عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

قلبى مع وزير الإدارة المحلية، تلك الوزارة التى تضاربت الآراء حول مدى أهمية وجودها بين مؤيد ومعارض، فتارة نجد وزارة للحكم المحلى، وتارة وزارة للإدارة المحلية، وتارة وزارة للتنمية الريفية،وأخرى تلغى هذه الوزارة ويتم دمجها بوزارة التخطيط لتصبح وزارة التخطيط والتنمية المحلية، وأخيرا تعود تحت مسمى وزارة التنمية المحلية.

ولكن هل يزاول الوزير المختص بالإدارة المحلية( أيا كان المسمى الذى يطلق على هذه الوزارة) ثمة سلطات حقيقية على المحليات؟.

والإجابة بالطبع لا، ودليلنا على ذلك ما ورد بالقانون رقم 43 لسنة1979 وتعديلاته بشأن الإدارة المحلية:

فالوزير المختص بالإدارة المحلية هو أحد أعضاء المجلس الأعلى للإدارة المحلية( م 5 من القانون).
وهو رئيس الأمانة العامة للإدارة المحلية، وهى تختص بتنسيق المسائل المشتركة بالوحدات المحلية،ودراسة ما يرد إليها من موضوعات للعرض على المجلس الأعلى للإدارة المحلية(م 6 من القانون).
هذا ويكون المحافظ مسئولا أمام رئيس مجلس الوزراء عن مباشرته لاختصاصاته، ومن ثم ليس مسئولا أمام الوزير المختص بالإدارة المحلية.
لا يملك هذا الوزير الهمام تعيين المحافظين أو إقالتهم،أما عن تعيين رؤساء المراكز والمدن والأحياء فهو مفوض فى بعض الأحيان فى تعيينهم. بيد أنه مجرد تفويض وليس اختصاصا أصيلا.

والتساؤل الذى يطرح نفسه بعد هذه المقدمة: هل يستطيع هذا الوزير ذو السلطات المغلولة أن يضع استراتيجية عامة تنهض بهذا القطاع الحيوى فى الدولة؟.

والجواب بالقطع لا، رغم أنني أرى هذا القطاع بمثابة قاطرة التنمية فى كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالدولة،وذلك لعدة أسباب منها:

أن مؤشرات السياسة العامة للدولة واتجاهات الرأي العام على المستوى القومي تستقى من اتجاهات الرأي العام المحلى (خاصة فى الانتخابات النيابية).               

كما أن تغير الدور الذى تلعبه الدولة بفعل التغيرات المحلية والدولية يجب أن يعطى أولوية خاصة لقطاع المحليات.

 هذا ويعد اقتراب الإدارة المحلية من المواطنين ميزة لا تتوافر لقطاع آخر من قطاعات الدولة مما يجعلها أقدر على إدراك طبيعة الظروف والحاجات والأماني المحلية.

من هنا جاء إشفاقي على هذا الوزير المسئول عن الإدارة المحلية،لأن نجاح أى مسئول يقتضى،أن تكون لديه سلطة تعادل المسئولية الملقاة على عاتقه،مع موارد مادية وبشرية كآليات تعينه على أداء هذه المسئولية.

أما وقد أشرنا إلى سلطاته المغلولة،ليبقى أمامنا موارده الأخرى متمثلة فى رسوم محلية حكم بعدم دستورية سند تحصيلها منذ عام 1998 (القرار 239 لسنة 1971)،ولا يزال لم يصدر قرار بديل لتقنين هذه الرسوم رغم أهميتها، كما أن المتحصل من رسوم أخرى بقرار وزير الحكم المحلى رقم 8 لسنة 1976 هى رسوم هزلية مضحكة لعدم تعديل فئاتها منذ ما يقرب من أربعين عاما.

يتبقى لديه من موارد مالية الصناديق والحسابات الخاصة وهى موارد ضخمة ولكنها خطيرة،لأنها تعد مصدر الفساد الأول بالإدارة المحلية،فهى تحظى بالمرتبة الأولى فى مخالفات الإدارة المحلية (راجع فى هذا الصدد ما تم رصده من مخالفات بكتابنا عن الفساد بالإدارة المحلية على مدار خمسة عشر عاما).

إضافة إلى ما صدر من تشريعات مؤخرا للانتقاص من حصيلتها أو تحويل حصيلة بعض الصناديق إلى وزارات أخرى.

أما آليات الوزير من الموارد البشرية فحدث ولا حرج حيث لا يزال هناك بعض العناصر الإخوانية، وأخرى كانت تستفيد من النظام السابق وتسعى جاهدة لإفشال خطط الاصلاح والتنمية بكل ما أوتيت من قوة، وهذه العناصر تشكل فسادا أخطر من الإرهاب ذاته، فهل هذه الأليات تساعد الوزير على النهوض بالإدارة المحلية.

وفى هذا المقام أيضا يجب أن نلتمس العذر للسادة المحافظون للمناخ الذي يعملون فيه، فمسئوليتهم شاملة رغم خروج الكثير من المرافق عن حدود سلطاتهم، كما يعمل المحافظ وجهازه التنفيذى دون ظهير شعبى منذ أكثر من أربع سنوات متمثلا فى المجالس الشعبية المحلية ،والدور الهام الذي تلعبه فى المساعدة فى إقرار الخطط العامة والرقابة على تنفيذها.

وخلاصة القول فى هذا الصدد ،أن قانون الإدارة المحلية الحالى لم يعد مناسبا للتطبيق فى ظل المتغيرات المحلية والدولية،ومن ثم يجب تعديل هذا القانون بما يضمن تفعيل دور وزير التنمية المحلية أوإلغاء هذه الوزارة بنقل السلطات المركزية إلى الإدارة المحلية مع الاحتفاظ بحق الوصاية الإدارية عليها فى إطار المصالح العليا والسياسة العامة للدولة مع حق الاستجواب للمجالس الشعبية المحلية لتفعيل دورها فى محاسبة المسئولين، مع منحها الصلاحيات اللازمة لفرض الضرائب المحلية والرسوم المحلية أو الإعفاء منها.

التأكيد على أن يتم التشريع المالى والمحلى فى إطار السياسة العامة للدولة وفى إطار الدستور والقوانين الأساساية الجارى العمل بها، وأن تكون هذه السياسة العامة أو الأهداف القومية بمثابة خطط طويلة الأجل تتعاقب الأجيال على تنفيذها لا تتغير ولا تتبدل بتغير الأشخاص أو المسئولين.

 من هنا نضمن تنمية حقيقة ونهضة محلية تكون قاطرة لنهضة قومية شاملة بإذن الله.

----

مستشار سابق بالجهازالمركزى للمحاسبات والمحاضر بالجامعات المصرية