عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية مصرية

شىء كان أبعد من الخيال ولا يُصدق.. أن يصل مستوى التعليم في مصر وبالذات الأساسي وما قبل الجامعي عامة.. الى حد أن يصنف عالمياً.. في ذيل قائمة جودة التعليم بين الدول.. والأكثر من ذلك أن نعتبر من الدول الاعلى في نسبة الامية وهذا تراكم من أنظمة حكم سابقة!!

والسبب الرئيسي لهذا الانحدار غير المتوقع.. أن العملية التربوية التعليمية تحولت لدى الكثيرين.. مجرد شهادة يُسعى للحصول عليها.. لتكون كما يعتقدون ترخيصاً مطلوباً لعمل ما في المستقبل.. هذا اذا توفر وغالباً لا يجدونه!!

ولهذا السبب غير العقلاني أصبح لدينا مثلث مشترك متداخل في العملية التعليمية أضلاعه التلاميذ والمعلمون وأولياء الامور.. وأصبحنا نرى في المدارس أوضاعاً لا تمت للعملية التعليمية بأي صلة بل العكس.. أصبح هناك اتجاه سائد فيه التلاميذ هم المسيطرون.. ويزدادون قوة وعنفاً.. والادارات التعليمية والمدارس بما تضمه من معلمين واداريين تتراجع أمامهم وفي احيان كثيرة تخضع لارضائهم وأولياء امورهم.

وهناك أمثلة مؤسفة لتعرض معلمين للضرب والاذى من أولياء الامور والتلاميذ حتى وصل الامر إلى الاعتداء علي مدرس بالحذاء من ولى أمر.. حتى المعلمون لم ينجوا من الضرب والسحل داخل المدرسة وأمام التلاميذ!!

والتسيب بدون حدود الذي شاب العملية التعليمية برمتها.. أتاحت الفرصة لتعليم مواز تمثل في الدروس الخصوصية خارج المدرسة من خلال مدرسين، وأيضاً توسع الامر حتى تعددت «مراكز خاصة» يعلنون عن أنفسهم بكل جرأة ووضوح بدون خشية محاسبة أو عقاب.

والشيء الصادم ما حدث في الآونة الأخيرة.. عندما صدر قرار باحتساب عشر درجات من المجموع على انتظام حضور الطلاب.. قام بعضهم بوقفات احتجاجية ضد قرار وزير التعليم.. وهذا تأكيد منهم بعدم الالتزام بالحضور الى مدارسهم.. وبدلاً من عقابهم. اتخذ رئيس الوزراء قراراً بتجميد ما أصدره وزير التعليم من قبل!!

فماذا كانت النتيجة؟؟

ظهرت مدارس خالية تماماً من التلاميذ.. ومدارس اخرى لا تكتمل فيها الفترة الدراسية المحددة.. ويتقاتلون بداخلها وعلى أسوارها التلاميذ.. الى حد وقعت جريمة قتل واصابة عدد من التلاميذ وباستخدام الاسلحة.

كذلك بالنسبة «للمراكز الخاصة» التي تزاول أعمالها بدون ترخيص.. والتي حاول بعض المحافظين غلقها حتى تستقيم الامور.. وهنا قام بعض التلاميذ وأولياء الامور بوقفة احتجاجية اخرى.. أدت الى التراجع عن غلقها وبالطبع كان احراجاً للمحافظين واضعاف مواقفهم.. بل الاكثر من ذلك أن مقولة «لا يصح الا الصحيح» اندثرت.. بل أصبح الخطأ يمكن أن يسود وينتصر أمام ضعف مسئولين يتولون الامور وغير قاردين على تحمل عواقب قرارات اصلاحية.. امام غوغائية جهلاء مغرضين.

وعندما تثار قضية التعليم علينا دائما أن نتذكر الشعار الذي رفعته الولايات المتحدة الامريكية في اوائل ثمانينيات القرن العشرين وهو «أمة في خطر» بمقارنتها بمستوي التعليم في «اليابان» التي بعد تدميرها في الحرب العالمية الثانية لم تجد امامها سبيلاً للخروج من كارثة الهزيمة الا بالتعليم.. والتعليم فقط.. فخصصت ما يزيد على ثلثي استثماراتها للتعليم وجودته.. فلم تمض الا سنوات قليلة حتى أصبحت دولة منافسة اقتصادياً للولايات المتحدة وللدول المتقدمة الأخرى.

ولذلك بذلت الولايات المتحدة الامريكية كل جهدها واعتبرت أن التعليم من أساسيات «الأمن القومي» ورفعت شعار في التسعينيات أي بعد عقد واحد من الزمن هو «أمة تتعلم».

فما احوجنا في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ الوطن أن نضع قضية التعليم في قمة الاولويات حتى يكون حامياً «للأمن القومي».. ويحقق للشعب المصري تطلعاته لبناء مصر العصرية الحديثة ولتصل الى مكانتها المستحقة!!

الكلمة الأخيرة

التعليم ليس فقط بالشهادات.. بل هو عملية تربوية.. ومعرفية متكاملة يخلق بيئة اجتماعية، وسياسية، واقتصادية تحقق النجاح.. والدول التي اصبح لها مكانة بين الامم تقدمت بالتعليم أولاً.. وليس بغيره.

ومقولة «مانديلا» الشهيرة التي كان يرددها دائما «التعليم أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم» وهو محق بالنسبة للعالم.. فما بال ما يصنعه التعليم بالنسبة للوطن!!

حفظ الله مصر