لازم أتكلم
فاجأنا السيد وزير الصناعة طارق قابيل بتصريح مضحك ومبك فى آن واحد. قال الوزير إن النمو الاقتصادى فى مصر أقوى من الولايات المتحدة الامريكية. (أى والله تخيلوا). الرجل يبدو انه يعيش فى كوكب آخر، والدنيا كلها حلوة فى حكومته ما شاء الله، ومفيش مشكلة خالص، على رأى فنانا الكبير محمد صبحى. ولا أدرى من أين جاء قابيل بهذه الفرية؟ وبكل هذه الثقة ؟! إلا إذا كان الرجل بـ«ينكت» أو« بيقلش» فهذا شيء آخر مختلف،يكشف لنا كيف تفكر الحكومة وكيف يتعامل وزراءها بهذه السطحية مع مشاكلنا ؟!.
فلو قال إن اقتصادنا بدأ يتعافى وإن معدل النمو فى طريقه للصعود أو الوصول للمعدل العالمى الآمن يكون الأمر مقبولا، ولكن أن يعرضها كده كما يقولون، فإن الأمر يتحول هنا إلى نكتة سخيفة، لا ينبغى أن تصدر من وزير فى موقع المسئولية، ويمثل حكومة يطاردها غضب شعبى مكتوم ، اعتراضاً على بطء الأداء وتمدد الفساد، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية.
ماقاله وزير الصناعة، ليس له إلا تفسير واحد، وهو أن بعض وزراء حكومة شريف إسماعيل فى «الطراوة» مغيبون، وإن استفاقوا و تحركوا بفعل الحوادث والكوارث والنكبات، تخرج منهم فقط مثل هذه التصريحات التى تسيء لهم قبل الدولة، وتجعل الحكومة أضحوكة فى عيون الشعب.
وإنى كمواطن مصرى أسال السيد الوزير.. على أى حقيقة استندت؟ عندما قارنت بيننا وبين أمريكا ؟ ألا تخجل يارجل ؟ وهل سألت أقل موظف فى وزارتك كم يصرف فى اليوم.. كم يدفع للمواصلات والعيش والفول وإيجار السكن فقط ؟ وهل أجريت مقارنة سريعة بين الحد الأدنى لدخل المواطن المصرى المطحون صباحا ومساء ونظيره الأمريكى؟ وإن لم تتمكن.. هل حسبت يوما كم ينفق بيتك ؟ وكم تكلفة السلع الاساسية والضرورية التى تجعلك تحفظ ماء وجهك أمام أبنائك ؟ وإن فعلت قس عليها كيف يتحملها مواطن لايصل دخله إلى عشر بل واحد فى المئة من دخلك ؟
سيدى الوزير لقد أثبت انك لا تستحق الكرسي الذى تجلس عليه، وأفضل لك ان تتركه بدلا من ان تستمر وانت مغيب، فالشعب يعلم أن اقتصاده فى الحضيض، ولكنه صابر،لأنه يعلم أيضا ان هناك رئيسا لمصر يعمل ليل نهار من اجل الوطن، وأنه يقوم بكل شيء، ويسد ثغرات حكومة ينبغى فورا خلعها، وعدم تجديد الثقة بها.
السيد قابيل، اخرج إلى الناس وقل لهم انك كنت تمزح او بتخفف عنهم وطأة الحياة الضنك التى يعيشونها، صارحهم بالحقيقة، وقل لهم على الأقل ماذا قدمت منذ توليك منصبك وحتى الآن، كم مشكلة قمت بحلها، كم فكرة جديدة من خارج الصندوق أتيت بها ؟ كم عدد المصانع التى استطعت إعادة تشغيلها لتستوعب من جديد العمال المشردين على أرصفة البطالة والضياع ؟
بالطبع لن تجد إجابة حقيقية، وستلجأ مثل كثيرين غيرك إلى الأرقام «الورقية»، وصدقنى لن نغضب ولكن قد تنتابنا حالة غثيان وقرف مما نسمعه من وزراء حكومة بلا رؤية اقتصادية ويقوم بعملها بالنيابة رئيس الجمهورية، فهو الذى يفكر لعلاج خلل الموازنة، وهو الذى يعالج بطء تحرك الوزراء وكسلهم وعدم تحملهم المسئولية تجاه القضايا الجماهيرية وهو الذى يضع أساس المشاريع الكبرى ويتابعها ويحارب لاختصار مدة تنفيذها، وهو... وهو ... يعنى بصراحة كده يفعل كل شيء.. ويتحمل كل شيء.. وأنتم تدمنون التصريحات الوهمية.
أتمنى من البرلمان المصرى وهو قادرـ رغم ما يوجه له من إنتقادات ـ على سحب الثقة من الحكومة الحالية وأن يكون السيد قابيل ورئيس حكومته ومن يسير على نهجه خارج التشكيل الوزارى القادم، فكفاهم استخفافاً بالمصريين.