رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيظل فلاديمير بوتين بمثابة الرجل اللغز الذى يزداد غموضاً كلما فسرت أحد طلاسم شخصيته، وربما هنا تكمن قوة شخصيته، ومنذ عدة أشهر شدنى كتاب مهم عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، صدر بالفرنسية، بعنوان «ما يدور في رأس بوتين» أشار فيه المؤلف إلي أن بوتين كثيراً ما يستخدم العديد من المرجعيات الفلسفية في خطاباته العامّة، ليعطي لتصريحاته وخطاباته الكثير من الأهميّة.ويرى مؤلف الكتاب، ميشيل إلتيشانينوف، أن من أهم المفكرين والفلاسفة، الذين أثروا في أفكار بوتين، ألكسندر سولجنيتسين، الذي استقبله في بيته عقب توليه الرئاسة لأكثر من ساعتين، والروائى دوستويفسكى، مؤكداً أن هؤلاء تركوا بصماتهم على سلوكية فلاديمير بوتين، إلى جانب استخدامه مرجعيات المفكرين والفلاسفة الروس القدامى الكبار كإحدى دلالات الوطنية، خاصة الفلاسفة والمفكرين الروس في القرنين التاسع عشر والعشرين.. وأن فلاديمير بوتين رسّخ في «رأسه» فكرة تقول بـ «التعارض العميق بين روسيا وأوروبا الغربية»، وهو يجد مرجعيته الفكرية من أجل ذلك لدى «نيكولاي دانيليفسكي» الذي عاش في القرن التاسع عشر.. وأن الخطّة التي يبنيها بوتين هي العمل على بناء «مجال أوروبي - آسيوي» يجري التعبير عنه بـ «أوراسيا»، بحيث يحيط بروسيا ويحميها، وتكون هي في الوقت نفسه بمنزلة «الرئة» التي يتنفّس منها، وفى الإطار الجغرافي عبارة عن مناطق واسعة، تضم بعض بلدان آسيا الوسطى وبلدان أوروبا الوسطى والشرقية مثل بلغاريا وبلاد القوقاز.

ويرى بوتين أن روسيا يجب أن تصبح في قلب هذا المجال بمنزلة «قطب جذب ومنافسة حقيقي» مع أوروبا الغربية، وكذلك مع الصين.. أما المفكر الروسي الذي يمثّل المرجعية الأساسية لدى فلاديمير بوتين هو «إيفان اليين».. والبريطاني المعروف بروفيسور قيوفري هوسكينج اقترب بشكل مختلف من بوتين، مقدماً صورة بعيدة عن رأى المسئولين الغربيين فى القيصر، واضعاً بوتين في تاريخ العالم جنباً إلى جنب مع إلكسندر المقدوني، نابليون، ديجول وستالين وهتلر، لينين، وأجهزة المخابرات، مؤكداً أن مشروع حياته هو عودة الإمبراطورية الروسية، وأنه سيأتي بالإمبراطورية، وبكل الوسائل البقاء، مشيراً إلى أن بوتين القادم من النظام الأطلنطي اليلتسني، غيَّر الاتجاه 180 درجة.

لقد كانت الفكرة الرئيسية عندما جاء، دعوة روسيا إلى العالم الغربي من أجل أن تصبح، كما قال، «دولة طبيعية».. الآن الفكرة هي: روسيا بلد عظيم، لا «طبيعية». فهي دولة، لها سياسة مستقلة، وخالية من الضغوط وخالية من عولمة العالم واحدة القطب، هذا ما ينفذه بوتين وميدفيديف الآن، وهذا هو برنامج الجيوسياسة في بناء الإمبراطورية.. على النقيض من هؤلاء يرى الكاتب بوبولو أن بوتين يبالغ في الاعتقاد أن روسيا هي دولة عظمى فعلى الرغم أنه قوة عسكرية، ولكنها اقتصادياً تعتمد على العالم الحر والصين وأوروبا.. وأن بوتين يعتبر تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، كارثة.. لذلك يتصرف وكأن روسيا هي الاتحاد السوفيتي، لذلك فروسيا تنتقل من نزاع مع جورجيا إلى صراع مع أوكرانيا إلى تحديات مع بولندا.

ويرى أن دول الاتحاد السوفيتي السابق نالت استقلالها الفعلي منذ عشرين عاماً تقريباً، وهي راغبة في الاستمرار في هذه الاستقلالية مع الاحتفاظ بعلاقة طبيعية مع روسيا. وعلى بوتين والقيادة الروسية، عدم تكرار ما فعله الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين بالسقوط في أحضان الغرب، ولا في العودة إلى السياسات السوفيتية التي تدّعي أن أمريكا وأوروبا والعالم الغربي في حالة انهيار وعلينا تحديها.

الطريف أن بوبولو يخلط بين مرحلتي يلتسين وبوتين، فيقول إن «روسيا بعدما كانت القوة العظمى الثانية بعد أمريكا خلال وجود الاتحاد السوفيتي أصبحت بعد سقوطه دولة إقليمية عادية لديها اهتمامات دولية، ولم تعد تهدد العالم كما كانت سابقا وفقدت أهميتها ونفوذها، حتى برغم محاولات بوتين استعادة هذا النفوذ، وكل ما نفذته على الأرض من «نجاحات» اقتصر على حربها على جورجيا وضمها منطقة «القرم» في شرق أوكرانيا إلى نفوذها بالقوة، ويرى بولو أن روسيا قضت على مشاريع إدارة أزمات الشرق الأوسط الخطيرة، وأن روسيا لا تملك الكثير من الأصدقاء في العالم.. وأن نفوذ روسيا العالمي الباقي، لأنها إحدى الدول الخمس في العالم التي تملك حق «الفيتو» في مجلس الأمن، وهذا يعرقل بعض المبادرات الدولية المهمة.

ويطالب بوتين بعدم تشجيع حركات التمرد في العراق وأفغانستان.. ويرى أن بوتين فى قضية الطاقة لم يقم بخيارات صعبة في هذا المجال كفرض أحكام القانون والإصلاحات التي تفيد الدولة وعلاقاتها بجيرانها.. ويذكر أسماء شخصيات أساسية في مجال اتخاذ القرارات في روسيا، محيط بالرئيس بوتين وتملك ثقته، وأن الرئيس بوتين يعتقد أن ثلاث دول كبرى في العالم تدير شئون البشرية وهي أمريكا والصين وروسيا.. ولكنه يرى أن روسيا تبالغ في تقدير قوتها واعتقادها أن بإمكانها تطوير وتقوية مجموعة دول «البريكس» لمصلحتها وعلى حساب دول الـ(G8) كما كان يفعل الاتحاد السوفيتي في فترة علاقته القوية بمجموعة دول عدم الانحياز.. وأن دول «البريكس» والعملاقتين الصين والهند تهمها إلى درجة كبيرة علاقتها بأمريكا وأوروبا. وأن الصين أصبحت قوية اقتصادياً إلى درجة أن روسيا بحاجة إليها، أكثر من عكس ذلك.. وفى الحقيقة أن هناك العديد من الكتَّاب والمحللين السياسيين فى العالم لا هم لهم سوى الدخول إلى عالم القيصر ومحاولة رسم صورة أقرب للواقع لشخصيته، وقليلاً ما تبدو الصورة واضحة المعالم!