رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

توازن علاقات مصر الدولية، وعلاقة مصر بأى دولةٍ ليست على حساب علاقتها بأى دولةٍ أخرى، وعلاقة مصر بالولايات المتحدة الامريكية علاقة وثيقة ولا يمكن أن تتأثر بتنامى علاقاتها مع الشرق. كل تلك ومثلها من العبارات الدبلوماسية الجميلة قِيلت وكان يجب بالفعل أن تُقال بمناسبة التقارب الايجابى الملموس الذى تحقق بعد ثورة 30 يونية بين مصر وكتلة الشرق وعلى رأسها دولة روسيا الاتحادية.

وفى واقع الأمر فإنه مع التسليم بمتغيرات العصر والانفتاح العالمى الذى جعل الكون كله وكأنه قرية واحدة، وهو ما يفرض على كافة الدول اقامة علاقات متوازنة فيما بينها جميعاً لتحقيق المصالح المشتركة، إلا أننى أعتقد أن إعادة ودعم وتنمية العلاقات المصرية الروسية - وهى الملحمة التى يقودها باقتدار الرئيس عبدالفتاح السيسى - تتجاوز ذلك بكثير ولها أبعادٌ أكبر وأعمق من مجرد علاقاتٍ دوليةٍ طيبةٍ نحرص عليها مع كل الدول. وحتى نتدبر الأمر بشىء من الايضاح نعرض للنقاط الموجزة التالية: (1) رغم أن مصر لم تقطع علاقاتها مع أىٍ من الدول الغربية أو الولايات المتحدة رغم كثيرٍ من الظروف التاريخية الصعبة التى كانت تجيز ذلك، فإن الذاكرة المصرية ستظل مليئةً ومثقلةً بالصفحات السوداء عن توجهات وسياسات وممارسات تلك الدول تجاه مصر بل وتجاه الأمة العربية بأسرها، وهو الأمر الذى شخّص فى النهاية الولايات المتحدة الامريكية بالذات كرأس الافعى التى لا يُنتظر منها شهداً، أو كشيطانٍ مارجٍ لا يبغى إلا شراً وفساداً. (2) من خلال التدقيق المتأنى فى كل المواقف الأمريكية عبر العقود الطويلة الماضية، والظروف المريرة التى عانت منها مصر، نستطيع أن نتبين أن عداء تلك الدولة لمصر وللأمة العربية ليس لمجرد نوازع استعمارية ورغبات فى الهيمنة والسيطرة واستلاب الثروات والمصالح فحسب، ولكنه عداء يقوم فى المقام الاول على ركائز عقائدية خاطئة أصبحت متجذرةً فى الإدارة الأمريكية، وهنا مكمن الخطر الأكبر لأن السياسة الأمريكية بُنيت على عقيدة فاسدة مؤداها أن الأمة العربية أو بالأحرى الإسلامية هى بؤرة الشر التى يجب محوها من الكون، وأن دولة إسرائيل اليهودية هى واحة الأمان للبشرية وشعبها هم أنصار السيد المسيح فى اليوم المنتظر المزعوم. إن هذه العقيدة الخربة التى تحكم السياسة الأمريكية هى ما جعلت إسرائيل بمثابة الابن الوحيد المدلل للإدارات الأمريكية، ولم تكن المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية لأمريكا هى السبب، فهى مصالح يمكن أن تكون لها لدى العرب بأكثر مما لدى إسرائيل. (3) كانت ثورة 23 يوليو 1952 تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب وإفصاحاً عن مكنونه الذهنى الذى اختزنه فى وجدانه عبر تاريخه الطويل، والذى أدرك من خلاله أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يُمكن أن تكون صديقاً مخلصاً - وأكرر مخلصاً - مهما كانت الظروف ومهما طال الزمان، وأنها فى أحسن حالاتها إذا أعطت فإنها لا تكتفى بالمقابل فقط وهو شىء مقبولٌ بمنطق المصالح التى تحكم العلاقات الدولية ولكنها تفرضُ بهذا العطاء أيديولوجياتها الخاصة على الشعوب على عكس القطب العالمى الثانى، ومن هنا استطاعت مصر منذ ذلك الحين أن تحدد من هو الصديق الاستراتيجى وأيضاً من هو العدو الاستراتيجى، إلى أن جاءت حقبة السبعينات فانقلب الحال رأساً على عقب. (4) حينما استرد الشعب وعيه وهب بثورته فى 30 يونية 2013 وكان من أهم أهدافها التحرر من الهيمنة الأمريكية وإعلاء السيادة الوطنية والقضاء على الخونة والمتآمرين على الوطن، كان منطقياً وتحقيقاً للأهداف الثورية أن تعود العلاقات المصرية الروسية إلى سابق عهدها، وهو ما يُعد تصحيحاً واجباً وحتمياً فى بوصلة السياسة المصرية من أجل أمنها القومى وسيادتها الوطنية مهما كانت المخاطر والتحديات . إن إدراك أهمية إقامة علاقات استراتيجية قوية مع روسيا ودول الشرق وعدم اعتبارها كأى علاقاتٍ دوليةٍ أخرى قد تتماثل أو تتشابه فيما بينها، يدعونا لليقظة لكل العدائيات المحتملة التى لن تكف عنها قوى البغى والعدوان، لأن توجه مصر نحو الشرق بتلك القفزات الواثقة والواعية والقوية للفارس الوطنى، لا تعنى بالنسبة للقوى المعادية مجرد ضبطٍ لتوازن علاقات مصر الدولية وفقاً للسائد المألوف، وإنما تعنى هدماً للمعايير والفرضيات والمخططات التى وُضعت من قبل لإعادة رسم الخريطة السياسية للعالم وفقاً لمصالح وأطماع تلك الدول الاستعمارية المعادية.

حفظ الله مصرنا الغالية , وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل ،،

لواء بالمعاش

 

‏E-Mail :[email protected]