رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأي الوفد

   نماذج أخرى فريدة، علي غرار نصر أكتوبر المدهش، وحدها القادرة علي بلوغ الثورة المصرية أهدافها، وبناء الدولة المدنية الحديثة الحاضنة لمختلف المبادئ الإنسانية السامية الداعمة لانخراط الوطن في الأسرة الدولية وفق قواعد وأسس معاصرة، لا مجال فيها إلي تغييب الوعي العام.

   والواقع أن أملاً يدفع بنا إلي الأمام؛ إذا ما تراجعت الكثير من خطانا الدالة علي تمسكنا بما ينافي الحقائق المصاحبة لنصر أكتوبر باعتباره علامة فارقة في تاريخ الوطن؛ وإن تم تجاهلها في كثير من الأمور، مثلما غابت قيمه الحقيقية عن الإدلاء بمضمونها في مسيرة الوطن صوب تجسيد حياة أفضل لأبنائه.

   فليس بيننا، ممن عاشوا نصر أكتوبر، من ينكر كم ولد النصر العظيم من رحم معاناة قاسية، وحالة معنوية متراجعة، صحيح أنها كانت جزءاً من إستراتيجية الخداع التي اتبعتها مصر تجاه العدو الصهيوني، لكنها حالة أتاحت موقعاً للعمل والجهد، إذ تحت رماد الانكسار ظل العمل، الجاد والمخلص، وروح الفداء والتضحية، محركات أساسية باتجاه النصر.

   وعليه، لم تكن المظاهر الاحتفالية غالبة علي المجتمع، تُحيل قضاياه الأساسية إلي محافل للمزايدة والمتاجرة، ولم يكن الإعلام، علي محدوديته آنذاك، مروجاً لقضايا مزيفة وسطحية، كبديل عن الهموم الثقيلة الراكدة فوق كافة أبناء الوطن.

   وعليه، لم تكن الاحتفالات، بعد المعركة، إلا نتاج ما تحقق من نصر مُبهر، أما أن تأتي المظاهر الاحتفالية كسبيل هو الأبرز في مواجهتنا للمخاطر والتحديات!، فتلك مهمة لم يثبت تاريخياً نجاحها في أي مجتمع، قدر ما ثبت كم تشير إلي غياب وعي حقيقي بخطورة المرحلة، مُنذرة بتبعات تفوق قدرة الوطن علي احتمالها، خاصة ونحن في مرحلة لم تنضج فيها بعد تجربتنا الديمقراطية الوليدة؛ ومن ثم تظل عُرضة للتراجع عن تحقيق الطموحات الشعبية المتزايدة، تلك الطموحات التي لا تنال شرعيتها أبداً بعيداً عن جهد ضخم يعبر عن قراءة وطنية صحيحة لمجمل الأوضاع المحيطة بالوطن.

   ليكن العمل إذن سبيلنا الوحيد إلي ما نصبو إليه من حياة أفضل، ولتتراجع كافة المظاهر الاحتفالية عن موقع الصدارة في الثقافة المصرية، لتنتظر نصراً حقيقياً أكيدا، يتبني قيم التضحية والفداء، ويحققه الجهد والعرق، مدعوماً برؤى وطنية أمينة ومخلصة. ودون ذلك يظل نصر أكتوبر ذكرى عزيزة لم نبلغ جوهرها بعد، وأملاً لا نملك مشروعيته؛ إذ ننتظره «لنحتفل» به بعيداً عن مواقع العمل.!

«الوفد»