عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة حق

منذ آلاف السنين والنيل الخالد يتدفق من قلب أفريقيا النابض بالحياة، ليشق طريقه إلى أرض الكنانة عبر شرايينه فى أثيوبيا وإريتريا والسودان وجنوبه وبورندى وتنزانيا وكينيا، فكانت الحياة وكانت الحضارة، ولا ننسى مقولة هيرودوت (مصر هبة النيل)، وتقول الأسطورة إن المصريين القدماء كان من طقوسهم السنوية، فى إطار تقديس النهر والحفاظ عليه، إلقاء إحدى أجمل الفتيات فى النهر قربانا لقدوم الخير والحياة.

يذكر كتاب التاريخ أن علاقات دول حوض النيل لم تكن قط سيئة، حتى بعد التقسيم الحدودى لدول أفريقيا من قبل الاستعمار، ولحفظ الحقوق أبرمت العديد من الاتفاقيات كان أهمها اتفاقية 1929 وما لحقها من اتفاقية 1959 والتى تقضى بحقوق دول المنبع، ودولتى المصب مصر والسودان من المياه.

والحال لم يتبدل بين دول حوض النيل إلا بعد تغلغل نفوذ الكيان الصهيونى فى بعض الدول، فكان الخلل، وفى غفلة من الزمن وتزامنا مع ثورتى يناير ويونية فى مصر انتهزت بعض الدول التى لا تبغى الخير لمصر وأهلها اللحظة بتعزيز قدرات إثيوبيا المادية لبناء سد عملاق يحجب وراءه مليارات الأمتار من المياه بحجة توليد طاقة على غرار السد العالى، دون اعتبار لتضرر دولتى المصب وعلى حساب مقرراتهم المائية الثابتة تاريخياً بموجب ما أشرنا إليه من اتفاقيات.

وفى مخاض الثورتين بمصر كان الألم، وكنت أظن أن الضمير الإنسانى للعالم المتمدين بمؤسساته التاريخية سيتصدى للاعتداء على أمر حياتى لما يقرب من 150 مليون إنسان بمصر والسودان، ولكن لعبة المصالح وتقسيم الغنائم هى دائماً سيدة الموقف، ولاعزاء للضعفاء المقهورين، وهنا تأتى أهمية اللحظة الراهنة فى مجابهة آثار تراكم إهمال ما لا يقل عن خمسين عام المجال مصر الأفريقى، وتغلغل نفوذ ماجن طموح، وبلاد كرتونية لا تبغى سوى الخراب.

وما لا يقلقنى أن الدستور المصرى المقر بنسبة تصويت غير مسبوقة بعد ثورتين فى مادته الـ 44، يؤكد على «التزام الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أو تلويثها. كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال.

وحقك المواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون».

والاطمئنان هنا يأتى من ثقتى اللا محدودة فى قدرات رأس الدولة المصرية ابن القوات المسلحة وفارسها النبيل فى قدرته على حسم الأمور، واتخاذ القرار المناسب فى التوقيت المناسب بما يتسق مع أمر حياتى لـ90 مليون مواطن مصرى ليس لهم مورد آخر للمياه سوى شريان النهر الخالد.

أما ما ينتاب بعض المصريين من قلق نتيجة لما يتواتر من أنباء عبر الإعلام المنفلت ليلاً فهو قلق مبرر، لكن من وقى مصر من خطر الفاشية الدينية لا يمكن أن يترك أهلها ليموتوا عطشا، ومن هنا تبرز أهمية إرسال رسائل طمأنة لجموع جماهير الشعب الأبى البطل، ومصارحة الشعب بالحقائق، باعتباره صاحب الشأن، بما يتماشى مع آلية اتخاذ القرارات على أرض الواقع وبما لا يعوق تنفيذها، وحتى لا تترك الأمور على عواهنها للسفهاء للعبث بها، ولكى لا تعود عجلة التاريخ إلى الوراء وتناقش قضايا متعلقة بالأمن المصرى على شاشة التلفاز، وهنا تبرز حكمة المواءمة بين متخذ القرار وجموع الجماهير القلقة على شريان الحياة.