عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى قوانين الدول العظمى الطامحة إلى الهيمنة  على مقدرات الشعوب، والاستيلاء على ثرواتها لا توجد خطة واحدة، بل العديد من الخطط البديلة المطروحة دوماً على طاولة الاستعمار موديل القرن 21.. لذلك وبعد فشل تقسيم «الشرق الأوسط الكبير» مع روسيا عام 2013.. وفى ظل الاتفاق الحتمى بين الولايات المتحدة وإيران، كان من المنطقي طمأنة روسيا أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران لا تتم على حسابها، وأنها بمثابة استراتيجية الخيار الثاني.. خاصة أن روسيا عند موافقتها ضمنياً على مشروع الشرق الأوسط الكبير، ترى أنه من مصلحتها وجود إيران قوية بالقدر الكافى من جهة حدودها الجنوبية لصد أي غزو موال للغرب, لكن من دون أن تبلغ قوتها حد العودة بها إلى أوهام الإمبراطورية الفارسية.

وربما تلك المصالح غير المعلنة تفسر شراء إيران صواريخ إس-400، مع أن هذا الاتفاق يتعارض تماماً مع القرار الدولي 1929، لأنه من المعروف أن بيع الغاز الإيراني للاتحاد الأوروبي سيكون على حساب موسكو، لذلك اقترحت طهران   صفقة الصواريخ لتعويض خسائر روسيا وكل هذا بالتأكيد يرجع إلى أن فلاديمير بوتين, يقيم في الوقت الحالي علاقات ممتازة مع السلطات الإيرانية.. وهناك هدف استراتيجي آخر لروسيا متعلق بمستقبل داعش، الحالم بالتحرك نحو القوقاز الروسي، خاصة أن داعش تخلصت من ضباطها القادمين من المغرب العربي، بعناصر من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وبالأخص من جورجيا, وأوزبكستان، والاتصالات الداخلية بين ضباط داعش لم تعد باللغة العربية، ولكنها استبدلت بالروسية، ما جعل روسيا تدعو وفداً سورياً لزيارة موسكو في 29 يوليو الماضى، واستقبال بوتين الشخصى لهم، شارحاً معالم المشروع الروسي الداعم على غير العادة لزيادة مساحة التفاهم بين سوريا والسعودية, والأردن وتركيا لإبادة داعش.. مع أن الخطة الروسية تمنع تركيا، وبالتالي حلف شمال الأطلنطى من أقوى ورقة بيدها ألا وهى  السيطرة على الحركة الجهادية العالمية.. وبذلك تضع الخطة الروسية صدق الولايات المتحدة معها على المحك.. فإذا كانت تريد مشروع «الشرق الأوسط الكبير» دون المساس بمصالح روسيا، فعليها التخلي عن سلاحها ضد روسيا في المستقبل ألا وهو تنظيم داعش!، وسيلة الدفاع الاستراتيجى ضد روسيا.. وإذا كان الخلاف بين الولايات المتحدة، وإيران كان المهيمن على السياسة الشرق الأوسطية لخطاب الإمام روح اللـه خميني، الذي أطلقه (فور عودته من المنفى) عام 1979، إلا أن الواقع الحالى يؤكد أنه لم يعد له أثر، منذ توقيع الاتفاق الثنائي بين البلدين 2015، خاصة أن أمريكا أعلنت دوماً إن أي محاولة من قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربى، ستعتبر مساً للمصالح الحيوية للولايات المتحدة، وستدافع عن ذلك بكل الوسائل الضرورية، بما فيها القوة العسكرية.. ما جعل وزارة الدفاع الأمريكية تنشئ قيادة إقليمية لجيشها، سمتها القيادة المركزية، التي تشمل منطقة اختصاصها كل دول المنطقة، باستثناء تركيا وإسرائيل.. وفى الحقيقة أن التعاون الأمريكى الإيرانى لم ينقطع خلال 35 عاما الماضية كما هو معلن، لكنه ظل مستمرا لاشعال الخلاف بين السنة والشيعة، واستكمل بدعم الإخوان المسلمين، والقاعدة، وداعش، تلك الحركات الإرهابية التى مولتها أمريكا.. وبالتالى تطلبت استراتيجية الخيار الثاني من أمريكا إرسال رسائل طمأنة لحلفائها الرافضين الاتفاق النووي مع طهران، من خلال جولة مكوكية لكارتر بحث فيها بالسعودية التعاون العسكري بين واشنطن وطهران، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد على طاولات تل أبيب والرياض وعمان، وذلك عبر جولة وزير الدفاع الأمريكي لهذه العواصم وجولة وزير الخارجية الأمريكي، بداية من إسرائيل التي وصفت الاتفاق مع طهران بأنه خطأ تاريخي، وبعدما فشلت في منع توقيعه واصلت حملتها لمنع تمريره في الكونجرس، عن طريق محاولات إقناع الأطراف الساعية إليه بخطورته على أمن المنطقة.. لذلك أعلن كارتر صارحة  أن أمن إسرائيل من أمن واشنطن، وأنه سيظل يحتل سلم الأولويات في الولايات المتحدة وأن قدرة الدفاع الإسرائيلية ستبقى مضمونة مع التشديد على أن بلاده ستراقب نشاطات طهران عن كثب.. ووصلت التطمينات الأمريكية إلى حد تقديم أحدث الأسلحة وأكثرها تعقيداً لإسرائيل وفي مقدمتها طائرات «إف – 35» الأحدث في الأسطول الأمريكي، وبعدها بأيام انتقل كارتر إلى عمان حيث بحث ملفات عدة مع مسئوليها، منها الاتفاق النووي ومحاربة تنظيم «داعش» وأمن الحدود، وأكد أن واشنطن لن تتخلى عن الدول الصديقة لها.

أما آخر المحطات وأكثرها حرجاً وفق المراقبين السياسيين فكانت فى المملكة العربية السعودية التي تلقت صدمة الاتفاق النووي بلا حول ولا قوة وهي تقود تحالفاً عسكرياً هدفه الأساس كما أعلن منع التغلغل الإيراني في المنطقة، بدءاً من اليمن وليس انتهاء بالعراق وسوريا، لكن طمأنت واشنطن لها سبقت الاتفاق لتهدئة المخاوف من خلال مشروع الدرع الصاروخية المشتركة لحماية الخليج وتقديم ضمانات أمنية واسعة النطاق وعقد صفقات أسلحة جديدة وتكثيف المناورات العسكرية المشتركة.

والعجيب أن طهران أصبحت نووية بترحيب حار من الدول صاحبة القرار، بعد كل هذه الحروب معها لعدم تحقيق ذلك وتصويرها على أنها الشيطان الأعظم المتجه إلى تدمير العالم، التى ادعت أمريكا وذيولها أنهم يحمون العالم منه، وأصبحت تلك الأكاذيب معروفة للجميع، خاصة مع  ظهور تنظيم «داعش» الذي خلط أوراق المنطقة أكثر، ولكنه أكد أن القوى العظمى لن تعدم الوسيلة للسيطرة على العالم وهناك دائماً استراتيجية الخيار الثاني جاهزة للتنفيذ!