رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأي الوفد

   لا شك أن البرلمان المقبل منوط به تجسيد الكثير من قيم ومبادئ وأهداف الثورة المصرية، في يناير ويونية علي التوالي. الأمر الذي يضيف إليه من الأبعاد ما يفوق ما هو منصوص عليه في الدستور من مهام واختصاصات.

   فخطوات قطعتها التجربة المصرية علي طريق التحول الديمقراطي، بات علي البرلمان المقبل أن يؤكدها، مُضيفاً إلي الاستحقاق الدستوري، وما تلاه من استحقاق رئاسي، لتكتمل الأركان الدستورية للدولة، فيما يوجه رسالة إلي العالم مفادها أن إصراراً وعزماً وطنياً لن ينقطع لتبلغ المسيرة الثورية مجمل آمال الشعب المصري في حياة كريمة حرة.

   بيد أن الأمر لا يخلو من منعطفات خطيرة، بات البرلمان المقبل مرشحاً لها، بموجب ما سبقه من ترتيبات، لم تكن الأفضل بالقطع، تجاهلت خصوصية المجتمع المصري، وأهدرت القواعد التي تبنتها تجارب ناجحة في مجال التحول الديمقراطي عقب الثورات الشعبية، وهو ما كان ينبغي أن ينال قدراً أكبر من الحرص، عسي المسيرة الثورية تنهض من كبواتها المتكررة في جانبها البرلماني، بفعل ما تتيحه المنافسة البرلمانية من مزايدات، فضلاً عن نفوذ قوى رجعية لم تتراجع عن آمالها المضادة للإرادة الشعبية الحرة التي أنتجت ثورة يناير المجيدة، وأعادت السعي باتجاه طموحاتها في الثلاثين من يونية، لتسترد ثورتها إلي حيث أرادت، لا تضعها رهن رموز الأنظمة الفاسدة التي تتصارع الآن بين طيات السباق البرلماني، لعلها تقتطع لنفسها من مقاعد البرلمان ما يوفر لها دوراً تستعيد به هيمنتها علي الحياة السياسية.

   والواقع أن نفاذاً للقوى الرجعية إلي داخل قاعات برلمان 2015، لا ينبغي أن يشتت الجهد الوطني المخلص الساعي إلي لملمة شتات القوى الثورية التي بعثرتها الأدوات الرديئة للمنافسة السياسية، خاصة في وجهها البرلماني شديد البأس.

   فليس في نجاح حفنة من رموز الأنظمة الفاسدة ما يفقدنا الثقة في قدرة الثورة المصرية علي المضي قدماً صوب أهدافها المشروعة. فلطالما مرت الثورات الشعبية بكبوات أضعفت من قوة تماسك مكوناتها السياسية والاجتماعية، بيد أن بقاء الضمير الوطني علي يقينه الحقيقي بالثورة يظل أمانة لدى القوى السياسية الأساسية الداعمة للثورة، إذ يُناط بها تعزيز ودعم الروح الثورية لدى الجماهير.

   غير أن مثل هذا الدور الصعب، لا يجد ما يمرره ما لم تنجح تلك القوى في تقديم نماذج وطنية علي درجة عالية من الوعي السياسي، تجتاز بها المواقف الصعبة التي ستكشف عنها الأوضاع متى نجح فريق غير قليل من القوى الرجعية في التسلل إلي البرلمان.

   ذلك أن وجوهاً ستسقط عنها أقنعة لطالما اعتلت بموجبها منصات الثورة؛ إذ لا صبر لتلك النوعية من محترفي المتاجرة بالعمل السياسي علي الابتعاد عن مراكز السلطة والضوء؛ وعليه فانشقاقات وتحالفات جديدة تنشأ نتيجة مخرجات العملية الانتخابية.

   فإذا ما عجزت القوى الثورية الحقيقية عن مقاومة الأدوات والآليات الرجعية للقوى المضادة للثورة، وقد باتت مملوكة أيضاً لبعض الأيادي التي طالما رفعت نداءات الثورة، فإن ظرفاً تاريخياً لا يتيح الانسحاب خياراً أمام القوى الثورية الحقيقية، لتبقي علي نضالها، وإن لم تنل نصيبها العادل عبر السباق البرلماني، لا تملك أن تشكك في قدرة الدولة علي إنجاز برلمان تستكمل به مؤسساتها الدستورية، فيما تواصل الكفاح الثوري، بصيغته السياسية، لتدلل علي مكنونها الحضاري، وحقيقة ما تتبناه من قناعات ثورية، وما يليق بها أن تتحمله من مسئوليات وطنية، لم تشتتها عنه منافع سياسية صغيرة، لتشير النتائج عندئذ إلي خطورة تراجع البرلمان عن دوره الحقيقي في تمثيل الإرادة الشعبية الحرة، لتنشأ حاجة جديدة لخطوات تصحح المسار البرلماني، في حلقة من سلسلة موجات ليس إلا بها تكتمل عملية التحول الديمقراطي.   

«الوفد»