رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عسل أسود

يجب ان يدرك الجميع اننا بعد ثورتين نحتاج الي خلق نظام جديد يتقاطع تماما مع نظامي مبارك والاخوان، نظام يطلق الاستقطاب الديني المقيت، ويؤسس لرؤية جديدة لبلد نهبت ثرواته علي مدار عقود طويلة ومازالت، بلد تم تجريف عقوله أو إفسادها بشكل ممنهج ما بين تطرف باسم الدين أو انحلال اخلاقي بدعوي الحداثة والحرية، وهو ما يستوجب وقفة صادقة مع النفس، وعدم تكرار الماضي البغيض وإلا ستكون النتائج كارثية علي جميع المستويات ونعود من جديد للمربع صفر في ظل تربصات خارجية وداخلية تحيط بنا من كل جانب.

وهنا يصبح البرلمان القادم لما يمتلكه من صلاحيات وبوصفه اخر استحقاقات خارطة الطريق نقطة مفصلية في تحديد انحيازات النظام الجديد وتوجهاته، والصراحة تستوجب ان نؤكد ان اعادة تدوير نظام مبارك ونوابه بشكل جديد خطر لابد من التخلص منه، وأن لعبة التوازنات دون النظر لمصلحة البلاد واختيار الكفاءة والاعتماد علي منطق الارضاءات والمجاملات سيعيدنا للمربع صفر، ويزيد من حجم الغضب الشعبي، فمن يتصور ان الشعب المصري لا يمتلك الوعي جاهل، الحقيقية ان الكثير من البسطاء يمتلكون رؤية أكثر عمقا من بعض المسئولين في بلادنا، كل ذلك وغيره، يستوجب اختيار الأفضل والبعد علي لعبة توزيع التورتة أو شراء الخواطر أو إيحاء البعض زورا وبهتانا أنهم يملكون مفاتيح الوطن، فلو كانوا كذلك لنفعوا نظام مبارك ومنعوه من السقوط والانهيار في 18 يوماً، لذا فان شعبيتهم وهمية وقدراتهم مجرد خيال والاعتماد عليهم ينذر باشتعال مصر، ويمنح أعداء الوطن الفرصة للتشكيك في المرحلة بكاملها وهو ما يجب أن نتلاشاه.

والحقيقة ان الخطر ليس فقط في إعادة وجوه أسقطها الشعب ولكن أيضا في لعبة التوازنات والمحاصصة، وصناعة مرشحين من ورق دون رصيد حقيقي، وبعضها ليس لديه سوي ظهور إعلامي فقط، ومنح مقاعد لأشخاص أقل ما يطلق عليهم الفاسدون الجدد والمتربحون من عصر الثورة، فكيف يمثل الشعب المصري في برلمان بعد ثورتين شخص مدمن مخدر البانجو، حاول الادعاء انه سيترشح فردي في أحد دوائر محافظة القليوبية، وعندما علم انه سيخرج بفضيحة بدأ استغلال علاقاته لفرض اسمه علي احدي القوائم، واخر ينتمي لحركات تخريبية لو ترشح فردي في مدينة نصر محل سكنه لن يحصل علي صوتين وفرض نفسه في القائمة، وثالث سطحي وأبرز صفاته الباروكة التي يرتديها، فهل هذه هي النوعيات التي نريد ان نقدمها لنحصل علي ثقة الشعب، ورابع كل رصيده انه ابن نائب سابق في صعيد مصر، لكن الكارثة أن والده تورط في جرائم خطف أقباط بعد الثورة مقابل فدية، وغيرهم كثيرون كانوا ومازالو يمثلون خطراً علي النظام الجديد.

الحقيقة أن سوء الاختيارات خطر لو تعلمون عظيم، وأحياء البعض بان من سيتم ابعادهم سيتم ارضاؤهم بمناصب تنفيذية، خطر جديد لأن مصر ليست تورتة يتم توزيعها بمنطق الغنائم، وان تلك الممارسات ثار ضدها الشعب مرتين ومن يوحي بذلك يضلل قيادته، فربما يقبل مرشح ألا يتم اختياره اذا جاءوا بالأفضل، لكن اذا جاء الأسوأ فانهم لن يرضوا أبدا حتي لو أظهروا غير ذلك من منطق عدم قدرتهم علي تحدي النظام.

في المقابل رغم توقعاتي بان القوائم الانتخابية ربما تشهد انقلابا في اسماء المرشحين، واستبعاد الاسماء المشبوهة، وسيئة السمعة، الا ان النظام الجديد في حاجة الي فرز رجاله، الي اختيار وجوه جديدة يراهن عليها في المستقبل، وبالتي تصبح الانتخابات البرلمانية القادمة فرصة ذهبية اولا لاكتشاف النخبة الجديدة في الوطن، والتي يمكن ان تكون نواة النظام الجديد، وأيضا التخلص من فسدة الحزب الوطني، وتجار الدين سواء كان اسلامياً أو مسيحياً، ودعاة العنف والتطرف والإرهاب، لذا فان معركة ليست سهلة علي الاطلاق كما يتصور البعض، وهو ما يحمل النظام مسئولية كبري في تحديد رهاناته، وعليه أن يحسن اختيار رجاله، في المقابل إسكات الاصوات التي تدعي كذبا أنها ممثلة للرئيس خطوة ضرورية، اولا لانها دون المستوي وليست تلك التي يمكن ان تقود نظاماً جديداً يراهن عليه المصريون بعد ثورتين، علاوة علي أن ذلك يسيء لرئيس الشخص والدولة، ويضعه في مواجهة مع الشعب الذي يثق في انه لن يعيد الفاسدين والمرتزقة للمشهد السياسي مرة أخري.

الحقيقة أن البرلمان القادم سيشهد مفاجآت مدوية أبرزها خروج أحزاب المال السياسي خالية اليدين، فالشعب سيحصل علي فلوسهم ولكن سيمنح أصواته لمن يستحق، كما أنه لن يسمح بعودة رجل الأعمال أحمد عز للسيطرة علي البرلمان، كما أن رجل الأعمال نجيب ساويرس سيصطدم مشروعه السياسي للسيطرة علي البرلمان ثم الحكومة والدولة برفض شعبي واسع، فالمصريون لن يقبلوا عودة نموذج سيطرة رجال الأعمال، وما يعنيه من زواج المال بالسلطة، الذي كان أبرز أسباب سقوط دولة مبارك، والنظام لن يقبل بدور كبير لأصحاب الأجندات الخارجية، وسيكتف بمنحهم دوراً ثانوياً لانه لا يريد اقصاءهم بالكامل لاعتبارات شديدة التعقيد، علاوة علي اختفاء سطوة الاسلام السياسي، وظهور حزب النور في مساحة تجعله من الاحزاب المتواجدة لكن لا تعطيه أي اكثرية تذكر، وأخيرا الانتخابات الجديدة احد اهم اهدافها اكتشاف النخبة الجديدة، خاصة ان هناك أنباء قوية ان عمر البرلمان لن يزيد على عامين، وان دوره فقط تعديل المواد المعيبة في الدستور، علاوة علي التخلص من الضغوط الخارجية، ثم يتم حله لاعتبارات تتعلق بعدم الدستورية.

كل تلك الأخطاء أو غيرها، لابد من معالجتها، لأن ذلك خطر يهدد النظام الجديد رغم ما يتمتع به من شعبية واسعة حتي الآن لذا فإننا نحذر من انتقال الشعب من مرحلة مقاطعة الانتخابات إلي مرحلة التصويت العقابي ومنح أصواتهم للجانب الآخر تعبيراً عن الرفض، وهو ما يستوجب مراجعة المواقف واختيار مرشحين يمتلكون ثقة الشارع، فهو الفيصل بلا جدال حتي لا يتم هدم المعبد علي الجميع في ظل برلمان لو سيطر عليه رجال مبارك والاخوان لأدخلونا في نفق مظلم لن نخرج منه أبداً.

[email protected]