عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

< الهيئة="" تمتلك="" 191="" مليون="" متر="" مربع="" من="" الأراضي..="" معظمها="" «منهوبة»..="" وإذا="" أحسن="" استغلالها="" يمكنها="" تدبير="" كافة="" احتياجات="" السكة="">

أعرف أن وزير النقل الجديد الدكتور سعد الجيوشي يتمتع بسمعة طيبة وخبرة كبيرة بأمور النقل وقدرة هائلة علي مواجهة الفساد وجيوش التنابلة وضبط منظومة النقل التي تعرضت- بقصد وبدون قصد- إلي الاهمال الجسيم علي مدي سنوات طويلة.. إلي حد سقوط آلاف الضحايا من المصريين.. لذا واجب علينا أن نسانده ونقدم له يد المساعدة والمشورة لكي يتمكن الوزير من إصلاح قطاع النقل.. أحد أهم القطاعات في الدولة المصرية.. وأولها قطاع السكك الحديدية التي يستخدمها ملايين المصريين يومياً.

فليس من المنطق أو العقل أن تكون مصر هي ثاني دولة في العالم تدخلها السكك الحديدية بعد بريطانيا.. ثم يكون هذا هو حالها.. فساد، وإهمال، وانهيار في كل القطاعات.

ومشكلة السكك الحديدية في مصر- من وجهة نظري- تنحصر في ثلاث مشاكل.. الأولي: تفشي الفساد في صفقات شراء العربات والجرارات وقطع الغيار.. الثاني: الإهمال في ورش الصيانة وعدم إصلاح المقاعد ودورات المياه ونظافة القطارات والمحطات.. الثالث: عدم توفير الأموال اللازمة لتطوير هذا القطاع الهام والحيوي.

وفي هذا الإطار أتحدث عن كيفية توفير الأموال اللازمة لإصلاح قطاع السكك الحديدية دون تحميل ميزانية الدولة المزيد من الأعباء.. حيث إن السكة الحديد تمتلك ثروة هائلة.. لكنها «مسروقة» و«منهوبة» تحت سمع وبصر قيادات السكك الحديدية.. وهذه هي التفاصيل.

بداية.. تمتلك هيئة السكك الحديدية 191 مليون متر مربع من الأراضي.. جميعها أو معظمها- إذا صح التعبير- تقع في أماكن متميزة.. وتنتشر هذه الأراضي علي مستوي الجمهورية.. وتحديداً تقع في 25 محافظة.. منها القاهرة وتضم 48 مليون متر مربع وحدها.. هذه الأراضي قال عنها المهندس عاطف عبدالحميد وزير النقل الأسبق انها قادرة علي تدبير كافة احتياجات السكة الحديد.. وكافية لتمويل مشروعات تطويرها دون اللجوء إلي موازنة الدولة أو الاقتراض.. لكن هذا فقط إذا أحسن استغلالها.

إلا أن الواقع المؤلم يكشف أن أراضي السكة الحديد منهوبة ومستباحة من قبل المسئولين بالهيئة.. ومن الأشخاص المنتفعين واضعي أيديهم علي هذه الأرض بأبخس الأسعار.. ومن لصوص أراضي الدولة ومحترفي تزوير ملكية الأراضي.

والحكاية.. أن الدولة تركت هذه الأراضي «سداح مداح» لسنوات طويلة.. حتي صدر القرار الجمهوري رقم 114 لسنة 2005 الخاص بحصر أراضي السكة الحديدية واستغلالها في المشروعات الاستثمارية التي تستهدف تنمية وزيادة موارد الهيئة.. إلا أن الهيئة لم تستفد من هذا القرار.. ولم تستغله.. ولم تتخذ إجراءات لاسترداد الأراضي المنهوبة أو الاستفادة من الأراضي الباقية(!)

الغريب أن هيئة السكك الحديدية قامت منذ أكثر من 10 سنوات بتأسيس شركة مملوكة لها لإدارة أصولها وأراضيها واستثمارها تحت مسمي «الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل».. وتوافد علي رئاسة هذه الشركة 6 رؤساء مجالس إدارة.. تمت إحالة اثنين منهم إلي النيابة بتهمة تأجير أراضي الهيئة بأبخس الأسعار وإبرام عقود بالمخالفة للقانون، وتغاضيهما عن تعديات علي أراضي الهيئة(!)

تقارير الرقابة  الإدارية.. والجهاز المركزي للمحاسبات تكشف فضائح لا حصر لها.. متورط فيها أسماء كثيرة ويمكن للوزير الدكتور سعد الجيوشي الاطلاع عليها ليتعرف علي حجم الفساد في ضياع أراضي وأموال هيئة السكك الحديدية.

وأنا هنا لست بصدد ذكر أسماء أو وقائع محددة لعمليات نهب وسلب أراضي السكك الحديدية.. ولكن سوف أسرد بعض ملاحظات تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات علي مدي خمس سنوات.. وهي تقارير رصدت مخالفات جسيمة وإهداراً لأموال الهيئة.. أرسلتها إلي كبار المسئولين بالسكك الحديدية ولم يردوا عليها.. أو يصلحوا ما أفسدته الضمائر.

في تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات صادر في ديسمبر 2010.. أكد أن الهيئة لم تفعل القرار الجمهوري رقم 114 لسنة 2005 الخاص بانتهاء التخصيص المقرر للمنفعة العامة لأراضي السكة الحديد.. ولم تفعل قرار وزير النقل رقم 547 لسنة 2007 الصادر بشأن حصر وتحديد أملاك الهيئة المتعدي عليها.. وأشار التقرير إلي استمرار التعدي علي أراضي الهيئة من قِبل الغير.. وأن ما أمكن حصره من تعديات علي أراضي السكة الحديد بلغ 4 ملايين متر مربع.. وأن الشركة المصرية للمشروعات المملوكة للهيئة مسئولة عن هذا الوضع.. وأن 96٪ من أراضي السكة الحديد لا تملك الهيئة تفاصيل عن قانونية ملكيتها لها أو أماكن تلك المسطحات التي يعود تاريخها لعام 1914.. وفجر التقرير مفاجأة من الوزن الثقيل.. إذ كشف عن تنازل الهيئة للغير عن 298 ألف متر مربع بدون مقابل(!)

وفي تقرير آخر للجهاز المركزي للمحاسبات صادر في نوفمبر 2011.. أكد عدم تفعيل دور الإدارة المختصة في تحصيل الإيرادات المستحقة للهيئة من إيجارات الأراضي والمساكن الممولكة لها.. مع استمرار الغير في التعدي علي أراضي السكة الحديد ولفترات طويلة سابقة من قِبل مجالس المدن والوحدات المحلية والمحافظات والشركات والأفراد دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لدرء هذا التعدي.. حيث بلغ حجم التعديات 5 ملايين و354 ألف متر مربع بعد أن كانت 3 ملايين و970 ألف متر مربع في العام السابق.

وفي تقرير للمحاسبات صادر في سبتمبر 2013.. أكد أن الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل المملوكة للهيئة لم تستغل أصول الهيئة الاستغلال الأمثل الذي يكفل زيادة الإيرادات.. ولم تستفد بما تم حصره ببعض المحافظات من أراض ومبان مملوكة لهيئة السكة الحديد والصالحة للاستثمار.. وقال التقرير: إن الشركة تركت المتعدين علي أراضي الهيئة ولم تبرم معهم عقوداً رغم تقدم البعض بطلبات لتقنين أوضاعهم.. وأشار التقرير إلي انه علي الرغم من تفريط المسئولين بالشركة في تحصيل إيرادات تأجير أصول الهيئة للغير.. إلا انه اكتشف صرف مليون ومائة ألف جنيه حوافز ومكافآت خلال عام 2012 فقط دون وجود أسس وقواعد وضوابط منظمة لصرفها.

هذه القضية.. هي قضية فساد كبري.. عششت خيوطها في كل أركان هيئة السكك الحديدية.. ويجب علي وزير النقل الدكتور سعد الجيوشي فتح هذا الملف فوراً.