عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

كم أدمي قلبي هذا المنظر المخزي للإنسانية أجمع هروب هذا العدد الضخم من سكان حلب.. البلدة السورية الحبيبة الذي يقترن اسمها بأمجاد العرب والمسلمين في العصر الأموي السالف.. هذه الأعداد الكبيرة الهاربة من جحيم القنابل التى تتساقط على رؤوسها من الطائرات دون وازع من دين أو إنسانية أو خلق أو أي صفة أو نعت لأناس فقدوا كل شىء يميز الإنسان من الحيوان الأعجم... هربت الناس من بلدتهم يحاولون النجاة بحياتهم التى أصبحت رخيصة لا قيمة لها فى سوق التعاسة الذي يتقاتل ويتكالب من أجله الفرق والشيع والتكتلات والنظام وكل ما يمكن أن تسميه... إلا شيئاً واحداً غير موجود فى سوريا الآن... وهو العقل والدين.. آلاف مؤلفة يمشون على أقدامهم.. منهم من يحمل طفله الرضيع ومنهن من تحمل صرة على رأسها هي كل زادها وزوادها بعد أن تركت الديار والوطن لتنجو بنفسها وذويها.. مسافة أكثر من خمسين كيلو متراً فى طريق وعره وفي اجواء شديدة البرودة. تمشيها هذه الجحافل الآدمية إلى حدود تركيا هرباً من النار والدمار الذي يهطل عليهم من سماء بلدتهم الحبيبة حلب... بلا رحمة وبلا دين أو أخلاق أو أي ما يميز الانسانية فى أي صورة لها.. أكثر من مائة ألف إنسان يمشون على أقدامهم في طريق وعرة بأجسامهم الهزيلة وأطفالهم الجوعي ورجالهم المنهكين البائسين ونسائهم الثكلي حتي لو لم يفقدن عزيزاً وشيوخهم البائسة الباكية قلوبهم على ما هم فيه وعلى زمن عاشوه فى منعة وعزة.. وربما إلى غير رجعة... مأساة تتحرك على الأرض فى مشهد يدمي قلب الفاجر فما بالك بقلوب الناس العاديين.. ليس معهم ما يحميهم من برد الجو ولا غدر الليالي والأيام.. ولا بطش الزمان الذي كشًر لهم عن أنيابه دون سبب مقنع من وجهة نظرهم إلا أنهم صاروا وعلى غير ما يتوقعون بين فكي الرحا لصراع دموي على أرضهم بين نظام قاسي فاجر تؤيده قوة عظمي لها مصالح وتضرب بيد طولي من حديد ونار ونيران فتصيب الناس الذي لا حول لهم ولا طول.. وهم فى هروبهم الكبير وزحفهم القاسي يتوجهون إلى دولة جارة مسلمة... إلى حدود تركيا وهم يأملون أن ترق لهم القلوب وتلين لهم الأفئدة.    ويا للآسف بعد رحلة الهروب الصعبة التى لا يمكن لأي أن يصفها كما عاشها وعايشها هؤلاء الهاربون من الجحيم تاركين ديارهم وأمتعتهم ومتاعهم وكل ما يملكون.. وياللآسي والأسف لم يجدوا قلوباً أدمية فى انتظارهم ولم يجدوا بشراً سوياً يعطف عليهم ويفتح لهم قلبه وسياج بلده ليدخلوا ويآمنوا على أنفسهم وأطفالهم وحياتهم جميعاً.. وإنما وجدوا قلوباً صًماء قدًت من حجارة... بل هي أشد من الحجارة قسوة.. لم يفتحوا لهم الأبواب ليلوذوا بالأمن والأمان وربما الدفئ والمآوي والغذاء والذي افتقدوهم منذ هربوا من بلدتهم الجميلة (سابقاً) حلب متجهين صوب حدود تركيا المسلمة..

       ماذا أقول ؟ أعجز عن أن أصف مشاعري الثكلي ودمعات عيني التى تبلل الورق الذي أكتب عليه.. انتقى الأتراك عدد ألفين فقط من هذه الحشود الهاربة من الجحيم وفتحوا لهم الأبواب... لأنهم من فئة تهمهم وهم الكردستان. يا أيها الناس ويا أيها البشر.. يا أيها المسئولون الذي ابتلي بكم الزمان الغث الذي نعيشه.. كلنا لآدم.. وآدم من تراب.. أتقوا الله فيمن ابتلوا بكم وبما تصنعون.. ويا ضمير العالم الذي طالت إجازته وغيبوبته.. هل يمكن أن تصحوا من نومك الطويل وتنظر إلى حلب؟ وشعب حلب الهارب من الجحيم إلى... لاظل ... لا طعام.. لا مآوي.. لا أمان.