رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

« الجهاز المركزي للمحاسبات قدم 400 بلاغ للنائب العام

عن قضايا فساد متورط فيها مسئولون كبار في الدولة..

 فمن منع تحريكها؟!»

في يوليو من عام 2002.. أي منذ حوالي 13 عاماً.. حددت موعداً مع الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ـ في ذلك الوقت ـ وهو أكبر وأهم الأجهزة الرقابية في مصر.. لإجراء حوار حول صفقات بيع شركات القطاع العام.. ولمن يتم البيع؟!.. وأين ذهبت أموال  الخصخصة؟!.. وكانت لدي معلومات  ووثائق تكشف الفساد الذي شاب عمليات البيع القذرة والعفنة والتي تمت بأبخس الأثمان.. وسيطر عليها ولهفها شلة ممن تربطهم علاقات برجال في السلطة.

في بداية اللقاء فوجئت بالدكتور الملط يطلب الاطلاع علي الأسئلة تمهيداً لإعداد البيانات والمعلومات اللازمة للرد علي تلك الأسئلة بما تقتضيه الدقة في عرض الحقائق كما أفهمني.. ظل الرجل يقلب في الأوراق التي تحوي الأسئلة وهو يزمجر تارة.. ويهز رأسه تارة أخري.. ثم فوجئت به يرفض الاجابة عليها جملة وتفصيلا!!

وقال بالحرف الواحد: معني أن أجيب عن تلك الأسئلة أن أقول  لك الحقيقة.. والحقيقة أن مصر  مليئة باللصوص.. نهبوا المال العام ومازالوا ينهبون.. وأنا لا أستطيع أن أعلن وعلي لساني هذه الحقيقة.

قلت للدكتور الملط: وهل تقبل علي نفسك وعلي تاريخك المشرف أن تترك هذه الجرائم ترتكب في حق مصر وشعبها دون كشفها؟

قال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات: أنا أقوم بدوري الذي كفله لي القانون.. وهو إحالة ملفات الفساد إلي الأجهزة المعنية.. وهي تتخذ الاجراءات اللازمة نحوها.

انتهي اللقاء دون اجراء حوار.. لكنني استنتجت حقيقة هامة خلال هذا اللقاء وهي أن الأجهزة الرقابية في مصر تحت يدها مئات.. بل آلاف من ملفات الفساد التي يشيب لها الولدان.. وأن هذه الملفات تضم أسماء مسئولين كبار  لو سمعتها «يطأطئ لها شعر رأسك».. وأن النظام الحاكم هو المسئول عن كشفها أو وضعها في بير عميق مفاتيحه في يد الحاكم.. إذا أراد فتح الملف فتحه.. وإذا أراد دفنه  تركه في بير الحكومة العميق ليدخل في طي النسيان.

أقول هذا بمناسبة قضية فساد وزارة الزراعة والتي لم تكن مفاجأة ـ علي الأقل بالنسبة لي ـ فجميع  وزارات مصر تعوم علي بحيرات من الفساد المالي والإداري.. الفساد طال كل شيء.. كل وزارات مصر بدون استثناء مصابة بفيروس الفساد.. وعلي رأسها وزارة البترول التي  تحولت إلي  وزارة  لتعيين أبناء وزوجات وأقارب كبار رجال الدولة في مصر.. والكارثة أن هؤلاء المحظوظين يحصلون علي  رواتب ضخمة دون أن يقدموا أي أعمال تذكر.. أو حتي يتكبدوا عناء الذهاب إلي أعمالهم.. واسألوا  المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.

إن حجم الفساد كما قدره المستشار هشام جنينة يتجاوز 200 مليار جنيه.. وإن الفساد الملعون طال  قطاعات كثيرة في مؤسسات الدولة.

الجهاز المركزي للمحاسبات كشف منذ سنوات عن الفساد في وزارة الزراعة.. بأن هناك حوالي 18 مليار جنيه تم اهدارها في هذا القطاع نتيجة الاستيلاء علي الأراضي الزراعية.. أو البناء فوقها دون الحصول علي تصاريح.. وأن الكارثة في ذلك الأمر هي تورط العديد من المسئولين في ذلك من بينهم وزراء سابقون.. يا  نهار أسود.. وزراء متورطون في قضايا الاستيلاء علي الأراضي الزراعية والبناء فوقها.. طب مين يحاسب مين؟!.. ومين تستر علي تلك الملفات ورفض تحريكها؟!

المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قال تصريحاً خطيراً وضع النظام كله في حرج شديد.. لأ في مأزق.. قال «جنينة» إنه قدم 400 بلاغ للنائب العام عن قضايا فساد متورط فيها عدد كبير من المسئولين الذين يتولون مناصب حساسة في الدولة.. يعني ليسوا مسئولين سابقين.. بل حاليين مازالوا  موجودين في السلطة.. الكلام خطير وخطير جداً.. ويجعلنا نتساءل: إذا كانت الأجهزة الرقابية تقوم بواجبها تجاه الوطن وتقوم بعمل تقارير وملفات تضم قضايا فساد من الوزن الثقيل متهما فيها مسئولون كبار ووزراء.. ثم تتم إحالة هذه الملفات إلي النائب العام والنيابة العامة للتحقيق فيها ثم إحالتها إلي القضاء.. فمن الذي يأمر بعدم تحريك هذه الملفات لتأخذ مسارها الطبيعي؟!.. من له مصلحة في عدم كشف الفساد؟!.. من له مصلحة في التستر علي المفسدين؟!!!!!.. ومن يرد للشعب الغلبان حقوقه المسلوبة؟!.. ومن يدافع عن ثرواته المنهوبة ومصالحه الضائعة؟!!

العاملون في الجهاز المركزي للمحاسبات محبطون.. هم يشعرون بأن جهاز المحاسبات صار جهازاً رقابياَ بلا أنياب.. وبلا فاعلية.. وبلا فائدة.. فما معني أن يقوموا بإعداد تقارير بقضايا الفساد ونهب المال  العام.. ثم يكون مصيرها الإخفاء في بير الحكومة الغويط.. لذا نشر جهاز المحاسبات بيانا علي لسان المستشار هشام جنينة منذ أيام.. طالب فيه بتشكيل لجنة تقصي حقائق لمحاسبة كبار المسئولين في الدولة.. خاصة بعد أن كشفت  التحقيقات عن وجود فساد كبير داخل الهيئات الحكومية يتورط فيها عدد كبير من المسئولين بالدولة.

إن القضية خطيرة.. وخطيرة جداً.. فإما أن تنتصر دولة العدل والقانون.. أو نترك دولة الفساد والافساد تنهش في جسد الأمة.. تقضي عليها.. وتنسفها من علي وجه الأرض.. لقد فقدت الأجهزة الرقابية في مصر الثقة والمصداقية في أدائها.. بسبب عدم الكشف عن قضايا الفساد أو المتورطين فيها.. فلا قيمة لأي جهاز رقابي إذا لم يتم التحقيق في الوقائع التي يكتشفها في اطار مراقبته.. وإلا فحلوا هذه الأجهزة الرقابية وريحونا.

إن الفرصة سانحة الآن وليس بعد أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي كي يبدأ حملة لتطهير مصر من الفساد.