رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

«تونى بلير» يعترف بجريمته فى غزو العراق بطريق الخطأ.. ولا يستطيع أحد محاكمته.. بل منحوه مكافأة!!

إذا أردنا أن نفهم حقيقة ما يحدث فى مصر والعراق وسوريا وليبيا واليمن.. لابد أن نعيد قراءة اعترافات «تونى بليز» رئيس وزراء بريطانيا الأسبق التى أدلى بها يوم الأحد الماضى حول قرار غزو العراق قبل 12 عامًا.

وإذا أردنا أن نعرف حجم المؤامرة القذرة التى حاكها ودبرها الشيطان الأعظم فى أمريكا بمساندة بريطانية لحساب الكيان الصهيونى، لتدمير المنطقة العربية كلها بعد تفكيك جيوشها ونهب ثرواتها وإذلال شعوبها تمهيدًا لإعادة تقسيمها وتحويلها إلى دويلات بلا إرادة.. تصدر لها الأوامر من تل أبيب فتطيع وهى راكعة مذلولة منكسرة.. لكى نفهم حقيقة المؤامرة وحقيقة ما يحدث لنا علينا أن نحلل اعترافات السفاح «تونى بلير» التى قالها بدم بارد يوم الأحد الماضى فى القناة التليفزيونية الأمريكية الشهيرة «سى. إن. إن».. حول حقيقة غزو العراق عام 2003.

قال السفاح.. القاتل.. «تونى»: إنه يعتذر عن غزو العراق.. وأنه يأسف لأن المعلومات المخابراتية التى حصل عليها ـ بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل ـ كانت خاطئة (!!).. وقال: أخطأنا فى عدم تقدير ماذا سيقع بعد إسقاط صدام حسين (!!).. وعندما سأله المذيع حول ما إذا كانت الحرب على العراق أحد أسباب ظهور تنظيم داعش؟!.. أجاب «بلير»: إن هناك جانبًا من الصواب فى الرأى الذى يقول إن الحرب على العراق جهزت الأرضية لظهور تنظيم داعش!!!

هكذا.. بهذه السهولة والبساطة يعترف «تونى بلير» بأنه أخطأ عندما اتخذ قرار الحرب على العراق.. وكأنه يعتذر عن قرار اتخذه بطريق الخطأ بغلق محل بقالة فى حارة مزنوقة فى لندن.. لم يشعر السفاح «بلير» بفداحة ما ارتكبت يداه.. لم يعذبه ضميره على مئات الآلاف من أطفال العراق الذين أحرقتهم آلة الحرب الجهنمية.. ولم يعتذر لشعب انتهكت كرامته.. شعب قتلت الحرب فيهم ما يفوق المليون عراقى.. وملايين المشردين.. شعب نهبت الحرب آثاره.. وبتروله.. وأمواله.. وقسمت أراضيه ومزقت وحدته بين شيعة وأكراد وسنة وتنظيم إرهابى يسفك دماء الجميع بلا تفرقة أو رحمة!!

هكذا.. وبهذه البساطة.. وبهذه السهولة يعترف «بلير» بجريمته دون أن تقوم الدنيا ولا تقعد.. دون أن تتحرك منظمات حقوق الإنسان فى كل بقاع الأرض.. دون أن تنتفض الشعوب الحرة.. دون أن تتحرك الأمم المتحدة.. دون أن تطالب العدالة الدولية القبض على «بلير» ومحاكمته.

أعدموا صدام حسين ودمروا العراق ونهبوا ثرواته.. وبقى «تونى بلير» وشريك سفك الدماء «جورج بوش» طلقاء.. أين العدالة العالمية.. أين العالم الحر.. لا أحد يتحرك.. لا أحد ينتفض.. لا ضمير فى العالم الذى لم يعد حرًا.

ثم.. وهذا هو الأهم.. لماذا قرر «تونى بلير» فجأة الاعتراف بجريمته فى غزو العراق؟!!

والحقيقة أن ضمير «بلير» لم يستيقظ فجأة لكى يعترف بجريمته.. لأنه بلا ضمير.. لكن السبب يرجع إلى أن صحيفة بريطانية «الدايلى ميل» نشرت منذ اسابيع وثائق تظهر لأول مرة كيف خطط «بلير» على «صفقة الدم» مع الرئيس الأمريكى «جورج بوش» لغزو العراق وتدمير جيشه وتقسيمه إلى دويلات ثلاث.. وذلك قبل عام من غزو العراق.. ولتحقيق هذا الهدف طلب كل من «بلير» و«بوش» من أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية اعداد تقارير مزيفة تفيد إخفاء صدام حسين لأسلحة دمار شامل لتكون مبررًا للغزو وإنقاذ العالم من هذا الشرير (!!).

والحقيقة أيضًا أن بريطانيا ليس حبًا فى العراق ولا ندمًا على ما ارتكبته من جرائم فى حربها على العراق.. بل انصياع لضغوط عائلات الجنود البريطانيين الذين ماتوا فى حرب العراق.. قررت تشكيل لجنة للتحقيق حول مسئولية «تونى بلير» فى قرار غزو العراق.. أطلق عليها لجنة «السير جون تشيلكوت».. بدأت التحقيق عام 2009 وانتهت من عملها عام 2011.. لكنها تقاعست عن إعلان نتيجة التحقيق.. بعض التسريبات التى نشرتها «الدايلى ميل» أكدت إدانة «بلير» وهو ما سيجعل عائلات الجنود البريطانيين يحصلون على تعويضات مالية.. هذا كل ما يهمهم فقط!!

والحقيقة الأهم.. أن «تونى بلير» و«جورج بوش» كانا ينفذان مخططًا صهيونيًا ليس لتدمير العراق وتفكيك جيشه فقط.. لكن المخطط كان أكبر وأشمل.. أعلنت عنه «كونداليزارايس» مستشارة الأمن القومى الأمريكى إبان غزو العراق.. بإحداث فوضى خلاقة فى المنطقة العربية كلها بحجة إقرار الديمقراطية.. تبدأ الخطة بدولة العراق.. ثم يصل مداها إلى مصر وسوريا والسعودية.. وهى الدول التى تمثل خطرًا داهمًا على إسرائيل وعلى الكيان الصهيونى الذى منحته بريطانيا عام 1914 قبلة الحياة عندما أصدرت وعد بلفور الذى مهد لقيام دولة الكيان الصهيونى والتهام دولة فلسطين.

كان الهدف.. هو إسقاط الأنظمة العربية.. وتفكيك جيوشها.. وإحداث فوضى عارمة.. وفتن طائفية.. وحروب أهلية.. وهو ما نجح فى العراق وسوريا وليبيا واليمن.. وكادت مصر تقع فى نفس الفخ الذى نصب لها.. لولا عناية الله وإرادته.. ويقظة مؤسستها العسكرية.. وحصافة شعبها وفطنته ووحدته.

أما المثير للسخرية والأسى فى آن واحد.. هو حصول «بلير» على مكافأة تدمير العراق وقتل شعبه.. فبعد خروجه من السلطة تم تعيينه مبعوثًا خاصًا للجنة الرباعية للسلام فى الشرق الأوسط.. وهى اللجنة المنوط بها إقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين (!!)

.. تصوروا أن هذا القاتل مبعوث سلام!!!.. أى عالم هذا؟!.. وأى عدالة هذه؟!!!!

حتى هذه الوظيفة التى حصل عليها «تونى بلير» كشفت عن نواياه تجاه العرب خدمة للصهاينة الذين أتوا به.. فقد نجح وبجدارة فى أن يصدر شهادة وفاة للجنة الرباعية.. ولم يكن أمرًا اعتباطيًا أو عرضيًا أو عفويًا أن يهاجم «بلير» قرار القيادة الفلسطينية عندما سعت للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية.. قد وصف «بلير» هذا القرار بأنه قرار صدامى جدًا.. وقد أمطرته إسرائيل بثناء كثير لموقفه هذا.. فيما قال الفلسطينيون المفترض أن «بلير» مبعوث معنى بتحقيق السلام الذى ينشدونه.. إنه يتحدث مثل دبلوماسى إسرائيلى يروج لسياساتها.. إنه «كلب نتنياهو».. وهذا وصف يمكن إضافته لما وصف به «بلير» سابقًا من أنه «كلب بوش».

والسؤال: هل سيقدم «تونى بلير» و«جورج بوش» على جريمتهما فى العراق.. لا أعتقد.

«طظ» فى حقوق الانسان.. و«طظ» فى العالم الحر.. و«طظ» فى العدالة الدولية.. و«طظ» فى الأمم المتحدة.