رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

منذ دَأَبت على حضور الجلسة النفسية الجماعية التى تعقدها كل أسبوع مع طبيبى الممتاز، أراقب كلمات تخرج عصية على الفهم من فمها أحاول أن أفهم.. لماذا تصحب مخارج ألفاظها المتلعثمة دموع من عينيها البراقتين.

أعرف أنها تلحظ اهتمامى بها دون غيرها من الحاضرين.

خلال ثلاثة أشهر كاملة تعودت رؤيتها، وتلقى التحية على الجميع.. عادة ما تأتى مبكراً، عم محمد الساعى فى العيادة يعرف قهوتها «مظبوطة جداً» ولازم تكون فى «فنجان»، أسمع صوته عندما تضعه فى الطبق الصغير المزركش بالورود، عقب كل رشفة.. رعشة يديها واهتزاز رأسها خلق فى نفسى إحساساً شديداً بالخصوصية فى علاقة أود أن تنشأ بيننا، علاقة تعبر حدود مدة الجلسة الأسبوعية وتفاعلى مع تفاصيل حكايتها مع إعاقة لازمتها منذ الطفولة وها هى فتاة عشرينية.. شديدة الجمال تكره إعاقتها وتكره نظرات الناس من حولها، فى إحدى الجلسات انهارت وهى تحكى لنا عن صديقة أمها التى لمحتها تدعو الله بصوت «سمعته» - الحمد لله الذى عافانا مما ابتلى به غيرنا.. ثم رمقتها بنظرة وبكت «طبيبنا» الأستاذ الكبير فى أحد المستشفيات الجامعية سألها مرة عن صورة الشخص الذى تود الارتباط به، وهل من الضرورى أن أكون من ذوى الاحتياجات الخاصة، فقالت بطريقتها التى ألفتها.. أريد شخصاً أحبه ويحبنى مثل أى فتاة، يلملم أحزان عمرى بفيض حنانه، يعوضنى عن أبى الذى هجرنى وأمى قبل أن أحتفظ لملامحه حتى بصورة أعيش عليها، أرغب فى رجل أحبه ولا أتزوجه، فالزواج، كما علمت فى تجارب من حولى مقبرة الحب خاصة لإنسان فى مثل ظروفى.

أريد طيفاً لحائط صد ضد هجمات الحزن التى تحطم ما بقى لى من أمان فى الدنيا، أريده.. يتكلم بفصاحة وسهولة يتحرك دون أن يسمع الناس صوت احتكاك حذائه بالأرض، لا أرغب أن أرى نفسى فى مرآة أحطمها بعد لقاءين عابرين، أريده ولا أريده، جميع من بالجلسة كان ينصت والطبيب لا يظهر أى ردة فعل على حديثها أما أنا.. فقد أدرت عجلات الكرسى الذى يحتوينى منذ خمسة أعوام، وقد استبدلته بساقى التى فقدتها تحت عجلات القطار، استأذنت الجميع ونظرت إليها بدهشة وانصرفت بعد أن أيقنت أنها فتاة.. أحبها حتى الموت لكنى لن أتزوجها.