رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يبدو جلياً للجميع أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لها نفس الأهداف، سواء كان الديمقراطيون في الحكم أم الجمهوريون. الفرق الوحيد هو في طريقة الاداء التطبيقي. فمن اللافت للنظر أن الديمقراطيين أدهى من الجمهوريين، حيث أنهم دائما يسخدمون الدوافع الإنسانية وحماية المظلومين ونشر الحرية والحكم الديمقراطي في بلاد التخلف كغطاء لغزواتهم الاقتصادية؛ وفرض الهيمنة على كل القارات؛ مع التركيز على البلدان الغنية بمصادر الطاقة الكربونية والمعادن.

أما الجمهوريون فيمكن تسميتهم بفرقة جون واين، والتي تتميز باستخدام إظهار القوة العسكرية، واستخدام الدفاع الوطني الأمريكي كغطاء لتبرير غزواتهم التوسعية، وهي أيضا من أجل الهيمنة السياسية والاقتصادية. اذا فلا فرق بين اليمين واليسار في السرقة والنهب والاستغلال واغتصاب حريات الشعوب.

 وحتى نفهم مايحدث فى المنطقة العربية، علينا أن نعرف أن الولايات المتحدة فى شبه احتياج دائم لعدو توجه ضده المدافع الاعلامية والسياسية والعسكرية، والاعلام هناك يجب أن يعمل، والا اصابه التآكل،. ولأنه فى كل يوم تتغير التركيبة العالمية، ولم تستقر بعد، وبالتالى فهناك دائما عدو بديل للعدو الحالى. وإذا كانت حرب الخليج، التى بدأها بوش الاب، كإعلان عن قيام نظام عالمي جديد، وموت النظام العالمي القديم، فهذا يعنى موت كل التوازنات والاتفاقات التي كانت ترسم حدود العالم في ذلك الحين. وبسقوط النظام القديم، سقطت معه كل الضوابط والقواعد التي كان يقوم عليه.

وفى الحقيقة إن اعتناق الرئيس جورج بوش الابن لأفكار اليمين المسيحي حول المنطقة، ورغبته في كسب تأييد هذه الفئة، جعله أكثر ميلا لرسم مخططاتهم كأهداف اعتمدت عليها السياسة الأمريكية في عهده، والتي تلاقت مع أهداف تيار المحافظين الجدد في منطقة الشرق الأوسط.. وجاءت رئاسة «بوش» الابن كبداية فعلية للتحالف بين اليمين الديني والمحافظين الجدد حول نقاط مشتركة عديدة، أهمها الصراع العربي - الإسرائيلي.

 ويبدو أن الولايات المتحدة بعد أن ذاقت مرارة الفشل في العراق وأفغانستان قررت أن تعهد لإسرائيل بتنفيذ مخططها الاستعماري بحيث تقوم بتدمير لبنان وحكومتها فيتحول لبنان إلى بلد ديمقراطي على الطريقة العراقية، أي يدور في فلك المصالح الأمريكية. وتتساقط قطع الدومينو العربى، الواحدة تلو الأخرى، كما تنبأ برنارد لويس، وقد أكد وليام كريستول (من المحافظين الجدد) أن هذه فرصة للولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة مرة أخرى في المنطقة.

وفي مقال بعنوان «الولايات المتحدة متواطئة مع إسرائيل في تحطيم لبنان» يقول المعلق الأمريكي بول كريج روبرتس (إن ما نشاهده في الشرق الأوسط هو تحقق خطة المحافظين الجدد في تحطيم أي أثر للاستقلال العربي الإسلامي، والقضاء على أي معارضة للأجندة الإسرائيلية)..وللأسف أن رضوخ أوباما لتيار المحافظين الجدد يحيلنا إلى تحول خطير في وسائل الإدارة الأمريكية والتي أصبحت تتلون بفكر هذا التيار، مما سيؤثر على العديد من مخرجات السياسة الخارجية وخصوصا تجاه أوراسيا التي يصفها جون ماكيندر بـ «قلب الكرة الأرضية»، ولكن هذا لم يحدث مع طريقة تدبيرها وإدارتها للملف النووي الإيراني الذي يعد انقلابا فى سياسة أمريكا ضد إيران، وحدث هذا لأن أزمة إيران كانت بمثابة نقطة لانفجار حرب عالمية ثالثة في حال لجوء الرئيس أوباما للقوة في تدبيره له بخضوعه لتيار المحافظين.

ولعل هذا يسير على خطى المفكر الأمريكي «فرانشيسك فوكوياما» أو فيلسوف تيار المحافظين الجدد الذى كان له رأي آخر سنة 2006 في كتاب له بعنوان  «أمريكا في مفترق الطرق.. الديمقراطية والقوة وميراث المحافظين الجدد» حيث تحدث عن ضعف السياسة الأمريكية بشقيها النظري والعملي، وأن الاستخدام المفرط للقوة بالانغماس في العسكرة سيكون أحد أسباب سقوط أمريكا في انقلاب واضح على فكر المحافظين الجدد، ولكن علينا أن نعلم أن انقلاب فوكوياما على تيار المحافظين لايؤثر كثيرا لانه فكر غير مرتبط بأشخاص بقدر ارتباطه بأفكار لها داعميها ومريدها كـ «ديك تشيني» و«بول وولفويتز» و«دونالد رامسفيلد» و«جيب بوش»، وهي أفكار بدأت ترى النور من جديد بعد رضوخ أوباما لهم، عقب الانتخابات النصفية للكونجرس حيث إرسال 1500 عسكري إضافي إلى العراق بحجة تدريب القوات الحكومية والكردية على محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» ومساعدتها في التخطيط للعمليات، وهو الرافض للتدخل خارج إطار الضربات الجوية المحدودة الأهداف، وبعد ذلك إعلان وزير الدفاع الأمريكي «تشاك هاجل» بضرورة تطوير الترسانة النووية الأمريكية والرفع من الموازنة المخصصة لها.

وسيبقى حلم تيار المحافظين الجدد، المسيطر لسنوات على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية لتنفيذ «مشروع القرن الأمريكي الجديد، هذا المشروع الذي يؤكد أن على أمريكا الاستعداد لمواجهة الأخطار، وعسكرة سياستها الخارجية والتدخل العسكري المباشر للحفاظ على مصالحها القومية وأهدافها الاستراتيجية في شتى مناطق العالم، و التعامل مع القانون الدولي كوسيلة وليس كغاية، فهو يرى أن «أمريكا أولا» وأن القيادة وحدها غير كافية. تلك الافكار تبنتها إدارة «بوش الابن» وترجمها على أرض الواقع غزو أفغانستان واحتلال العراق والتهديد، وتدمير العراق وسوريا وليبيا والقادم أسوأ أذا سيطر هذا الفكر وتمكن!