رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأي الوفد

   رسائل عدة ينشرها المشهد الداخلي تشير إلي قسوة ما تضمره الفعاليات السياسية فيما يتعلق بالبرلمان المقبل، وقدرته علي التعبير عن الطموحات الثورية المشروعة، وجوهر محتواه القيمي الدال علي موقفه من ثورة الخامس والعشرين من يناير، تلك الثورة الشعبية المُلهمة التي استردها الشعب في الثلاثين من يونية بعد انحراف الجماعة الإرهابية بها إلي حيث مصالحها الذاتية؛ فإذا بنظام مبارك يتخذ منها سُبلاً شتى نحو العودة إلي المشهد السياسي!.

   والواقع أن برلماناً ثورياً بات أملاً لا يحمل الكثير من المشروعية إزاء عودة العمل بالأدوات السياسية سيئة الذكر، وشيوع قيم راكدة تُعلي من شأن المال السياسي والعصبيات والقبليات وغيرها من الأسس التي هيأت لنظام مبارك حكما طويلاً بلا إنجازات تُذكر، وبخطايا رسخت ممارسات فاسدة في الثقافة السياسية، بمقتضاها حازت الجماعة الإرهابية موقعاً لا تستحقه في الشارع السياسي بعد ثورة يناير، ما أدى إلي سقوط الوطن في قبضة مكتب إرشاد الجماعة، إلا أن نهض الشعب يحمي آماله في مستقبل أفضل، فكانت ثورة الثلاثين من يونية.

   بيد أن جديداً نشأ في الحياة السياسية استناداً إلي ما تتيحه الثورة من زخم شعبي وسياسي، بموجبه تمر إلي الساحة السياسية ممارسات تتشح برداء الثورة، وما هي في الواقع، بقيمها الفاسدة، إلا جزء أصيل من الأنظمة الفاسدة التي أسقطتها الثورة المصرية، في يناير ويونية علي التوالي.

   فعمليات شراء المرشح الأوفر حظاً لا ينبغي تمريرها إلي الرأي العام باعتبارها منافسة سياسية مشروعة تتيحها ديمقراطية المجتمع، قدر ما هي بالأساس تعبير حقيقي عن رسوخ قيم نظام مبارك الفاشي الفاسد.

   وتحالفات ما هي إلا نتاج مزايدات بالوطن، لا تحمل من عناوينها البراقة ما يتصل بحقيقة ما تضمه من قناعات ديمقراطية؛ إذ لا سبيل إلي ديمقراطية تنهض علي أنقاض قواعدها المقبولة من الأسرة الدولية المعاصرة.

   وحسابات وأهواء شخصية لم تفقد بعد أثرها في الحياة السياسية، ما عاد يستقيم لها موضعاً داخل نظام سياسي يعبر عن ثورة شعبية منوط بها استنهاض همم الشعب، بكافة طوائفه وتياراته، وعلي أساس متين من الاعتبارات الوطنية وحدها.

   وبعد التراخي في مواجهة الأمر علي نحو يوازي ما به من مخاطر حقيقية علي المسيرة الوطنية الثورية؛ بات الحال أن تراجعاً نال من حجم التوقعات باتجاه قدرتنا علي إنتاج برلمان ثوري تنتظره الأمة ليصوغ ثورتها في إطار تشريعي، وتأخراً واضحاً في أجندة الاهتمامات الشعبية طال السباق البرلماني المقبل.

   ويبقي الأمل في الناخب، ليفاجئ نخبته، ويحقق بذاته أهداف ثورته، ويُعلي من قيمها ومبادئها، لا يحده في ذلك أدوات وممارسات «نخبة» عاقة لثورتها، فلطالما عرفت الشعوب ما أطلقت عليه الأدبيات السياسية «ثورات انتخابية»؛ إذ عبرت نتائجها عن الثورة وقيمها ومبادئها وأهدافها، رغم ما أشاعته نخب امتهنت مفهوم الثورة.

   وإن لم يفعل الناخب، وغلبته نخبته علي أمره، وتجسد برلمان يعبر عن محتوى نخبته بديلاً عن مضمون ثورته، فليس الأمر أبعد من كونه مجرد «برلمان 2015»، والعاقبة بالقطع أسرع، وإرادة الشعب ليس إلا هي بعد إرادة الله عز وجل.                                             

«الوفد»