عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

الخيانةُ الوطنية نوعان، الأول هو الخيانة الجنائية وتشمل جرائم الإضرار بالدولة والمؤثمة بنصوص الباب الأول من الكتاب الثانى لقانون العقوبات والتى تندرج تحت وصف التخابر أو المساس باستقلال البلاد أو الإضرار بمصالحها العليا وغيرها من الأوصاف. أما النوع الثانى فهو الخيانة السياسية التى تتخذ أنماطاً قد لا يستطيل إليها القانون ونصوص العقوبات، وهى فى حقيقتها لا تقل خطراً على الوطن من النوع الأول.

فالخيانةُ السياسيةُ باختصارٍ هى كلُ قولٍ أو فعلٍ يصدر تحت سترٍ قانونى أو فى شكلٍ ظاهرٍ مشروع، ولكنه يؤدى أو قد يؤدى فى الحال أو المستقبل إلى الاضرار بالمصالح العليا للوطن أوالتأثير على أمنه وسلامته واستقراره، مع علم مقترف هذا القول أو الفعل لتوابعه وتداعياته. ومن أمثلة ذلك انتهاج المسئول أو تبنيه لمنهجٍ فكرى أو عملى بدعوى أنه المنهج الأفضل للاصلاح المجتمعى، فى حين أنه يدرك بحكم موقعه وظروف الواقع أنه منهجٌ يؤدى إلى الهدم بأكثر ما يؤدى إلى البناء، وأن سوءاته تفوق بكثيرٍ مزاياه وهو ما تظهره النتائج على المدى القصير أو البعيد. أما المثال الصارخ على تلك الخيانة السياسية والذى بات منتشراً على الساحة المصرية وأصبح يشكل خطراً داهماً على الوطن فى هذه المرحلة التاريخية الدقيقة التى يجتازها، فهو ما يمكن اجماله فى المحاور الآتية:

(1) انزلاق البعض واعتياده وتعمده فى أحيانٍ أُخرى، على إطلاق آراءٍ وافكارٍ تتعارض مع قيم المجتمع المصرى وتقاليده وموروثه الثقافى الأصيل، بدعوى حرية الرأى وحق الابداع، حتى أصبح المنكرُ حلالاً والرذيلةُ فناً والسبابُ لغةً والتطاولُ شجاعةً والبغيضُ تحديثاً والشاردُ تجديداً، بل ووصل الأمر بهذا البعض إلى حد الضرب الغاشم فى أصول العقيدة الدينية والتشكيك المغرض فى علم واخلاص رموز السلف الصالح، وذلك تحت ظل شعارات الفكر والابداع وتجديد الخطاب الدينى، وهى شعارات كالحرية صار كثيرٌ من الجرائم يُرتكب باسمها، وهو الأمر الذى يؤدى حتماً إلى خلخلة وجدان الشعوب وانهيار عمودها الفقرى. ويأتى فى ذات السياق تلك الآراء التى قد تكون صحيحةً ولكن طرحها فى هذا التوقيت وفى ظل الظروف الاستثنائية الصعبة التى تحيط بالوطن يمكن أن يؤدى إلى اشاعة البلبلة واثارة الفرقة بما يؤثر على قوة وصلابة الجبهة الداخلية التى تُعد الركيزة الأولى والأساسية للدولة المصرية فى حربها المقدسة دفاعاً عن وجودها.

(2) طرح توافه الأمور كموضوعاتٍ للمناقشة العامة وتناولها باستفاضةٍ سخيفةٍ عبر وسائل الاعلام المتنوعة، وهو ما يؤدى إلى تسطيح الفكر الجمعى وتقزيم الحمية الشعبية فى المواجهة والتحدى لكل ما يحدق بالوطن من مخاطر جسيمةٍ، وصرف الوعى الوطنى عن حالة الحرب الحقيقية التى يخوضها الوطن. وكمثالٍ يثير الغثيان فى هذا الإطار كان بث حلقة لأكثر من ساعة من احدى القنوات الفضائية عن ساقطةٍ ارتكبت جرائم خدش الحياء العام والتحريض على الفسق عبر وسائل التواصل الاجتماعى تحت زعم العمل الفنى، ودار الجدل العقيم فى الموضوع رغم أنه حُسمَ قضائياً وانتهى. وقناةٌ رياضيةٌ أخرى كان ضيفها لاعب كرةٍ شهيرا للتعليق على احدى المباريات، فراح مذيع القناه يتغزل لمدة ثلث ساعة فى فورمة شعر اللاعب ويمتدح اسم الحلاق الذى ابتكرها، فبالله عليكم ما الذى يعود على الأمة من طرح مثل تلك الموضوعات وماالباعث الحقيقى لطرحها؟

(3) اعتياد البعض معارضة أى شىءٍ لمجرد صدوره عن الدولة، والتلذذ باصطياد أو اصطناع أخطاءٍ لها والتغافل عن ايجابياتها بل وانكارها أو التشكيك فى مصداقيتها، وذلك من منطلقٍ نفسىٍ مريض يجسد لصاحبه مقولة «أنا أعارض إذن أنا موجود» أو مقولة «خالف تُعرف»، وهو منطلقٌ يهوى بصاحبه دون أن يدرى إلى هوة الخيانة السياسية.

إن ما أتحدث عنه اليوم هو جزءٌ من ظاهرةٍ خطيرة أتمنى أن ينتبه إليها أهل النخبة من الرموز السياسية والمثقفين والمفكرين وأصحاب الخطاب العام ورجال الاعلام وغيرهم، لما لها من أثرٍ مباشر على أمن الوطن واستقراره وسلامة كيانه الانسانى.

على جانبٍ آخر فإننى أُناشد السيد الرئيس ألّا تأخذه رأفةٌ أو هوادة فى مواجهة هذه الظاهرة بكل السُبل القانونية والسياسية قبل أن تستفحل فتصير أمراً مألوفاً فى وقتٍ يجب ألّا يعلو فيه صوتٌ فوق صوتِ المعركة، وألّا يثنيه عن ذلك أى اعتبارٍ لأنه يقود بإجماعٍ شعبى دولةً مصريةً عربيةً إسلاميةً عريقة، وهو يُمثل هذه الهوية بكل عناصرها.

حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل..

 

[email protected]