رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

من يقرأ عنوان هذا المقال يظن أننى أسأل عن كيفية وقوع هذه السرقة من مصلحة سك العملة، لكن الإجابة قد تكفلت بها تفصيلاً الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، التي سارع رجالها وخلال أربع وعشرين ساعة مرت علي وقوع السرقة فى الاهتداء إلي اللصوص والإمساك بهم وجمع ما سرقوه ليتوزع فى أماكن شتى!، ولكن هذه الجريمة تمثل عندى بتفاصيلها آية ناصعة من آيات الهزل والاستهتار فيما شاع فى مصالحنا وجهاتنا الحكومية، مما لم تسلم منه هذه الجهة الحكومية التي لا يجوز فيها الهزل والاستهتار عندما يكون نشاطها الأساسى فى التعامل مع مخزون أساسى ومسكوكات يجرى تصنيعها من الذهب الخالص، وهو المعدن النفيس الذى لا تتعادل قيمته مع أى قيمة أخرى لمعدن تعمل فيه مصلحة سك العملة!، لكن تفاصيل السرقة والخطوات التي اتبعت لإنجازها لا تنم عن ذكاء خارق يتمتع به اللصوص الذين قبض عليهم!؛ إذ كان البلاغ عن السرقة من أمين الخزينة الذى اكتشف سرقة الذهب المسروق سبائك ومشغولات عند الصباح، وقد تبين لرجال المباحث أن الخزينة قد فتحت بمفتاحها العادى!، مما ترك اقناعًا لدى رجال المباحث بأن السرقة قد تمت بمعرفة البعض من داخل المصلحة!، وأن هذا الذى فتح الخزينة لم يلق أى عناء فى فتحها؛ فضلاً عن أنه يعرف ما بداخلها، فكان أن اتجه الاتهام إلي المبلغ أمين الخزينة وتم اتخاذ قرار بحبسه أربعة أيام علي ذمة التحقيق.

وأبدأ من أول الأدلة علي الاستهتار البالغ بأمر الخزينة وما تحويه من مخزون المعدن الذهبى النفيس!، فأمين الخزينة قد دأب على أن يحتفظ بالمفتاح ونسختين منه فى درج مكتبه آخر يوم العمل ليعود إلى مكتبه فى صباح اليوم التالى!، وأظن أن أى إحساس بالمسئولية يستبعد ترك مفاتيح هذه الخزينة فى درج مكتب موظف سواء كان المكتب معدنيًا أو خشبيًا، وأيا ما كان موقع المكتب سواء يجاور الخزينة أو أنه فى غرفة أخرى، لكن الموظف فيما يبدو استسهل الأمر، ووجد أن درج مكتبه هو الملاذ الآمن لمفاتيح الخزينة!، ربما ظانا أن أحدًا لا يعرف مكان هذه المفاتيح سواه!، ولم يكن يعرف أن هناك من يعرفون أين المفاتيح من عمال وموظفى المصلحة!، وقد سهلت هذه الملابسات لرئيس أحد الأقسام بالمصلحة أن يرتب للسرقة مع «سباك» المصلحة الموظف فيها، والتقت الإرادتان على تنفيذ السرقة فى أثناء اجازة أمين الخزينة!، وقد تمت السرقة فى سهولة ويسر بالغين حتى أن السباك قد خرج ببعض السبائك فى سيارة «حضرته» الخاصة!، وكان لابد أن يترك بعض ما سرق لدى رئيس القسم الذى سهل له فتح الكنز ليكون تحت أمره عندما يقرر سحب جزء جديد من البضاعة الذهبية!، ولم يجد السباك عناء فى البحث عن مشتر لسبائك الذهب!، فأول دفعة خرجت معه فى سيارته قد باعها لصائغ أعطاه الثمن نقدًا وهو يعرف أن سبائك الذهب مسروقة!، وقد جمعت أجهزة الأمن المسروقات من شتاتها وكذلك متحصلات بيع السبائك التي تيسر بيعها، وهكذا عادت السبائك والأموال إلا من بعض ما أنفقه اللصوص على أنفسهم وأفراد أسرهم، وقد اعترف الذين سرقوا سبائك الذهب بيسر وسهولة بالغين بالسرقة، لتبقى أسئلتى ـ بعد توجهى بالتحية إلى أجهزة الأمن التي بذلت من الجهود ما بذلت لمتابعة السرقة ـ عن هذا الهزل الذى يمارس فى بعض الأجهزة والجهات الحكومية، فتفرط فى الغالى والنفيس بلا أى اعتبار لتأمين ما لديها من أموال الشعب؟