رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

اليوم كل شيء في مصر مختلف، له طعم آخر مميز، بعد أن تحقق الحلم، وأصبحت قناة السويس الجديدة واقعاً ملموساً. فلأول مرة بعد سنوات طوال يلتف المصريون حول هدف واحد ومشروع قومى، يقدمون له أموالهم، ويصممون على تنفيذه، ويركضون خلفه، ويجعلونه فى عام واحد فقط، واقعاً حياً، بإرادة قوية، وعزيمة صلبة، وثقة برئيس صادق، وقائد خطط، ثم وعد فأوفى ونفذ.

إنها ملحمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهدية من مصر لكل العالم، يفخر بها أي مصري، أينما حل ورحل، بل هى معجزة بهر بها المصريون، كل من شكك في قدرتهم على إنجاز أضخم مشروع عالمي في القرن الحادي والعشرين، سيبقى خالداً لأبنائنا وأحفادنا، مثلما بقيت القناة الأم، شاهدة على عظمة شعب لا يعرف اليأس، قادر دائماً على قهر المستحيل.

إنها فرحة بخير قادم، ودروس مستفادة، وأول هذه الدروس إعادة اكتشاف الشعب المصري لنفسه وقدراته، بعد أن ظل ردحاً من الدهر خاملاً كسولاً، يعتمد على الإعانات والمساعدات والهبات، وظن كثيرون أنه لن تقوم له قائمة، وهو يتعرض لأقوى موجة إرهابية تستهدف هدمه وتدميره، وإذا بالمارد يخرج من قمقمه، محققا في 12 شهراً، ما عجز آخرون عن تحقيقه في عشرات السنين، وفى قناة بنما (نفس الطول والمسافة) التى نفذها الفرنسيون والأمريكان على مدى 35 عاماً خير برهان ودليل، على أن المصريين قادرون دائما على إعادة تغيير خريطة وتضاريس العالم.

وكما شق المصريون قبل نحو 150 عاماً أطول قناة في (196 كيلو متراً) خلال عشر سنوات، اختصروا الزمن وأضافوا اليوم قناة أخرى، وقدموا للعالم، مشروعاً وطنياً خالصاً، جمعوا 65 مليار جنيه، ونجحوا خلال 360 يوما فقط، في شق شريان مائي، لا يخدم مصر فقط بل كل قارات العالم. وهذا هو الدرس الثاني المستفاد، فعندما يثق المصريون بقائدهم ورئيسهم، لا يبخلون عطاء ودعماً، وتشجيعاً، ويخرجون لوطنهم كل ما فى الجيب وما «تحت البلاطة». 

وعندما قال الرئيس السيسي « إحنا ما عندناش وقت، إحنا بنسابق الزمن، ولن تقوم مصر إلا بسواعد أبنائها، وهنشيل بلدنا على أكتافنا «كانت الاستجابة قوية وسريعة، وتيقن المصريون الشرفاء أن مصر فعلا تغيرت رئيساً وحكومة وشعباً، وهذا هو الدرس الثالث، فإرادة التغيير لا تأتى من فراغ، ولابد من طاقة تحركها، وتفرض هذا التغيير في زمن قياسى، وذلك هو التحدى الحقيقى لشعب، قرر أن يخوض معركة التغيير والتنمية والبقاء والتقدم، فكان له ما أراد، وهزم دعاة « الترعة والطشت» وكل شائعات الإحباط، وانتصر على كل من يتربص له في الداخل والخارج، ويريد حرمانه من ثمرة كفاحه وقيامه بثورتين عظيمتين.

ومضى أبناء الوطن المخلصون، عسكريين ومدنيين، جنوداً وضباطاً، موظفين وعمالاً ومهندسين، يحفرون الحلم، ويثبتون للعالم أن التغيير يعنى ثورة حقيقية وإرادة شعب يريد النجاح، وعبر 73 كيلو متراً، هى طول القناة الموازية، كان الدرس الرابع، وهو أن المصريين عندما يجدون أنفسهم في اختبار حقيقى لقدراتهم، ينحتون الصخر ويحركون الجبال، ويثبتون للعالم أنهم مازالوا أحياء، وأنهم جادون في إحداث ثورة حقيقية في أسلوب العمل والانتاج والحياة.

أما الدرس الخامس فيكمن في براعة المصريين، وذكاء قائدهم في تحديد التوقيت المناسب لإطلاق مشروع عالمى، كانت تخطط لقتله قبل أن يولد، قوى أخرى إقليمية ودولية، لإضعافنا اقتصادياً وسحب البساط من تحت قدمينا، كى نبقى أسرى بل عبيداً لها ولمنتجاتها واختراعاتها، ولكل مايأتى لنا عبر موانيها وقنواتها البحرية، فلو تأخرنا قليلا لكانت إسرائيل نفذت مشروعها، وكذلك تركيا، وغيرها من الدول التى لم تصدق بعد أن المصريين حققوا الحلم، ونفذوا العبور الثاني بشباب لا تتجاوز أعمارهم الأربعين عاما، تسبقهم حقيقة واضحة، وهى  أن مصر هتنجح.. وهتقدر.. وإنها حين تريد تنجز، ويصنع شعبها المعجزة. وتحيا مصر.

[email protected]