عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

< افتتاح="" 52="" مشروعاً="" لمياه="" الشرب="" والصرف="" الصحي="" بالمحافظات..="" لم="" تحصل="" منها="" القاهرة="" إلا="" علي="" مشروع="" واحد="" فقط..="" هذه="" هي="" العدالة="">

منذ سنوات طويلة قد تمتد إلي خمسينات القرن الماضي.. ركزت السلطة الحاكمة في البلاد علي تخصيص الجزء الأكبر من ميزانية الدولة.. للإنفاق علي إقامة المشروعات والخدمات في القاهرة.. عاصمة البلاد.. علي اعتبار انها مركز الحكم.. مقر إقامة الحاكم والحكومة المركزية.. لم تكن هناك عدالة في توزيع الثروة علي جميع محافظات الجمهورية.. القاهرة كانت تفوز دائماً بالنصيب الأكبر من الميزانية.. لأن القاهرة هي التي تخطط.. وهي التي تقرر.. وهي التي تحكم.. وهي التي تصدر القرارات والتعليمات.. وأمام هذه الأنانية السلطوية المتعجرفة الظالمة أهملت بقية محافظات الجمهورية.. لم تقم فيها المشروعات التي تحقق التنمية وتتيح فرص العمل لسكان تلك المحافظات.. وحرمت غالبية القري والمراكز من مياه الشرب النقية ومن الصرف الصحي ومن الكهرباء.. وأهُمل فيها التعليم وإنشاء المستشفيات.. حتي صار نقل أي موظف أو طبيب أو مهندس أو مُعلم من القاهرة إلي أي محافظة هو نوع من العقاب والتكدير!

وترتب علي ذلك بالطبع ان تحولت القاهرة- مركز الحاكم ومقر إقامة الحكومة- إلي ناطق جذب السكان الباحثين عن عمل أو الحالمين بحياة الترف والنعيم في العاصمة الأكثر تألقاً.. بينما تحولت محافظات مصر في شمالها وجنوبها إلي مناطق طاردة للسكان.. بعد أن حرمت سنوات طويلة من المشروعات والخدمات ومن إيجاد فرص عمل حقيقية.

وأصبحت القاهرة من مدينة يسكنها ما يقرب من نصف مليون مواطن في الخمسينات.. مدينة يقطنها ما يقرب من 17 مليون مواطن.. بخلاف ما يقرب من 4 ملايين يترددون عليها في اليوم الواحد لقضاء مصالحهم.. أو لارتباطهم بأعمال داخل العاصمة.. أو لتلقي العلاج.. أو للبحث عن عمل!

هذا الوضع السيئ أدي إلي أن العاصمة تحولت إلي جحيم يصعب العيش فيها.. انتشرت المناطق العشوائية وتمددت وصارت مدناً تحاصر العاصمة التاريخية.. وأصبح غالبية من يقطنون هذه العشوائيات من المهاجرين القرويين والمتطفلين والحرافيش.. بل تحولت تلك العشوائيات إلي مناطق جذب للفارين من الريف المصري المهمل والمنسي بفعل فاعل.. ومن ثم ازداد العبء علي العاصمة.. وفشلت كل محاولات تطويرها أو الحفاظ علي طابعها وخصائصها ومميزاتها وتاريخيتها.. وزاد الطين بلة استمرار النزوح إلي العاصمة دون تدخل من الدولة.

ولم تكن الحكومات السابقة- سواء في عهد الرؤساء «عبدالناصر» و«السادات» و«مبارك»- لديها رؤية واضحة لوقف نزيف الهجرة من الريف إلي القاهرة.. لم تكن هناك حلول جذرية وواقعية وعلمية.. وترددت أفكار كثيرة تطالب بغلق القاهرة علي سكانها ومنع قدوم نازحين جدد.. وهو ما حدث في بعض الدول الأوروبية.. حيث لا يمكنك الانتقال من مدينة أو قرية إلي عاصمة الدولة.. إلا إذا حصلت علي موافقة الجهات المختصة.. وذلك بهدف الحفاظ علي طبيعة عاصمة البلاد وتركيبتها السكانية.. لكن كل الأفكار والحلول لم تجد في مصر من يتبناها أو يتحمس لها.. فزاد الطين بلة.. وصارت الأمور علي ما نحن عليه الآن.

ومنذ عدة أشهر جمعني لقاء مع اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية.. ودار حوار بيننا حول هذا الملف.. وكنت أعلم أن الوزير «لبيب» كانت لديه تجربة هائلة وعظيمة وفريدة في محافظة قنا عندما كان محافظاً لها.. حيث استطاع أن يجعل منها- وتحديداً مدينة قنا- مدينة يغار منها كل سكان القاهرة.. وقد أشادت دول كثيرة بالنجاح الذي حققه عادل لبيب في محافظة قنا.. وقد شاهدت بنفسي التجربة.. بل المعجزة التي تحققت هناك.. وفي اللقاء الذي كان بيننا منذ أشهر عاتبت الوزير عادل لبيب علي إهمال الدولة لمحافظات الجمهورية، وهي نفس السياسة التي كانت تتبع في الماضي.. لكن الوزير كان عملياً.. دعاني للسفر معه إلي محافظة الوادي الجديد.. واكتشفت هناك أن هذه هي الزيارة الثالثة له خلال 6 أشهر.. وهناك وضع حجر الأساس لعدد من المشروعات للقري الأكثر احتياجاً.. وافتتح عدداً من المشروعات.. وكانت زيارة مرهقة للغاية.. لكنها كانت رسالة لي بأن الدولة غيرت سياستها.. وأن الحكومة الدولة غيرت سياستها.. وأن الحكومة بدأت تتحرك.. بدأت تبادر.. تقتحم المشاكل.. تذهب إلي الناس في القري والنجوع.. تستمع إليهم.. تستجيب لمطالبهم.. تخطط لمستقبل أفضل.. ثم همس الوزير في أذني: قبل عام ستتغير مصر إلي الأفضل.. سيشعر الناس وخاصة في الريف.. في القري والنجوع.. بأن هناك حكومة ترعي مصالحهم وتنظر إليهم بعين الاعتبار.

وفي مطلع هذا الأسبوع نشرت الصحف خبراً عنوانه: «افتتاح 52 مشروع مياه وصرف صحي خلال أيام بتكلفة 7 مليارات جنيه».. أما تفصيل الخبر فتقول: ان الحكومة بدأت الانتهاء من افتتاح عدد كبير من مشروعات محطات مياه الشرب والصرف الصحي في 16 محافظة.. منها افتتاح 15 محطة مياه شرب في 11 محافظة.. وافتتاح 16 محطة صرف صحي في 10 محافظات.. بجانب 21 محطة صرف صحي بالقري في 6 محافظات.. وأن الحكومة بدأت تضع حلولاً جذرية لبعض المشكلات الموجودة في عدد من المحافظات لإنهاء أزمة المياه بها.. ويتم وضع خطة متكاملة للمشروع القومي للصرف الصحي للقري الذي سيتم إنجازه خلال 7 سنوات.. إذن الدولة بدأت في وضع يدها علي العلة.. وإيجاد حلول علمية وفعلية.. ثم بدأ المواطن يجني الثمار.

أما المحافظات التي تم تنفيذ مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بها- وهذا هو الأهم- فهي محافظات: الدقهلية وأسيوط وجنوب سيناء، والسويس وقنا والأقصر والغربية وسوهاج وأسوان والمنوفية ومطروح والإسماعيلية وكفر الشيخ والشرقية والبحيرة.. وقد فازت هذه المحافظات بـ49 مشروعاً.. بينما فازت محافظة الجيزة بمشروعين فقط.. أما القاهرة ففازت بمشروع واحد فقط من بين الـ52 مشروعاً.

وهذا يجعلنا نرفع القبعة للحكومة التي بدأت فعلياً الاهتمام بتنفيذ المشروعات الخدمية في محافظات مصر المنسية والمهملة.. ان الاهتمام بالمشروعات الخدمية في محافظات مصر يعني ان الدولة بدأت تعيد توزيع الثروة بشكل عادل علي سكان مصر.. وهو ما افتقدناه عشرات السنين.

ان الاهتمام بالقرية والنجع والمركز سوف يكون له التأثير الكبير لوقف نزيف الهجرة من الريف إلي العاصمة.. والأهم أن تهتم الدولة بإنشاء المشروعات التي تفتح أبواب العمل هناك.. مثل المشروعات الصغيرة التي تجعل من الريف أماكن انتاج ومصدر رزق للعاطلين.. وهذا ما أكده لي اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية.. حيث ان الوزارة بدأت فعلياً تنفيذ هذا المشروع القومي بالاتفاق مع عدد من البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة في القري والنجوع.. بالإضافة إلي تمويل المشروعات الكبيرة في ربوع محافظات مصر.

أنا علي يقين بأن المستقبل سيكون أفضل.. وأن الشهور القادمة تحمل لمصر والمصريين خيراً كثيراً.. وأن تحقيق العدالة في توزيع الثروة القومية بين محافظات مصر.. وتحقيق العدل بين المصريين جميعاً سوف يحل مشاكل كثيرة ظلت مستعصية علي الحل.. تفاءلوا بالخير تجدوه.