عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا أحد يستطيع إنكار أن الولايات المتّحدة قلقة من التوتّر المُتسارِع بين «إيران» و«السعوديّة» وخاصة أن «البيت الأبيض» يرى انعكاس ذلك سلبياً في «سوريا» وفي «اليمن» وربّما في محاور أُخرى. وخاصة أن امريكا قبل أحداث «الربيع العربي» كانت تعتبر حلفاءها في الدول العربيّة دولا مُستقِرّة، وبالتالى أحدثت أمريكا بعده تغييراً في موقفها تجاه معظم تلك الدول وعلى الأخص السعودية؛ وثمة تعديلات قادمة لدول أخرى.

 وإذا كان الرئيس «أوباما» أكد أنّ الولايات المتّحدة تقف مع «السعوديّة» ودول الخليج فيما يتعلّق بأمنها الخارجي، وبمعنى إدق ضدّ أيّ هجوم من «إيران» أو أيّة دولة أُخرى؛ إلا أنه قال أنّه ليس لأمريكا علاقة بالشئون الداخليّة.. وأعتقد أن تعليق «فورِن بوليسي» خير تفسير لذلك حيث تقول: «حان وقت قلق أمريكا من انهيار النظام السعودي».

ومايؤكد تلك الرؤى اتجاه أمريكى جهة آسيا بعد الاكتشافات النفطيّة، وبالتالى هناك بديل عن النفط الخليجي، وعامة الرئيس «أوباما يتعامل في الشرق الأوسط باسلوب الفكر الكسنجري – المترنيخي أي فكر الحِفاظ على حدّ أدنى من توازن القوى بين عواصِم أيّة منطقة من مناطق العالم كما فعل «كسينجر» وكما فعل «مترنيخ» في أوروبا، لأنّه يعتبر أنّ مثل هذه المُقاربة تُبقي على الدولة العُظمى في موقع الحَكَم القادر على التدخل فى آى وقت لضبط إيقاع السياسات في أيّ مكان،  وبالتالى فهى تريد التقارب وإحداث تحالُف جدّي مع «إيران» إلى جانب علاقتها مع السعودية، وخاصة أن هناك من يرى الانفتاح الأمريكي على «إيران» قد يكون الهدف منه تشجيع الإصلاحيين وخلق بيئة جديدة في «إيران» تكون أكثر انفتاحاً وأكثر مُصالحةً مع الغرب، والانتخابات القريبة جداً في «إيران» ستبيّن هلّ سيكون للإصلاحيين دور فعلي أو سيستمر التشدد أو المُحافظون.

ومع كل هذا يجب ألا ننسى النشاط القوي للوبي الإيراني في أمريكا وفي الغرب، وهذا النشاط من خلال الـ Think Tanks ومن خلال مؤسسات فكر وجامعات، وهناك تغلغل واضح للايرانيين وسط صانعى القرار الأمريكى، ففي الولايات المتّحدة وصلوا لأن يكونوا مُستشارين في الأمن القومي وفي إدارة «أوباما».. واللوبي الإيراني فعال للغاية وكان يُموّل من كلّ دفعة من دفعات المُفاوضات الإيرانية الأمريكية، وقيل إن 25 في المئة من المليارات المحررة من الأموال وُظِّفت في الغرب؛ وفي الولايات المتّحدة من أجل التأثير على السياسة العامّة، وهذا المال يُصرَف بشكلٍ ذكيّ مع المؤسسات معروفة بـ Washington Institute.. والواقع يقول إن أمريكا ستعيد تجربتها السابقة مع العراق وإيران مع السعودية الأن، فأمريكا عندما كانت ترى أنّ الميزان ارتفع لصالِح «إيران» كانت تدعم «العراق»، وعندما يرتفع الميزان لصالِح «العراق» تدعم «إيران». كانت تلعب هذه اللعبة المزدوجة لأنّها لا تُريد أن تكون هناك دولة بعيدة عن سيطرتها.

وربما يكون التقارب مع ايران عقابا للسعودية، فقرار «عاصفة الحزم» لم تُستَشَر فيه الولايات المتّحدة، وعلِمت قبلها بساعة واحدة فقط ؛ وهذا أخاف «إسرائيل»، لأنّ «السعوديّة» قامت بتحالُف عربي وإسلامي وإلى آخر لحظة كانت أمريكا ترى أنّ هذا خطأ وأنّ هذا تسرُّع وأنّ الأمور يُمكن أن تُحلّ بطرقٍ أُخرى، والأُمم المتّحدة قادرة على الحلّ، لكن «السعوديّة وصلت إلى قناعة أنّه يجب أن نأخذ هذه المُبادرة وأخذت المُبادرة ونفّذتها.. أمريكا قدّمت ضمانات جدّية للسعوديّة في موضوع الملفّ النووي الإيراني، وعدّدت تقريباً 11 نقطة من الاتّفاق.

والواقع يقول: إن 30 في المئة من تجارة النفط البحريّة تمرّ عبر الخليج وبالتالى أمريكا تريد إدارة التوازن بين إعادة دمج «إيران» والاحتفاظ بالقدرة على تقييدها، ومن المفيد لأمريكا أن تعمل على رعاية حوار بين «إيران» ودول الخليج للتخفيف من السلوك الإيراني الذي قد يزداد عدائية استناداً إلى الحماسة الأيديولوجية والردع الاستراتيجي، فالحوار يُطمئِن دول الخليج إلى احتياجاتها الأمنيّة ويفتح آفاق حلول لقضايا خلافيّة مثل «سوريا» و«العراق» و«اليمن», ولكن علينا أن نعلم أن دول الخليج غير مُقتنعة كثيراً بالتطمينات الأمريكية تجاه أمنها، لذا فإنّها تنتهِج مساراً مزدوجاً في الحصول على التزامات أمريكية في الوقت الذي تسعى الى ضمان استقرارها, وعامة هناك من يرى أن «طهران» تسعى الى الانخراط في الدول الخليجية الأصغر للوقيعة بينها وبين المملكة العربيّة السعوديّة مع جسّ نبض النُخبة الحاكمة في «السعوديّة».

الإدارة الأمريكية الحالية، ركّزت فى علاقتها مع «إيران» على إزالة حال الحرب والوصول إلى هدنة، وإزالة خطر السلاح النووي الإيراني. وإذا أتت الرئيسة «هيلاري كلينتون» لا شكّ أنها ستبقي على الاتّفاق النووي الأمريكي الإيراني فهي واقعيّة وتعرِف أنّ العلاقات الأمريكيّة الإيرانيّة من الصعب أن تتطوّر كثيراً أبعد من موقف هدنة أو موقف تطبيع فاتر أو بارِد، وتعرِف أنّ العلاقات الاستراتيجية أو التحالفات تبقى الأساسية هي مع دول الخليج ومع «مصر» ومع «إسرائيل» في طرفٍ آخر، وتعرِف أنّ «إيران» عملياً مُرتاحة أكثر مع التحالف مع «روسيا» وربّما بدعم من «الصين»، وهذا أمر مقبول في العلاقات الدوليّة. أمّا إذا أتى «دونالد ترامب»، فمن الصعب التكهّن تماماً ماذا ستكون سياساته رغم أن القرار فى أمريكا مؤسسى، ربّما يعرِف ترامب كيف يؤجِج الرأي العام الأمريكي لأساليب انتخابيّة، ولكنه لايستطيع سوى الانسياق تحت طائلة المصلحة الأمريكية.. وفى النهاية ستظل أمريكا تعدل فى الثقل الموجود فى كفتى الميزان بين السعودية وإيران حسبما تتطلب المصلحة الامريكية، فلا صوت يعلو فوق صوت المصلحة الأمريكية.