رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

وحدها فى الضفة الأخرى، تبُث حقداً ووجعاً وكراهية. تلك التى منحناها علوماً وفنوناً ورسمنا نصيبا من تحضُرها .

يشغلنى السؤال ويخربش فى ذهنى كُلما تابعتها على الخريطة بقعة من الزيت: لِم يكرهوننا؟ لمَ يبثوننا اللعنات والويلات؟ لِم يشمتون ويشتمون فى كُل إنجاز مِصرى وكأن مِصر سرقت تاريخهم وحضارتهم وتفوقهم وقدراتهم الفذة؟ 

عن قطر أتحدث، تلك التى اختارت موقف الخصم الدائم، والعدو الأبدى، وتشبثت بالضفة الأخرى .تلك التى احتضنت فلول الإرهاب الكاره للحياة والجمال. فى واقعة الجامعة العربية الأخيرة استفزنى موقف قطر التى تحفظت على ترشيح أحمد أبو الغيط أمينا عاما للجامعة خلفا لنبيل العربى.

مُعاندة ومُخاصمة ومُناطحة وغِل. مُعارضة دائمة من أجل المُعارضة ورفض غريب لأى دور مِصرى. تلسين وتشويه وتقزيم لبلد كان دائما حُضن الأمان لأمة العرب قروناً من الزمان. أليس من المُدهش أن يتهم النظام القطرى « أبو الغيط « بالتطبيع؟ أليس عجيباً من دولة تمد صلات ووشائج مع كُل ما هو صهيونى أن تتهم دبلوماسيا ــ المفترض أنه يقبل التعامل مع الجميع ــ بصداقة إسرائيل؟

لِم كُل هذا الحقد على مِصر نظاماً وشعباً؟ لِم يبثون الشائعات ليل نهار؟ ولم يُمولون كُل ما هو شر للمصريين؟ لِم يقذفوننا بالخطر ويبشروننا بالخراب ويصفقون لكل خسارة أو مُصيبة؟

حسدا؟ رُبما. مُنافسة؟ مُستحيل. كيف يُمكن مساواة الدولة بالدويلة، والحضارة بالقشرة، والتاريخ الموغل فى القدم بالتاريخ المصنوع من البلاستيك؟

الحضارة يا سادة  تنبُت ولا تُصنع. تولد ولا تُشترى. تتشكل من باقات ابداع وعبقرية وجينات حب وموروثات ثقافة خالدة عبر الأزمان. العظمة نتاج طبيعى لقدرات الشعوب، وسماتهم، وأفكارهم وأخلاقهم. لا يمكن رسمها بالألوان ولا استنساخها صناعيا ولا محاكاتها فكريا.

قبل أكثر من عام زُرت العاصمة القطرية الدوحة فى رحلة عمل قصيرة وهالنى مشهد البذخ المُترجم لرغبة عارمة لشراء مجد أو ريادة مُفتقدة. رأيت المبانى فارهة تُحاكى ناطحات نيويورك، مضاءة بالألوان مساء فى بهرجة لافتة. وجدت سلالم كهربائية فى كل سوق ومبنى وبوابات الكترونية تعمل بالليزر، وشاهدت مراسم للفن فخيمة وساحرة المعمار ومتسعة كصحراء وتدخلها لتجد شابين أو ثلاثة فقط يحملون لوحات عالمية يقومون بتقليدها.

تلك ريادة زائفة وحضارة مُصطنعة وبلاد بلا روح ولا طعم ولا رائحة. كتبت وقتها عن الدوحة بأنها نموذج مثالي لمُدن المِلح التى عراها المبدع الراحل عبد الرحمن منيف فى روايته الخماسية الشهيرة. هى مثل موديل محلات الملابس، جميلة وغاوية ولكنها غير حقيقية. تدنو منها فيصدمك خواؤها، وتعايشها فيخنقك سكونها.

لذلك يكرهوننا فيما أظُن. لقد حازوا الأموال زكائب، وبنوا حوائط الأسمنت، واستوردوا التكنولوجيا الحديثة، وأطلقوا الفضائيات، وأسسوا الشركات العابرة للمُحيطات، واشتروا نصف تُحف وفنون أوروبا، لكنهم لم يصنعوا الحضارة، ولم يستنسخوا مِصر. وطنى عُقدة حيواتهم، والله أعلم.

[email protected]