رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا يستطيع أحد إنكار أن هناك تبايناً واضحاً وكبيراً بين إدارة أوباما وبوتين للأزمة السورية. وبعيداً عن منظور الأطماع الشخصية والسياسية للدولتين فى المنطقة، نجد أن بوتين هو القادر دائماً على الحسم، واتخاذ القرار المناسب، فى الوقت المناسب، فبينما رفض الجميع طلبه بعدم التدخل فى الشأن السورى، جاء بطائراته وأسطوله البحرى، وأعلن حسمه المعركة جدياً ضد داعش وإثبات أنهم يتلاعبون بالموقف لمصالح سياسية وخاصة أن الإرهاب أصبح المسيطر على سوريا، ولا توجد فصائل مسلحة معتدلة. ولا جيش حر.

حدث هذا فى الوقت الذى قررت فيه واشنطن إلغاء تدريب ما كانت تصفها بالمعارضة المعتدلة لذلك لا أدرى كيف يقول البعض إن بوتين متردد ويلعب على جميع الحبال، أنا شخصياً أراه منذ خطابه الشهير فى مؤتمر ميونخ والذى قال فيه إنه لن يقبل بعد اليوم أحادية القطب بزعامة أمريكا، مستمراً، وعلى وتيرة تصاعدية فى إعادة روسيا إلى الساحة الدولية بالسلام أو بالقوة.

والملاحظ أن «بوتين» لم يهتم بمحاولات التشويش الإعلامية والسياسية الغربية والتلويح بالأخطار العسكرية لأنه لا يريد أن يقف مكتوف اليدين أمام عدم جدية الغرب فى محاربة الإرهاب، فألقى «الدب الروسى» ببعض ثقله فى الميدان. وخاصة أن الائتلاف العسكرى الذى قادته واشنطن لمدة سنة بزعم الحرب على الإرهاب لم يؤد الى نتيجة. رغم أنه ائتلاف أكبر من الائتلاف الذى تم تشكيله ضد هتلر، وبعد كل هذه الضربات الجوية لم يدمر شيئاً؟، فكيف نصدق أن تلك الضربات بهذه القوة، وتكون النتيجة على هذا النحو، ولا تكون هناك مؤامرة من أمريكا وقوى التحالف ضد المنطقة.

لذلك فالدخول الروسى فى سوريا يشير إلى نهاية عصر الهيمنة الأمريكية وخاصة أن الجدية الروسية أعطت علامة مميزة فى إطلاق صواريخ من بحر قزوين، لذلك يثير الغرب الأزمات ضد روسيا، رغم أن الأيام أثبتت عدم جدية الغرب وامريكا أصلاً فى ضرب داعش. وتهرب الحلف الغربى من مسئولياته التى أخذها على عاتقه فى ضرب داعش لمدة عام. ولم تعط واشنطن معلومات حول من تسميهم معارضين معتدلين تتهم روسيا بضربهم وتكتفى فقط بالاتهامات، إلى جانب التهرب من التنسيق العسكرى والمعلوماتى مع روسيا ضد الإرهاب.

والطريف أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أعلن أن الولايات المتحدة ترفض تزويد روسيا بالمعلومات الاستخبارية حول سوريا لأنها لا توافقها على الأهداف المطلوب تحقيقها فى سوريا مما دفع بوتين إلى التنسيق بين القوات الجوية الروسية والجيش السورى الشرعى على الأرض، وهذا هو الفارق الأساسى بين جهود روسيا وتصرفات التحالف.

وبدوره قال أوباما فى محاولة ضغط إن الاستراتيجية الروسية لن تعمل، والنصر على تنظيم داعش لا يمكن تحقيقه طالما بقى بشار الأسد فى منصبه. والغريب أن الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى ينس ستولتنبرج فى الوقت الذى يقول فيه إن روسيا قادرة على لعب دور بنّاء فى مكافحة خطر «داعش» الإرهابى إلى جانب المجتمع الدولى، إلا أنه يعتبر أن دعم الأسد يؤدى إلى إطالة الحرب. ولكن يبدو أنه ليس فى يد واشنطن حالياً سوى الحضور السياسى والاعلامى عبر التصريحات وتشويش وتضليل الاعلام الغربى والعربى الحليف، الذى يروج أن روسيا تضرب المدنيين أو «معارضين معتدلين»، ولكن ما باليد حيلة أمام الخطوة الروسية لأن امريكا، لعبت بعدة أوراق فى سوريا والمنطقة ثبت فشلها.

ومن المعروف أن أمريكا تلعب دوماً استراتيجية الخطط البديلة والجاهزة ولكنها امام أصرار الدب الروسى، ربما تكتفى هذه المرة بالإعلام والتصريحات. فاللعبة فى سوريا تغيرت، وهذا باعتراف مسئولة أوروبية، وهذا لم يكن لولا صمود سوريا وحلفائها ومن ثم الدخول الروسى فى الميدان، وهو ميدان يشهد تقدماً فى عدة جبهات للجيش السورى مع الدعم الجوى الروسى كما تؤكد النتائج على أرض الواقع. وبالطبع ستبقى محاولات التشويش والضغط على روسيا على الأقل لمحاولة جذب الدب الروسى قليلاً إلى الوراء وتخفيف الهجمة، ومع ذلك ربما نشهد فى المرحلة المقبلة إعلاناً امريكياً عن تعاون مع روسيا ومرونة أكبر حول الحلول نتيجة الإقرار بالأمر الواقع أو محاولة الاستفادة من هذا الواقع على الطريقة الأمريكية؟

وربما يمكن هنا الرجوع الى ما كشفته وكالة بلومبيرج الأمريكية التى قالت منذ أيام «بعد أسبوع من التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، يحاول بعض كبار مستشارى البيت الأبيض وأعضاء مجلس الأمن القومى الأمريكى إقناع الرئيس باراك أوباما بتقليص حجم المشاركة الأمريكية فى سوريا، والتركيز على تخفيف حدة العنف هناك، والتخلى مؤقتا عن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد». وبالتزامن مع استمرار العملية الجوية الروسية فى سوريا، تكثف موسكو جهودها على المسار السياسى، بما فى ذلك الاتصالات بواشنطن والرياض من جهة، والتعاون مع دى ميستورا حول خطته من جهة.

وأعتقد أن وتيرة العمليات الروسية وفعاليتها فى ضرب قواعد ومراكز الإرهابيين ستشهد الأيام المقبلة، المزيد من النتائج الفعالة على الأرض وتحقيق الأهداف الروسية المرسومة بدقة كدقة صواريخ «إكس - 29 أل» المستخدمة فى سوريا، وهذا ما يريده بوتين ويعمل على تحقيقه لأنه لايدخل أى معركة إلا وهو متأكد من النصر لكونه يملك أدوات تحقيقه.