رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

< مؤامرات="" دولية="" قضت="" علي="" 3="" مشروعات="">

لإنشاء محطات نووية سلمية.. قادتها أمريكا لخدمة إسرائيل

وأخيراً.. بدأت مصر خطواتها الأولي في الشارع النووي.

«الخوف» هو الشعار الذي رفعته أصوات مصرية عديدة.. احتشدت وتوحدت وصرخت واعترضت قبل سنوات.. حين كانت هناك بارقة أمل بأن تتقدم مصر عدة خطوات في مجال التكنولوجيا النووية.. تقدماً سلمياً.. من خلال إنشاء مفاعل غير عسكري لتوليد الطاقة الكهربية.

وقتها- وتحديداً خلال أعوام 1985 و1986 و1987- أشهر هؤلاء في وجوه جميع المؤيدين لتلك الخطوة أسلحة الرعب والخوف من عدم الأمان النووي.. وهددوا بالمصائب والكوارث التي يمكن أن تشبه ما حدث في كارثة «تشرنوبيل» في روسيا عام 1986.. وزعم البعض ان هذا ترف لا نقدر عليه.. فوأدوا المشروع.

حُرمت مصر من السير في طريق المشروع النووي السلمي.. بينما صارت القدرة النووية في يد كل من هب ودب.. وأصبحت القنابل- وليست المشروعات ذات الطابع السلمي- في يد الدول الصغيرة قبل الكبيرة.. والفقيرة قبل الغنية.. تفرض أوضاعاً.. وتحمي الخرائط.. وتحدد موازين القوي.. وتشكل صورة المستقبل.. من الهند إلي باكستان.. ومن الصين إلي إسرائيل.. وحتي إيران.. بينما مصر لم تتعد بعد مساحات أولية ضعيفة في هذا المجال.. تصارع من أجل مفاعل سلمي صغير ومحدود القدرة.

هؤلاء الذين اعترضوا.. وضعوا رقابنا- عن عمد أو عن جهل أو عن خوف- علي مقصلة الرعب والخوف.. أخروا الوطن سنوات.. وسحبوه للوراء عقوداً.. بينما الآخرون مضوا في طريقهم إلي الأمام.

في عام 1985 أصدر بنك الاستيراد والتجارة الأمريكي «بنك اكسيم» بياناً حذر فيه من تمويل إنشاء محطات نووية في مصر باعتبارها بلداً مفلساً- في ذلك الوقت- وهو ما أعاد للأذهان وقتها سيناريو موقف البنك الدولي من تمويل مشروع السد العالي في الخمسينيات من القرن الماضي.

ورغم الفارق في الأهداف.. ورغم اختلاف المقاصد بين المشروع المصري السلمي.. والمشروع الباكستاني العسكري.. إلا انه يجب أن نقول.. ان «إسلام أباد» هذه العاصمة الفقيرة لدولة أفقر لم تهتم أبداً بالإفلاس كي تحمي أمنها القومي.. حتي إن «ذو الفقار بوتو» رئيس وزراء باكستان قال: «إذا بنت الهند القنبلة النووية، فإننا سنأكل الأعشاب وأوراق الشجر ويمكن أن نعاني من آلام الجوع، كي نحصل علي قنبلة نووية من صنع أيدينا.. فليس لدينا بديل آخر». هذا الخطر.. وهذا الفقر.. لم يمنعا باكستان من أن تخوض المعركة- سراً وعلناً- حتي وصفت مع الهند.. الدولة الفقيرة أيضاً.. بأنها من دول العتبة النووية.. ثم تخطت الاثنتان العتبة ودخلتا النادي النووي عنوة.

ومصر لم تصل إلي العتبة.. بل تبدو في بداية الشارع النووي.. وعلي ناصيته السلمية.. وهذا لا يعني بالطبع اننا نطالب بصناعة قنبلة نووية.. ولكن نطالب بتكريس الجهود لتنمية القدرة السلمية.. خاصة إذا كانت إسرائيل تملك ما هو أبعد.. ولا سيما أن أعتي الدول معارضة للسلاح النووي، وهي اليابان، تملك هذه التكنولوجيا غير العسكرية.

وواقع الأمر.. أن هناك قوي عديدة كانت دائماً وأبداً تقف أمام أي تقدم مصري في هذا المجال السلمي.. والسبب واضح.. فالمجالات النووية السلمية تختلف عن التطبيقات العسكرية ولا تؤدي بالضرورة لها.. بل إنه من الصعب استخدام المفاعلات النووية السلمية في أغراض عسكرية.. والسبب نظام الرقابة الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. إلا أن إتقان التعامل مع التكنولوجيا النووية لا يمكن تجزئته.. وقد أثبتت تجربة العراق والهند وباكستان وإيران، انه يمكن لو توافرت الإرادة السياسية تطوير أسلحة نووية.. وربما كان هذا هو السبب الحقيقي وراء مقاومة أمريكا وإسرائيل لدخول المحطات النووية إلي مصر.

والتاريخ يثبت ذلك.

فقد قامت مصر بثلاث محاولات في هذا الاتجاه.. كلها حوربت وانتهت.. خلال ما يزيد علي 57 عاماً هي عمر البرنامج النووي المصري ذي الأهداف السلمية.. هذا البرنامج بدأ عام 1955 بعد أن حضرت مصر في أغسطس من هذا العام المؤتمر الأول للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.. والذي نظمته الأمم المتحدة.. بعدها صدر القانون رقم 509 لإنشاء لجنة الطاقة الذرية.. وفي عام 1957 تم إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية بالقرار الجمهوري رقم 288.. وفي عام 1961 تم تشغيل مفاعل إنشاص.. وفي عام 1963 جرت الدراسات التمهيدية لاستخدام مفاعلات القوي النووية السلمية.. وفي عام 1964 طرحت مناقصة لإنشاء محطة قوي نووية لتوليد الكهرباء.. وكانت تلك هي المحاولة الأولي.. وقدمت بالفعل شركة «وستنجهاوس» الأمريكية خطاب نوايا لمصر في هذا الاتجاه عام 1966.. ثم توقف المشروع بسبب حرب يونية 1967.

المحاولة الثانية جرت في عام 1974.. حين تم إعداد مواصفات وطرح مناقصة لإنشاء محطة توليد طاقة.. وصدر مرة أخري خطاب نوايا من شركة «وستنجهاوس» الأمريكية.. لكن الولايات المتحدة تراجعت في عام 1978 عن اتفاقية تعاون في هذا المجال.. وفرضت شروطاً اعتبرتها مصر ماسة بالسيادة.. ورفضتها.. ففشلت المحاولة الثانية.

وفي عام 1983 كانت مصر قد انتهت من طرح المناقصة الثالثة لإنشاء محطة قوي نووية.. وفي عام 1984 تم تقييم العطاءات.. ثم وقعت حادثة «تشرنوبيل» قبل أيام من ترسية العطاء مع أحد المتقدمين للمناقصة.. وفشلت المحاولة الثالثة.

وفي حين كان كل هذا يتم.. وتتراجع مصر بفعل فاعل أجنبي خطوة تلو أخري.. كان الآخرون وسط تواطؤ دولي ملحوظ يتقدمون.. ليس في مجال السلم فقط.. ولكن أيضاً في مجال إنتاج القنابل وأسلحة الرعب والدمار.

إن الضغط الدولي علي مصر طوال السنوات الماضية لحرمانها من إنشاء مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء بحجة أنها دولة فقيرة.. لا ينفي التواطؤ الدولي لصالح إسرائيل.. وبالتحديد من الولايات المتحدة الأمريكية.. هذا التميز الإقليمي الذي حظيت به إسرائيل- ولم تزل- قوبلت أي محاولة مصرية في اتجاهه بالإجهاض.. إن لم يكن باغتيال العلماء المصريين العاملين في هذا المجال.

ومن ثم.. فإن الاتفاق الذي وقعه الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الجانب الروسي الأسبوع الماضي في موسكو لإنشاء عدة محطات نووية لإنتاج الكهرباء في مصر.. خطوة مهمة للغاية.. وبداية كي تسير مصر عدة خطوات سلمية في الشارع النووي.