عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأى الوفد

بتحديد جدول سير عملية الانتخابات البرلمانية، باتت الدولة المدنية الحديثة علي محك المجتمع ككل؛ ذلك أن برلماناً يجسد قيم ومبادئ وأهداف الثورة المصرية، لا يعد ترفاً في المرحلة الدقيقة الراهنة، قدر ما هو ضرورة مُلحة، وسمة أساسية لا ينبغي أن تغيب هدفاً سامياً عن كافة الجهود الوطنية المخلصة الساعية إلي تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي.

والواقع أن مسئولية ضخمة تتحملها الأجيال الحالية؛ إذ يُناط بها تعديل مسار الثقافة السياسية السائدة باتجاه ما تؤكده التجارب الناجحة في المجتمعات الديمقراطية التي عرفت طريقها صوب أسس وقواعد بناء مجتمعات متحضرة، ليست هي قادرة إلا علي إنتاج تنمية مستدامة شاملة.

والواقع أن التاريخ لا يذكر أن برلماناً نهض يجسد طموحات ثورة شعبيه، وقد تأسس وفق معايير ليست علي صلة بكافة قواعد الحكم الرشيد. وهو أمر بات أمره متروكاً، في كثير من جوانبه، إلي الناخب ذاته، ليصحح خطايا نخبته، بعد أن عجزت القوى السياسية الثورية عن تحصين العملية الانتخابية ضد الانتهاكات الموروثة التي كرستها نظم فاسدة، ثقافة سياسية رديئة، تضرب قواعد الدولة الديمقراطية.  

ولعل المجتمع الدولي، وهو يرقب التجربة المصرية في اللحظة الراهنة، لا يمنحنا الكثير من المبررات لتكرار العثرات التي مرت بها محاولات استكمال المؤسسات الدستورية للدولة. وهو أمر لا ينبغي أن نقابله باعتباره حلقة في «سلسلة المؤامرات» التي يحلو للبعض مواصلة السير علي هداها، فنغيب عن واقعنا الصعب، وتكاد الفرص لا ندرك منها نجاحاً نصحح به من خطايانا في حق الملايين الطامحة في حياة أفضل بموجب ثورتها التي أبهرت العالم.

بيد أن «برلماناً فحسب»، لا ينبغي أن يظل سقفاً أعلى لخطواتنا باتجاه بناء دولتنا الحديثة. إذ إن البرلمان الجديد يتجاوز مجرد استكمال خارطة الطريق، إلي كونه خطوة شديدة الدلالة علي صدق الإرادة الشعبية الحرة التي أفرزت النظام الحالي.

وعليه، يظل البرلمان المقبل في دائرة الرصد من كل متابع لحركة المجتمع المصري، لا من موعد انعقاده، وما سيموج به من فعاليات، وما سيصدر عنه من تشريعات، بل من كافة الممارسات التي ستصاحب مختلف مراحل السباق البرلماني.

وهنا تبرز أهمية الالتزام بالضوابط الحاكمة للعملية الانتخابية، من كافة الأطراف، والحرص علي تقديم نموذج يضيف ولا يخصم من رصيد التجربة المصرية، في الداخل والخارج علي السواء؛ فممارسات تنتمي إلي فكر ونهج الأنظمة الفاسدة التي أسقطتها الثورة المصرية، في يناير ويونيو علي التوالي، لا يمكن أن يعبر عن صحيح الإرادة الشعبية الحرة، ولا عن وجود قناعات ديمقراطية حقيقية لدى النخبة السياسية، أينما تواجدوا، وأياً كانت توجهاتهم السياسية.

وواقع الأمر أن السباق البرلماني شديد الدلالة، بالغ القسوة في كشف كثير من الملابسات التي أحاطت المشهد السياسي بحالة مُفرطة من الضبابية، واليوم حان موعد كشف ما يعتمل داخل المشهد السياسي من تفاعلات، لتدرك القوى الثورية موقعها داخل أوساط الرأي العام، وتبرز الدولة المصرية عن وجهها الصحيح، وحقيقة ما تملكه من قيم ديمقراطية.