عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يقدم لنا الطبيب والممثل طارق مندور في كتابه (محاكمة الضمير الوطني) صورة صادقة لأجواء مصر في الثلاثينيات والأربعينيات, من تعليم متميز وقضاء شامخ وحرية دينية وصحفية واقتصاد متماسك. يستقيل مندور من الجامعة ليتفرغ لمسئولية رئاسة تحرير جريدة المصري المعبرة عن سياسات حزب الوفد حزب الشعب والوطنية المصرية (ونحن الآن نري من يجمع بين 4 وظائف في نفس الوقت!)

يمنع مقال لمندور فينشره في جريدة الأهرام فيفصله محمود أبو الفتح من العمل, فيرسل خطابا بليغا لمعالي رئيس الوزراء مصطفي النحاس, ويحكم له القضاء بتعويض خمسة آلاف جنيه, من أبو الفتح صاحب الجريدة ويقول مندور عن التعويض إنها الوديعة التي أمنت حياته وأعانته علي تربية أولاده الكثر بعد استقالته من الجامعة! ولنا أن نتخيل القوة الشرائية للجنية المصري وقتها وعزته وكرامته المصرفية!

 يثير مندور قضية حرية تغيير الديانة, وتتعجب من المناخ الصحي فشيوخ الأزهر والأوقاف يقفون موقفا مؤيدا لحرية الاعتقاد مستندين لآيات القرآن الكريم بأنه لا إكراه في الدين, وأن حرية الاعتقاد من الحقوق الدستورية المستقرة, يفضح مندور الصحافة الصفراء ويشرح أنها تقوم على ثلاثة عناصر:

1- الفتنة السياسية

2- التهريج الديماجوجي

3- إثارة الغرائز

ثم يرفع قضية علي أخبار اليوم بسبب أخبار كاذبة طالت سمعته واتهمته بالباطل بالعمالة والخيانة والشيوعية وغيرها, فيجرد القضاء التوأم من حصانتهما البرلمانية وتحقق معهما النيابة, ويحكم بتعويض مادي للأديب د. محمد مندور, ثم لا تقوم أخبار اليوم بنشر منطوق الحكم فيقوم مندور بمقاضاتها وينتصر مجددا , ثم ينادي بفرض الضرائب التصاعدية شارحا (أنت إذا استقطعت من رجل إيراده السنوي عشرة جنيهات جنيها واحدا أشعرته بحرمان لا يحسه رجل آخر دخله مليون جنيه تستقطع منه نصف مليون ,لأن ما تبقي له فيه الكفاية ليحيا حياة مسرفة البذخ).

ويؤكد مندور أن صدقي باشا يرفض الضرائب التصاعدية (لأنه لا يقبل دفع ضرائب جديدة ويفضل علي ذلك عقد قروض تمكنه هو وأمثاله من استغلال أموالهم المكدسة بالبنوك وهذا الاستغلال سيكون من دماء الشعب لأن الدولة هي التي ستدفع لهم أرباح قروضهم), ثم ينتقد مندور فكرة مكرم باشا ببيع أملاك الدولة! ويشرح أصل الثروة فيقول: (يعلم الجميع أن كثيرا من الملكيات الكبيرة لا تستند إلي سند مشروع, فقد أعطيت ضياع ومنحت إقطاعيات يوم كان والي مصر يمتلك جميع الأراضي) ويهتم رئيس الوزراء بمقاله فيقوم بنشر مقال يرد فيه عليه! (تري كم رئيس وزراء فعل ذلك من الأربعينات؟) يفضح مندور قتل الإنجليز للمتظاهرين وادعاء حكومة صدقي بأن هناك دهماء وأيادي خفية اندسوا لتخريب المظاهرات! ويرفض استخدام كلمة الدهماء (الطرف الثالث حاضر من الأربعينات!).

 ينتقد مندور وزير الدفاع في قضية مطار المنيا ويوضح أن نقل المطار سيتسبب في إهدار للمال العام , فتتم مقاضاة مندور, ثم ينصفه القضاء مجددا, كان مندور أول من نادي وأسس لقيام المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا, كان متوقعا أن تتسق أفكار مندور مع شعارات ثورة يوليو عن العدالة الاجتماعية, ولكن للأسف تم إقصاء مندور بعد 52 وعزله تدريجيا, فلم يكن غريبا أن يودعنا في عام 1965.

 

 

خبير إعلامي

[email protected]