حتى لا تشتعل أسعار الكثير من السلع والخدمات ، لعدم وجود رقابة فعالة على مستثمرى الأزمات .

* فالخطوة حققت هدفا واحدا وهو محاربة السوق السوداء للدولار، وكان ينقصها خطوات تكاملية من الوزارات الأخرى الاقتصادية والخدمية ، لمواجهة إنفلات الأسعار أوعلى الأقل وضع خطة للمصانع والشركات المتضررة من (تحرير الجنيه جزئياً) حتى لا يكون أمام الشركات خياران فقط، كلاهما مُر، إما أن ترفع الأسعار، وإما تستغنى عن بعض العمالة ، وتعود البلاد مجددا لحالة الإضرابات والإحتجاجات ، التى انطلقت ولو بشكل محدود فى عدد من الشركات.

* وما يحدث فى سوق الدواء الآن من ارتفاع قياسى فى أسعار بعض الأنواع واختفاء أخرى، يؤكد أن القرار الحكومى فى مصر، مازال يصدر عشوائيا وبشكل انفعالى وغير مدروس من كافة الجوانب ، ولذا فهو غالبا ما ياتى بآثار سلبية ومضاعفات ، تأخذ وقتا كبيرا حتى يتم علاجها والتخلص منها. فعندما اتخذت الحكومة قرارها بوضع الجنيه على حافة التعويم ، تمهيدا لتحريره نهائيا خلال الشهور القادمة ، لم تضع فى حسبانها الفاتورة التى ستدفعها الشركات لخامات وأدوية مستوردة لا تتوفر محليا، وبالتالى كان طبيعيا أن ( تولع ) الأسعار، وتختفى أدوية الأمراض المزمنة ، ويعلو صوت المنتجين والصناع (من قطاعى الأعمال والخاص)  مطالبين برفع الأسعار رسميا، ولتكن البداية برفع  أسعار الأصناف الأقل من عشرة جنيهات.

* فهل وضعت الحكومة هذه المشكلة فى الحسبان ؟ وماذا ستفعل فى حال إغلاق الشركات او إصرارها على رفع الأسعار لتعويض خسائر الإنتاج واستيراد المواد الخام ؟ وهل تنتظر حتى يموت المرضى من أصحاب الدخل المحدود،  لعدم توفر الدواء ، وعجزهم التام عن شرائه بسبب ارتفاع الأسعار .

* إن إنقاذ الجنيه، لا يعنى ذبح الفقراء، ولا ينبغى أن ياتى على حساب الملايين من المرضى المعدمين ، أو التضحية بأرواح العجزة وكبار السن وغيرهم من أصحاب الأمراض المزمنة التى تكاد تختفى أدويتها الآن، بسبب عجز شركات دواء قطاع الأعمال عن إنتاجها، ولإرتفاع المستورد منها، وليس مقبولا على الإطلاق أن يدفع فقراء مصر ومرضاها وحدهم فاتورة تعديل قيمة الجنيه ودعمه أمام الدولار .

* وإذا كنا لا نقبل أن تخسر أى شركة ( عامة او خاصة ) ، ونرفض إغلاقها او إجبارها على تسريح العمال ، فإننا  لا نقبل ايضا زيادة معاناة المواطن بتحميله مالا يطيق، وهذا دور الحكومة  القادمة ، أن تصلح ما خربته الحكومة الحالية، التى أوشك رصيدها على النفاد وتستعد للرحيل، بعد أن أعادت مصر إلى المربع صفر، لعجزها التام وفشلها الذريع فى تحقيق آمال وتطلعات المصريين.

[email protected]