رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

قرود.. إلا قليلا ومن رحم ربى، لا يمكن أن أصنفهم إلا بهذا الوصف مع اعتذارى أن خدشت ذوق وحياء القلة الآدمية المحترمة منهم، يقفزون على كل شجرة، يتسلقون الجبلاية، يلتهمون الموز.. الفول السودانى، أو أى شىء لذ وطاب يستمرأونه، سواء كان ملكهم او ملك غيرهم، يأتون بتصرفات وحركات لا تفهمها، تضحك من غبائها، وتحزن لأنك ضعيت وقتك لمراقبتها، تعتقد أنهم يضحكون فى وجهك، وإذا ما اعطيتهم ظهرك، هاجموك، تشعلقوا فى رقبتك، وقد يقتلونك، المهم لن يتركوك وانت سليم، أنهم الساسة، أو مدعو السياسة، الذين باتت ساحتنا المصرية تضج بهم بعد ثورتين.

هم على كل «لون يا باتيستا» والباتيستا لمن لا يعرفها من اولاد الذوات، هى قماش شعبى ردىء متعدد الالوان، فهؤلاء تراهم.. تسمعهم.. تحادثهم، ولا تعرف ما يريدون، ما هى خططهم لمصر، من اجل خدمة ورقى هذا الوطن، او حتى من أجل مساعدته للخروج من عنق الزجاجة سياسيا.. اقتصاديا، اجتماعيا، يتحزبون هنا أو هناك، او لا ينتمون لحزب، لكن كثيراً منهم.. وجودهم بالنسبة لمصر مثل عدمها.. هباء وقد يكون اختفاؤهم أفضل، لأن كل هذا الصراع اللانسانى والتطاحن والتلاسن و«الردح» فيما بينهم، ليس لمصلحة مصر دولة ولا شعبا، بل لمصلحتهم.. لتنفيذ الخطط لأنفسهم، وتوسيع الساحة لهم وحدهم كلاعبين وحيدين دون غيرهم، لتحقيق السلطة والنفوذ لخدمة اهدافهم ومصالح «ألاضيشهم»، وحبذا لو كان البرلمان طريقهم للسلطة، ولم لا وقد تحول البرلمان فى عهود مضت إلى ما يشبه الجبلاية، تسلقها العديد من القرود بأموالهم المشمومة المجهولة المصدر، أو المعلومة من مخدرات وسلاح أو ما هو «أقذر»، واعتبروا البرلمان «الجبلاية» التى تحميهم بحصانتها من أي مساءلة شعبية او قانونية، ونفس المخاوف تطاردنا لتحيط بالبرلمان القادم، خاصة مع نظام الانتخابات الذى تهيمن عليه الفردية، ويحيطه تزاوج المال مع السلطة، وتواجد وجوه قديمة وراء الستار لتمويل وجوه جديدة، خاصة مع التأجيلات المتتالية للانتخابات، والتى تحدث وكأنها تفسح الفرصة لتسلل المال السياسى والمال المشبوه، ليسيطر أو حتى يتسلل إلى البرلمان القادم، لنعيد انتاج برلمانات مضت.. ايضا إلا قليلا.

كم منا يصدق أن صراع كثيرين من الساسة على السلطة لأجل مصلحة هذا البلد، كم منا يصدق ان هذا الهوس بالمراكز للوصول إلى كراسى السلطة أو مقاعد البرلمان لخدمة هذا الوطن؟

وإذا كان كثيرون من فطاحل اللغة وتفسير المصطلحات فشلوا، فى الاتفاق على تعريف موحد لكلمة سياسة وتحديد مفهومها بدقة، فإن هذا الفشل فى تعريف مفهوم «السياسة» قد ازداد تعقيدا، إذا ما راقبنا العديد من الساسة فى مصر وما أفرزوه لنا يوما بعد يوما من سلوكيات وأكاذيب وألاعيب، وتلون، ومناهج متغيرة وعجيبة، تجعلنا أكثر حيرة فى تحديد ماهية السياسية، حتى بتنا نرى أن تعريفها فى مصر هو مرادف لـ «الكذب.. الغش.. الخداع، الانتهازية» حتى وإن كانت مغلفة بمعسول الكلمات، أو متأنقة بربطة عنق وقفاز حريري وسيجار» إلا أن هدفها النهائى، الوصول الى النفوذ بأى وسيلة.

وكلما راقبت ما يدور بساحتنا السياسية تطاردنى قصة صاحبنا هذا، عرفته منذ سنوات ليست طويلة، كان صعلوكا، لا يجد ما يأكله، يشحت السيجارة، وأحيانا لا يتحرج من اقتراض ثمن تذكرة الأتوبيس ليعود لبيته، حاول أن يكون صحفيا وفشل - من المؤسف أن تتحول الصحافة احيانا الى مهنة ما لا مهنة له، وأحيانا تثور لكرامتها وتلفظ الفاشلين - وعندما فشل صحفيا، وجد طريقة أسهل للظهور والثراء والسلطة، من خلال التعلق فى ذيل أحد الساسة نصف المشهورين فى حينه، وكان صاحبنا بمثابة «الشماشرجى» لهذا السياسى يحمل حقيبته، ينظم مواعيده، يشترى له الساندويتشات، أو يعمل له فنجان القهوة، وظل يقفز من هذا السياسى الذى كان جسرا له إلى سياسى آخر وثالث، فقد انفتح امامه الباب على مصراعيه إلى عالم «القمصان ذات الياقات المنشأة والبدل والبرافانات والساعات الماركة» وإذا بصاحبنا يصبح شخصا مهما فى أحد الأحزاب التى ما أنزل الله بها من سلطان، وإذا به يظهر على الفضائيات كخبير سياسى، وإذا به يستعد لخوض الانتخابات البرلمانية، يا للمصيبة.. إنه نموذج متكرر، وأقسم أنه لا يحمل أى فكر سياسى ولا حتى ثقافة عامة، ولا حتى يعرف الفارق بين السلطات التنفيذية والتشريعية، ولكنه سيجد من يسانده ويموله، ليكون بوقا وواجهة، يخدم مصالح من مولوه، ومن حملوه كقرد الى جبلاية البرلمان.

يعيدنى هذا إلى ما قرأته عن تجربة مجموعة من علماء النفس فى اختبار سلوك القرود، وكيفية التحكم بهم عن طريق المصلحة لملء البطون بالموز وغيره، فقد وضعوا 5 قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم علقوا اعلاه بعض الموز، وفي كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز، يقوم العلماء برش باقي القرود بالماء البارد لإيذائهم، بعد دقائق بسيطة، أصبح كل قرد يطلع بسرعة لأخذ الموز, فيقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يتم رشهم بالماء البارد ويفوزوا بالموزة، وبعد دقائق أخرى، لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب، وقام العلماء بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعون مكانه قرداً جديداً، ولكن فور دخوله القفص، كان الأربعة الباقون يضربونه حتى دون ان يحاول القرد الجديد الصعود لأكل الموزة، والقرد لا يفهم لماذا يضربونه، وهذا كلما تم استبدال القرد بآخر، كان القرود يضربونه، وتطور الوضع فصارت القرود الخمسة تضرب بعضها البعض، وقد اعتادت هذا السلوك، حتى دون التطلع إلى الموزة أو الفوز بها، ولو فرضنا وسألنا القرود لماذا تضربون بعضكم البعض، أكيد سيكون الجواب: لا ندري ولكن وجدنا من سبقونا يتصرفون هكذا، يضربون بعضهم البعض حتى دون وجود هدف حقيقى، وهكذا يفعل الآن كثيرون من الساسة، يضربون فى بعض، يضربون فى الوطن، ولا يوجد لهم أى هدف لمصلحة هذا الوطن.

انتهت القصص وبقى الواقع المرير.. أنا شخصياً، يستحيل انتخب قردا، أقصد شخصا يمارس القفز هنا وهناك، شخصا يمارس الكذب أو الغش والخداع، وهذا سيجعلنى احتار طويلا.. من سأنتخب.

 

Fekria[email protected]yahoo.com