رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

< تركيا="" تستنجد="" بـ«الناتو»="" بعد="" إسقاط="" الطائرة="" الروسية..="" وأوروبا="" تتخلي ="" عنها="" وتطالب="" بحوار="" بين="" موسكو="">

أن تكون أمريكا في خدمة إسرائيل والصهيونية العالمية.. فهذا أمر طبيعي ولا يدعو إلي الاستغراب.. لأن اللوبي الصهيوني تغلغل وتمكن من السيطرة علي صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية.. كما ان أمريكا كدولة تعتبر إسرائيل ولاية أمريكية.. وفي سبيل ذلك تسعي واشنطن إلي تفوق تل أبيب عسكرياً واقتصادياً علي كل جاراتها العرب.. تمدها ببلايين الدولارات وبأحدث ما تنتجه مصانع الأسلحة من المعدات المتطورة بدون مقابل.. وأمريكا تعلن ذلك ليل نهار دون إخفاء أو مواربة.

أما أن تكون تركيا الدولة الإسلامية التي صدعت رؤوسنا بالدفاع عن فلسطين وشعبها هي التي تعمل لخدمة إسرائيل والصهيونية العالمية.. فهذا ما يدعو إلي الاستغراب والدهشة.

كلنا يذكر ذلك المشهد البطولي الذي سجله «أردوغان» عندما عنف «شيمون بيريز» واتهم إسرائيل بالعدوان الغاشم علي الفلسطينيين وقتل الأطفال.. ثم انسحب من الندوة التي عقدت في أحد المنتديات العالمية كان يحضره ويشارك فيه الرئيس الإسرائيلي «شيمون بيريز».. وقتها قامت الدنيا ولم تقعد.. وأشاد العرب بموقف «أردوغان» البطولي وتوبيخه للرئيس الإسرائيلي.. وهو ما لم يفعله زعيم عربي أو حتي مسئول عربي.

لم يدرك أحد وقتها.. ان التمثيلية التي حاكها «أردوغان» كان هدفها هو السيطرة علي عقول وقلوب الشعوب العربية.. تمهيداً لتحقيق مصالح اقتصادية لتركيا.. يعقبها غزو فكري لتحقيق حلمه في عودة الامبراطورية العثمانية القديمة في المنطقة العربية.. بعد فشل تركيا في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي.

ولم يدرك أحد وقتها أيضاً.. ان حجم التجارة بين تركيا وإسرائيل يفوق 10 مليارات دولار سنوياً.. وأن التعاون العسكري بينهما يفوق كل تصور.. بل يصل إلي حد التحالف المشترك.. فتركيا تستورد السلاح من إسرائيل بمليارات الدولارات.. وأن هناك تعاوناً عسكرياً بين البلدين يتمثل في اجراء مناورات عسكرية مشتركة.

ثم تكشف الأيام والأحداث.. حجم الكراهية التي يكنها «أردوغان- تركيا» لسوريا الجار المسلم.. وهي كراهية تفوق كراهية إسرائيل لسوريا وجيشها.. فعندما قامت الثورة في سوريا ضد نظام بشار الأسد.. كان «أردوغان» هو داعمها الأول.. بل ساهم بقدر كبير في صناعة «داعش» و«جبهة النصرة» مولهما بالسلاح لإسقاط بشار الأسد وتفكيك الجيش السوري وانهيار الدولة السورية.. وهو هدف سعت إسرائيل منذ انشائها في 1948 إلي تحقيقه ولكنها فشلت.. وها هو الوغد التركي يحقق الحلم الإسرائيلي الذي طال انتظاره.

لقد أثبتت الوقائع والتقارير الاستخباراتية.. ان تركيا تشتري من تنظيم «داعش» الإرهابي البترول المسروق من العراق وسوريا.. مقابل 5 دولارات للبرميل.. بينما هي تقوم ببيعه بـ40 دولاراً للبرميل.. وفي المقابل تمد تركيا «داعش» بما يلزمه من السلاح.. وتحولت تركيا إلي محطة ترانزيت لتجميع المتطرفين القادمين من أوروبا والدول العربية الذين يرغبون في الانضمام إلي التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.. بل وتستقبل المصابين منهم للعلاج في مستشفياتها(!!)

وهذا ما يفسر أن تركيا وإسرائيل معاً رغم وجودهما في منطقة مشتعلة بالحروب وبوجود تنظيم «داعش» الإرهابي والذي توحش في العام الأخير.. إلا أن الدولتين- تركيا وإسرائيل- آمنتان.. لم توجه لهما رصاصة واحدة من التنظيم الإرهابي!

لكن الأغرب انه عندما دخلت روسيا الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي بعد أن ثبت لها تورط أمريكا وتركيا في دعم التنظيم الإرهابي.. جن جنون «أردوغان».. كما جن جنون «أوباما» عندما تم إسقاط حكم الإخوان في مصر وإفساد المخطط الأمريكي- الأوروبي- التركي لتدمير الجيش المصري وإسقاط الدولة المصرية تمهيداً لالتهام المنطقة العربية كلها والسيطرة علي منابع النفط والمنافذ البحرية الهامة التي تتمتع بها المنطقة العربية وأهمها قناة السويس وباب المندب.

تركيا لم يعجبها أو يروق لها قيام روسيا بضرب «داعش».. لأن التنظيم الإرهابي يبيع لها النفط بثمن بخس.. ويحقق لها ولإسرائيل حلم إسقاط بشار الأسد وتفكيك سوريا وانهيارها إلي الأبد..لذا أسقطت تركيا طائرة روسية «سخوي» زعمت انها أسقطتها دفاعاً عن السيادة التركية.. لكن «أردوغان» كذب ولم يقل الحقيقة.. حقيقة الدفاع عن تنظيم إرهابي وليس عن سيادة تركيا.. وهو ما قاله «أوباما» أمس مدافعاً عن «أردوغان» ومعللاً إسقاط الطائرة الحربية الروسية بأنه يعود إلي استهداف روسيا للمعارضة المعتدلة.. يقصد تنظيم «جبهة النصرة»!

والحقيقة ان «داعش» و«جبهة النصرة» وجهان لعملة واحدة.. التنظيمان يتلقيان دعماً أمريكياً وتركياً لإسقاط نظام بشار الأسد وتدمير سوريا.. والمشكلة من وجهة نظري ليست في سقوط بشار الأسد.. فمصيره إلي الجحيم مثله مثل أي حاكم ديكتاتور.. سوف يسقط يوماً ما.. الأهم هو الحفاظ علي ما تبقي من سوريا.. الحفاظ علي كيان الدولة.. علي مؤسساتها.. علي وحدتها.. لا يهم أن يبقي بشار الأسد.. فهو في النهاية سوف يتم استدعاؤه إلي موسكو في رحلة إلي هناك بلا عودة إلي دمشق.. وهناك سوف تختفي أخباره إلي الأبد.. المشكلة أن هذا لا يكفي ولا يرضي تركيا وإسرائيل.. هما يريدان تفكيك الدولة السورية.. كما تفككت العراق ولم يعد لها جيش يحميها!

إذا كان «أردوغان» قد أخذته الحمية وأمر بإسقاط الطائرة الروسية الحربية بحجة الدفاع عن السيادة التركية.. فلماذا تخاذل عندما يطلق صواريخه لإسقاطها؟!.. ولماذا لم يبعث إلي تل أبيب- حتي- برسالة احتجاج؟!.. تركيا نفسها اخترقت طائراتها الحربية الأراضي اليونانية أكثر من مرة.. ولم تحترم السيادة اليونانية.. ومع ذلك لم تسقط اليونان الطائرات التركية!

الغريب ان «أردوغان» الأرعن بعد فعلته بإسقاط الطائرة الحربية الروسية هرع يستنجد بحلف «الناتو» للتدخل لإنقاذه من غضب الدب الروسي.. وجاء رد الفعل الأوروبي متخاذلاً.. طالب «الناتو» بحوار بين موسكو وأنقرة.. فأوروبا لا تريد أن تدخل في حرب عالمية.. وأمريكا اليوم أضعف من أن تخوض تلك الحرب.. لأن معني ذلك هو دمار العالم كله.

صحيح.. يعملوها الصغار.. ويقع فيها الكبار.