رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

اقترحت عليّ إحدي صديقاتي أن ننظر للحياة بشكل مختلف، وقالت: إن لديها خطة جديدة للتعايش السلمي مع كل من حولها.

قالت: استيقظت في الصباح بإرادتي دون أن يصرخ في أذني «المنبه» وقدمت لأبنائي وجبة إفطار بسيطة، أبنائي يبتسمون في وجهي ويطبع كل منهم قبلة علي رأسي، وبعد أن انتهوا من طعامهم قالوا «تسلم إيديكي يا ماما».

طلبت من زوجي مصروف البيت.. لم يغضب.. لم يدخل أية تعديلات علي قائمة طلبات الأولاد ثم إنه لم يحتد علي ولم يقل «ارحموني بقي.. خلو عندكم دم»، ثم إنه لم يوجه لي أي انتقاد بخصوص زيادة وزني.. ولم ينظر لي بـ «قرف» أبداً.. أكلت باكو شيكولاته من النوع الذي أعشقه باستمتاع رهيب.. فلم ترتفع نسبة السكر في دمي.. لم يزغ بصري.. ولم أشعر بالدنيا تلف وتدور من حولي.. أبداً.

وقفت في المحطة انتظر الميكروباص، ركبت بعد أن أفسح لي الرجال الطريق لأنني «ست» لم ينخلع قلبي من بين ضلوعي وهو يسير بسرعة جنونية.. ثم إنه عاملني بمنتهي الأدب وأنا أطلب منه الانتظار حتي أنزل بمساعدة «عكازي».. الذي لم يتضرر منه الركاب.. ولم أسمع أحدهم يقول «بتنزل ليه من بيتها طالما تعبانة».

وصلت عملي.. كانت شبكة «النت» شغالة فلم أتوتر وصوت رئيسي في العمل لا يستعجلني.. وكل زميلاتي يعملن في هدوء تام.. المناخ كله يساعد علي الإنجاز وكل واحد في حاله تماماً وحصلت علي راتبي كاملاً دون خصومات تأخير ولا أي شيء!

قبل أن أعود لبيتي نزلت إلي السوق فوجدت الأسعار في متناول ميزانيتي بـ «الضبط» وأمكنني أن احتفظ بشيء للطوارئ!

بائع الخضراوات في منتهي الذوق لم ينتزع كيس الخضار من يدي ولم يلقه علي طول يديه وهو يقول «مش عاجبك سيبيه.. أنتوا وش الحاجات دي».

عدت إلي البيت فوجدته نظيفاً منظماً «علي الآخر» وأبنائي يذاكرون دروسهم بـ «ضمير وإحساس»، شديد جداً، أحدهم ليس ممسكاً بـ «تابلت» أو فاتحاً «لاب» ولم أضبط أياً منهم «يدردش علي الشات».

لم يفزعني جرس التليفون الأرضي وأنا لم أكد أرح «جسدي» المحتفظ بنشاطه وحيويته، لم يأتني صوت أبي من آخر محافظات مصر الحدودية.. غاضباً.. ولا شاكياً.. أحوال أختي التي هجرت بيت زوجها وهجمت عليه بأولادها الخمسة، ولا أخي الذي وصله تواً خطاب فصله بعد انقطاعه عن العمل.. لم يقصد يوماً ازعاجي ولم يحملني ما لا طاقة لي به.. كان حريصاً أن يسأل عن أولادي وعن صحتي وأحوالي.. ثم إنه تجنب تماماً العبارة التي تفقدني صوابي في آخر كل مكالمة «لسه فاكرة أن ليكي أب».

في نهاية اليوم نام جميع من في البيت بسلام.

لم أتناول أي نوع من المهدئات التي سبق وحذرني الطبيب من إدمانها.. لم أحتس فنجان قهوة سادة في عز الليل.. أعلم أنه يأكل جدران معدتي ويلهب حنجرتي.. لم أبك علي حالي.. أبداً.. أبداً.

قالت صديقتي: تعالي ننكر كل ما يضايقنا ونتجاهل كل ما يؤلمنا.. تعالي نكذب علي أنفسنا «كدبة بيضا».. يمكن نشوف الدنيا يوم حلو.. ويوم أحلي.