عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صدر للكاتب الصحفي عادل سعد من قبل كتابان.. الأول عن الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، والثاني كان مجموعة قصصية بعنوان «البابا مات» وهذه المجموعة القصصية أشبه بالفانتازيا، أعجبت بها وإن لم أحبها كثيرا، فقد كانت تحمل طابعا خاصا في السرد، وضع فيه الكاتب فلسفته خاصة فيما يخص ثورة 25 يناير.. وكانت قصصها باستثناء قصة «البابا مات» أشبه بطلقات رصاص، تصيب أحيانا.. وتطيش أحيانا أخري.. وذلك ربما لأنني لم أستوعبها جيدا، وبحاجة الي إعادة قراءة أخري لتلك المجموعة، ولكن عادل سعد فاجأني بروايته الأولي «رمضان المسيحي» الصادرة عن دار «الهلال» ربما لأنني لم أتخيل عادل سعد كروائي، ربما كان ذلك بحكم مهنته الصحفية كمدير تحرير لمجلة «المصور»، وكنت أتوقع أن تأتي باقي أعماله كسرد قصصي يحمل روح الطابع الصحفي.

ولكن في «رمضان المسيحي» وجدت رواية بديعة مكتملة الأوصاف، وهي لغرابة اسمها تجذبك لقراءتها منذ الوهلة الأولي.. وخططت لقراءتها علي مدار أسبوع وربما يزيد.. ولكنني وجدتني ألتهمها في ليلة واحدة ولا أستطيع  تركها إلا بعد أن أكملت قراءتها.

ولـ«رمضان المسيحي» حكاية داخل الرواية.. فهو قد سافر من مصر الي اليونان قبل خمسة و عشرين عاما، وخلال تلك الفترة تدور أحداث الرواية، فـ«رمضان» الذي ترك أسرته وشد الرحال الي اليونان بتأشيرة تنتهي بعد شهر أعجبه الحال هناك وقرر ألا يعود منها الي مصر.. ولأن إقامته كانت غير شرعية وكان يمكن أن يطرد من اليونان وتقوم السلطات بترحيله الي مصر، لذلك قام بإشهار تغيير دينه الي المسيحية أمام مكتب مختص لذلك، وطلب «رمضان» البقاء في اليونان والحماية خشية أن يقتله أهله أو أصدقاؤه، إذا ما عاد الي مصر، واختار «رمضان» أن يظل اسمه بعد  تغيير ديانته الشكلي ليصبح اسمه «رمضان خريستو» وهي تعني «المسيح» باليونانية، وهكذا حصل «رمضان» علي الإقامة في اليونان ولكنه في نفس الوقت اكتسب عداوات أصدقائه وكل معارفه في اليونان لتغيير ديانته، وهو يقسم للجميع أنه لا يزال مسلما، ولكن ذلك لم يمنعهم من عدائه والعراك معه في كل فرصة.. غير أن «رمضان» يدهشك بعدها أنه يأتي بشاب جزائري يريد تعليمه فروض الإسلام وكأنه يحاول بذلك التكفير عن فعلته.. وأن يثبت للجميع أنه لايزال مسلما بالرغم من تعميده وتناوله القربان المقدس في إحدي الكنائس اليونانية.

أما عادل فهيم وهو مؤلف الرواية باسم مستعار فقد سافر الي اليونان مع مجموعة من طلبة الجامعات ولذلك حكاية بطلها هو علي نصار، وهو محترف في الحصول علي تأشيرات للدخول الي اليونان.. فهو يخاطب جامعة يونانية ويطلب زيارتها مع مجموعة من الطلبة في الإجازة الصيفية ويحصل علي موافقتها، ليتم منحه التأشيرات اللازمة - مقابل ألفي جنيه يحصل عليها من كل طالب.. بعدها يقيم الطلبة ثلاثة أيام في اليونان بفندق صغير.. ودون طعام أو شراب وبعدها يواجهون الحياة في رحلة بحث عن عمل أو البقاء دون عمل حتي تنتهي التأشيرة فيعودوا الي مصر بخفي حنين.

ومنذ اللحظة الأولي لبطل الرواية - عادل فهيم - هو نفس كاتب الرواية فإنه يصاب بصدمة حضارية عند وصوله وزملائه الي أثينا والأدق أنها صدمة ذكورية، وهم يرون بنات اليونان الحور.. يذهبن ويجئن أمامهم بملابس قصيرة جدا أو شورتات ساخنة وبلوزات تكشف أكثر مما تخفي.

ومن «تولا» صاحبة الفندق الي «سولا» تلك الساحرة بديعة التكوين والتي لا يزيد عمرها علي خمسة عشر عاما، وحتي «ايلين» وصولا الي «ماريا» السكندرية التي تزوجت في اليونان وأقامت هناك.. يخوض «عادل» مغامرات نسائية رومانسية.. لا يجرؤ علي الاقتراب من أي حورية يونانية يكتفي بالمشاهدة من بعيد أو تلقي القبلات البريئة ومن عمل الي عمل آخر ورحلة شقاء.. يصادف فيها توفيق عبدالحي.. الهارب من مصر بملايين البسطاء والبنوك ويعمل في مطعم عربي يمتلكه هناك.. والعجيب أن توفيق عبدالحي الذي كان مطاردا من الانتربول ومطلوب القبض عليه كان ينعم بحياة رغدة دون أن يقترب منه أحد.

ويعود «عادل» الي مصر بعد انتهاء شهور الصيف، ثم يقفز بنا ربع قرن وهو يعاود السفر لأثينا مرة أخري، ولكنها لم تعد هي نفسها المدينة التي تركها من قبل وقد تغيرت الأحوال وحتي البشر.

رواية بديعة.. أمتعتني بحق.. فـ«رمضان المسيحي» ترصد معاناة جيل من الشباب وأحلامه في الهجرة منذ منتصف الثمانينيات، وأعتقد أن كاتبها قد تأخر كثيرا جدا في نشرها.