رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

من نقطة الأصل

الناظر إلى التعليم بين العصرين الليبرالى والديكتاتورى يرى علامات تعجب كثيرة واستفهام عديدة حينما يستعصى عليه فهم المقلوب الذى يراه البعض معدولاً أو معتدلاً والمعكوس فى ثياب عكسه!.. أعتقد أن أحداً لا يستطيع أن ينكر أن أهم أسباب تراجع التعليم بمصر وانحداره بعجلة تقصيرية متسارعة حتى وصل إلى ما هو فيه وعليه الآن، إنما يرجع إلى أحداث 23/7/1952 حينما سطت مجموعة من الأشاوس على السلطة والشرعية.. قلبت الحقائق وعكست الموازين ونفت التعددية وألغت الحزبية وأسقطتها كلها فى أتون المفاهيم الماركسية والاشتراكية العلمية، فكانت النتيجة النجاح للجميع والتفوق للجميع -بالتقسيط!- وفى الثانوية العامة يكفى الحصول على 40% من المجموع الكلى مع السماح بالرسوب فى مادتين ليكون ناجحاً فيها مخترقاً بها الجامعات!!.. كان هذا قراراً وفكراً من الأشاوس العلماء!..ثم جاء كبيرهم ليسخر علناً من أساتذة كليات الزراعة، وعن رسائل دكتوراه فى الذبابة أو جناحها!؟..حتى وصلت به السخرية منهم والعلو عليهم بأن حاربهم علانية فى حقهم فى إبداء آرائهم والتعبير عن توجهاتهم... فعندما تجرأ أ.د محمود القاضى ورشح نفسه فى مواجهة والد أحد الثوار الأشاوس وكانت النتيجة فى الانتخابات عن دائرة بنها -على ما أتذكر- كان نصيبه الإعفاء من منصبه بالجامعة وعدم تعيينه فى أى جامعة أخرى، وعندما اعترض آخر رد الملهم بقوله: هذه قراراتنا وأوامرنا ومن لا يعجبه فليحمل عصاه على كاهله ويرحل؟!.. وكيف لا وقد ظنوا أنهم استولوا على الشعب، والدولة ملكية خاصة لهم من دون الناس!

بعد تمكنهم من الاستيلاء على كل مقدرات الأمة!.. أرضاً وشعباً وحكومة.. غنى عن أى بيان القول إن كل شىء فى العهد الليبرالى كان شديد الانضباط ومحدداً بكل دقة فى جميع مرافق ومؤسسات ومصالح الدولة.. كانت هناك كليات تابعة للجامعات وأخريات تابعة للوزارات ومعاهد عليا ومدارس متوسطة فنية زراعية وصناعية وتجارية.. الماجستير والدكتوراه لم يكن يتطلع إليها إلا أصحاب درجات الشرف والتميز فى الدرجة الجامعية الأولى!.. وما كانت لتمنح إلا لخريجى كليات الجامعات.. والجامعات لم تكن تنشأ بلا ضوابط ولا بقرارات عنترية برغم انعدام البنية الأساسية لها.. كانت الجامعات لا تنشأ بقرار أو مزاج رأس الدولة.. فؤاد.. فاروق.. إبراهيم باشا.. محمد على.. كان على رأس الجامعات والبحث العلمى وكل أجهزة التعليم أ.د طه باشا حسين- أ.د. محمد حسين هيكل أ.د. عبدالرزاق السنهورى باشا وآخرون من عظماء الفكر والسياسة والعلوم.. ولما هل علينا أشاوس يوليو، وكلهم باستثناء محمد نجيب من صغار الضباط.. حفنة من صغار الضباط! عينوا أحدهم الصاغ فلان ليكون على رأس وزارة التعليم والمجلس الأعلى للجامعات ومراكز البحث العلمى.. هذا الضابط دخلت دفعته الكلية الحربية فى ظروف استثنائية بشهادة الثقافة العامة وهى تقل سنة عن الشهادة التوجيهية!.. وأتحفونا بعد ذلك بدون دراسة مستفيضة متأنية من المختصين وقتها بمعاهد صناعية مدة الرئاسة بها ثلاث سنوات وسنة تدريب بالخارج ومعاهد أخرى زراعية وتجارية تحت مسميات عديدة حتى وصلت إلى كليات بالمراكز بلا مقومات أساسية حقيقية تلبية لعنتريات سياسية لنواب الحزب الحاكم!.. نعم كان للجامعات قامة وهامة وحرم ولا يلجها إلا الأكفاء من الطلبة والطالبات بصرف النظر عن مواقعهم من الغنى أو الفقر، وكان المتفوقون معفين من المصاريف وكل أنواع الرسوم، كما كان يشرفون بمقابلة رأس الدولة وتسليمهم شهادات التقدير وحثهم على مواصلة التقدم موقعة منه شخصياً..الشهادات الجامعية كان يمهرها الرئيس الأعلى للجامعات أما التعليم الأزهرى فكان يعتمد شهادات كلياته -العالمية- رأس الدولة شخصياً تكريماً واعترافاً منه والدولة بسمو مكانة الدين وعلمائه.. كانت كل دول العالم عامة والمتقدمة منها بخاصة يعترفون بالدرجات العلمية الممنوحة من جامعاتنا وتمنحهم فرصة الالتحاق بجامعاتها للدرجات الأعلى دون أى معادلة!

بعكس ما انعكس عليه وانتكس به الحال بعد حركة الأشاوس غير المباركة! حتى وصل بنا الأمر لتفضيل الأطباء الحاصلين على الزمالة البريطانية أو من الولايات المتحدة الأمريكية على حملة الدكتوراه المصرية فى الطب والجراحة ومنها وبكل أسف بعض الدول العربية!.. وأخيراً وليس آخراً وعلى نفس السياق السابق ذكره.. لعلى لا أعرف فلسفة أن تمنح كليات الفنون درجات الماجستير والدكتوراه!!.. دكتوراه فى الرسم أو الموسيقى أو الغناء.. كيف، ولماذا؟.. الفن إبداع مواهب لا يقل عن إبداع العلم إن لم يزد عليه.. ثم ماذا ولماذا آل الأمر إلى إضراب واعتصام حملة ماجستير ودكتوراه استجداء للتعيين والوظيفة.. شىء مخجل تماماً.. وعند هذا الحد والنقطة لا أزيد ولا أطيل ولا أريد، فالحقيقة وبيلة والكارثة ثقيلة!