رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

تم إقرار مجانية التعليم حتى المرحلة الثانوية عام 1943 بعد جهد مشترك لطه حسين ووزير المعارف أحمد نجيب باشا الهلالي, ثم اشترط طه حسين ليتولي وزارة المعارف فيما بعد, أن يتم إدراج المرحلة الثانوية في المجانية ووافق النحاس باشا عام 1950 وكتب له حسين فقرة في خطابه تناولت أهمية التعليم وأكدت علي خطة حكومة النحاس للتوسع في المجانية حتى تصل للمجانية الشاملة تحقيقا لتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون تفريق.

وكان لطه حسين فضل إدخال التغذية المجانية واليوم الدراسي الكامل, واستقدام مدرسين فرنسيين وإنجليز للتدريس مجانا لكل التلاميذ دون تفريق, ثم أدخلت ثورة يوليو التعليم الجامعي فقط للمجانية، ويطالب البعض الآن بإلغاء المجانية بدعوي تطوير التعليم! ونسمع هذا من أناس وصلوا لأعلي المناصب وأصبح بعضهم أعضاء في البرلمان بفضل مجانية التعليم, ولكن السؤال المهم هو هل لدينا مجانية تعليم بالفعل؟ لقد شهدت فترة حكم مبارك تجريفا متعمدا للمدارس الحكومية, واستخفافا بقيمة المعلم، وبعد أن كان راتب المدرس حتى نهاية السبعينيات يوازي من حيث القوة الشرائية 5 آلاف جنيه، أصبح أعلي راتب لمدرس اليوم لا يصل لنصف الحد الأدنى للأجور!

وتواصل تحميل الأسر البسيطة والمتوسطة أعباء إضافية من مصاريف لكتب مدرسية, وتبرعات وأنشطة ودروس خصوصية إذا أرادت الأسر تعليما وتحصيلا بالتلقين لأولادها وضمانا مدفوع الأجر في صورة رشوة لنجاح التلميذ وانتقاله لسنة أخري! وهل المصاريف الجامعية التي تصل لعشرة آلاف جنيه سنويا في بعض الكليات الحكومية تعد مجانية ؟ تعرض ملف التعليم لمؤامرة محكمة أيام مبارك تهدف لخلق جيل جاهل ومجتمع استهلاكي مطيع مما يحقق أهدافاً عولمية استغلالية تصب في مصلحة مجتمعات أخري, إن الفصول التي تكتظ بأكثر من 90 تلميذا في بعض المحافظات و40 تلميذا في أحسن الأحوال مع سوء التهوية والإضاءة وغياب معاملات الأمان ومع مناهج بالية لم يطرأ عليها إلا إعادة الطباعة كل عام لتحصيل ملايين أو مليارات الجنيهات من جيوب أسر فقيرة ومتوسطة, وكأن جدول الضرب ونظرية فيثاغورث تتغير كل عام!

 إن احتقار وإفقار المدرس والسخرية منه ورفع القدسية عنه أوصلتنا إلي أجيال من المدرسين غير المؤهلين أصلا للعملية التعليمية، وفاقد الشىء لا يعطيه! ثم أن الفجوة بين التعليم وسوق العمل تخلق إحباطا ونزعا للحافز التعليمي, فعندما تسمع الأجيال الناشئة تصريحا لرئيس الوزراء السابق محلب بأنه لا توجد تعيينات في الحكومة وأن علي خريجي الجامعات أن يعملوا سائقي توك تك! فإن أي رب أسرة سيفكر أصلا في جدوى إرسال أطفاله للتعليم, وأي تلميذ سيفقد الحافز للتعلم والنجاح رغم أن التعليم إلزاميا وليس اختياريا! وأنه حق مكفول من الدولة ومجانيا للجميع دون تفريق، كما ينص الدستور، أن تنوع المدارس بين حكومية وتجريبية وخاصة لغات ودولية وتعليم فني وأزهري وغيرها يخلق أيضا تشتتا تعليميا، ووجود طبقية تعليمية وتمييزا ولخبطة مجتمعية مفسدة.

إن ملف التعليم هو أمل مصر للحاق بالأمم المتقدمة بعد أن أصبحنا في ذيل القائمة الدولية تعليميا. إن دولا كفرنسا وأمريكا وغيرهما تمتد المجانية فيها حتى المرحلة الجامعية، وأوباما الذي وصل لمنصب رئيس الجمهورية بفضل مجانية التعليم, فرض ضرائب مضاعفة علي الأثرياء لتحقيق منظومتي التعليم والتأمين الصحي المجانيتين. إن إلغاء المجانية وعدم إصلاح المنظومة التعليمية سيؤديان لانخفاض عدد التلاميذ ومن ثم إلي إلغاء التعليم نفسه.

خبير إعلامي

[email protected]