رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

استوقفني كثيراً ذلك التغيير الذي داهم أفكاري فتركني في حالة اندهاش مغلف بمتعة ربما لم أشعر بها قبل الآن، من اللحظات النادرة أن تجد نفسك موضع دهشة أمام نفسك، ربما لأننا نهدر كثيراً من عمرنا مشغولين بمن حولنا وننسي الآيات القرآنية البديعة التي تحض النفس علي الإمعان في ذاتها «وفي أنفسكم أفلا تتفكرون»، «وفي أنفسكم أفلا تبصرون»، «وفي أنفسكم أفلا يتدبرون».. وهنا شغلت نفسي أكثر في أن أجد إجابة لسؤال سأله لي أحد أصدقائي من فاقدي البصر، سأله وهو يعلم الإجابة مسبقاً لكنني وجدت أن البحث عن رد عند أهل الذكر سيكون له النفع الأكبر عند الكثيرين ممن يحاولون التنقيب عن دلائل موثقة لكل سؤال فليس من المنطقي أن يحرم الإنسان من نعمة التدبر في عظمة الخلق لمجرد أنه لا يبصر أو لا يسمع لأن الإيمان بالله يتخطي الحواس المباشرة كالسمع والبصر والمسألة هنا لا تقف عند حد النظر إلي الخلقة التي خلقنا الله عليها بل إن أمور الإنسان كلها آيات تدل علي عظمة الله جل وعلا.. فكبار الصالحين من مفسري كتاب الله الحكيم قالوا: إن في تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته.

وقال الطبري حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)، وقرأ قول الله تبارك وتعالى وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ قال: وفينا آيات كثيرة، هذا السمع والبصر واللسان والقلب، لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيء هو، إنما هو مضغة في جوفه، يجعل الله فيه العقل، أفيدري أحد ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو.

كنت قد سألت العالمة الجليلة الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة عن القصد من الإبصار في تلك الآيات وطلبت منها أن توضح للناس أن التدبر ليس مشروطاً بالإبصار بمعناه المباشر، فقالت: إن الإبصار هنا يتم بالحاسة الداخلية وليس بالعين وهنا يستطيع من حرم من نعمة الإبصار أن يتدبر عظمة الله في خلقه.

وسألتني الدكتورة آمنة هل نري الله رؤي العين؟.. بالطبع لا لكننا نستشعر وجوده بالحدس لدينا وبعقيدتنا وبالفطرة التي فطرنا الله عليها وفنحن نمعن التفكير في آيات الله المتلوة من كتابه الكريم، نبصرها ونتدبرها سواء الكونية أو الداخلية فينا فنزداد إيماناً وعليه فإن فاقد البصر ليس محروماً من البصيرة واستشعار عظمة الله تعالي في خلقه، وأكد كبار علمائنا أن القصد من أن يبصر الإنسان آيات الله في خلقته يتعدي معني الإبصار بالعين، فالقصد هنا هو البصيرة والإمعان والتدبر والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك وفي أنفسكم أيضاً أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم (أَفَلا تُبْصِرُونَ).

ولقد خصص العالم الدمشقي الجليل الدكتور راتب النابلسي صاحب الشمائل النبوية كتابات واسعة عن دعوة القرآن الكريم للإنسان أن يبصر ذاته أي يمعن التفكير في خلق الله له كأحد أهم دعائم الوصول إلي طريق الله فيقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم فلو شاهدت عيناك من حسننا .. الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا.

ولو سمعت أذناك حسن خطابنا.. خلعت عنك ثياب العجب وجاءتنا

ولو ذقت من طعم المحبة ذرة.. عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا

ولو نسمت من قربنا لك نسمة.. لمت غريباً واشتياقاً لقربنا..