"شرف" يواصل التخبط.. واختلاف مجتمع سوق المال حول مشروع التصالح
لا تزال حكومة الدكتور "شرف" ترتكب سقطات لا تغتفر في ملف شركات رجال الأعمال، فلم تكد تنتهي من تداعيات كارثة عمليات سحب أراضي الشركات وانعكاساتها السلبية علي المستثمرين بالبورصة إلا ووقعت في خطأ آخر. كل ما يحدث من صدور قرارات حول هذا الملف الشائك الذي يتطلب التعامل معه بأكثر احترافية مازالت عشوائية، الهدف منها ارضاء الرأي العام والسلام، دون اعتبار أن العديد من الشركات المملوكة لرجال الأعمال أو الذين يمتلكون حصص حاكمة مقيدة بالبورصة، وبالتالي فإن أي خبر سيكون له انعكاساته علي الأسهم سواء إيجابية أو سلبية.
بالأمس القريب كان ملف سحب الأراضي الذي أثر سلبا علي الأسهم المتداولة، ووصلت إلي أدني مستوياتها السعرية، ودفع فاتورتها كالعادة صغار المستثمرين، واليوم فتحت الحكومة الباب علي مصراعيه للقيل والقال حول مقترح التصالح مع رجال الأعمال مقابل الاعفاء عنهم.
المقترح لم يثير جدلا فقط بل كان له تداعياته الخطيرة علي البورصة وشركات رجال الأعمال المقيدة، الاقتراح كارثة في هذا التوقيت رغم أنه مجرد اقتراح لن يفيد أو يضر علي مستوي الرأي العام، بل يمثل مصيبة في البورصة، فمنذ الحديث عن الاقتراح، وأسهم شركات رجال الأعمال شهدت قفزات سعرية عالية، لم تحققها منذ اندلاع شرارة ثورة 25 يناير الماضي.
قد يعتقد السواد الأعظم من غير العاملين بسوق الأوراق المالية أن المقترح أمر طبيعي إلا أن الحقيقة الاقتراح في غاية الخطورة، خاصة إذ تم نفي هذا الاقتراح، فالذي يتجرع المرارة وقتها ويشرب المقلب، هم صغار المستثمرين، ولا أحد غيرهم، وكل ذلك أليس كفيلاً بالخوف علي ما تبقي من أموال لدي المستثمرين في ظل الحكومة لا تزال تلعب بالنار في ملف شركات رجال الأعمال. سوديك.. بالم هيلز.. عامر جروب.. طلعت مصطفي.. المنتجعات السياحية.. مجموعة شركات عز.. شركات شهدت تعاملاتها الأسبوع الماضي حركة نشطة علي الأسهم واقبالا كبيرًا من جانب كبير من المستثمرين علي الشراء، وسجلت قفزات كبيرة غير مسبوقة، علي خلفية هذا الاقتراح.
نحن أمام ملف شديد الحساسية والكلمة فيه بحساب، لكن في ظل حكومة سقط منها الملف الاقتصادي، يبدو أننا "ننفخ في قربة مقطوعة".
سألت وائل النحاس، خبير أسواق المال حول هذا التخبط.. اجابني قائلا: "إن الاقتراح صدر من الدكتور سمير رضوان، وزير المالية وأن التطرق لمثل ذلك في الوقت الحالي يضر صغار المستثمرين، في ظل سيطرة الأفراد علي تعاملات السوق، وتأثرهم الشديد بمثل هذه الأمور التي تنعكس علي أداء الأسهم المتداولة بالسوق، فماذا يكون الحل إذ خرج أحد مسئولي الحكومة ونفي مناقشة الاقتراح، التداعيات تكون خطيرة علي الأسهم والضحية كالعادة صغار المستثمرين".
وتابع: إن دور الحكومة الحالية بهدف تسيير الأعمال، وبالتالي ليس من التطرق إلي أمور حقيقية تؤثر علي الاستثمار والمستثمرين، خاصة أنها لم تحسن التعامل مع الملف الاقتصادي.
الملف فجر الاختلافات في مجتمع سوق المال وقد يختلف الأمر بالنسبة للبعض.. محسن عادل العضو، المنتدب لصناديق استثمار بايونيرز يعتبر أن مشروع القانون للمصالحة مع رجال الأعمال يهدف إلي خدمة الاقتصاد الوطني وإعادة استثمار أموال هذه التسويات
المشروع المقترح للمصالحة مع رجال الأعمال يهدف إلي تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي، خاصة في ظل القضايا الأخيرة الخاصة بأراضي الدولة، والتي أثرت علي ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد.
تابع أن بعض رجال الأعمال المتعثرين من الممكن أن تتم تسوية مديونياتهم لدي البنوك وفقًا لعقود تسوية تضمن الحقوق لجميع الأطراف ومن حصل علي أراضٍ من الدولة خلال الفترة الماضية يمكن أن يتم التصالح معها وسداد "الفرق".
الاتجاه الشرائي علي أسهم شركات رجال الأعمال كان بسبب ما أثير حول هذا الشأن، خاصة أن هذه الأسهم كانت فرصة كبيرة للمضاربة عليها، وربما يكون هدفا نفسيا لصغار المستثمرين الذين يرغبون في تملك هذه الأسهم التي طالما كانت بعيدة المنال عنهم.
ويتبقي حسبما ذكر "عادل" مصلحة الاقتصاد الذي بدأ في التدهور جراء توقف عجلة الانتاج لذا فالهدف الأول إعادة تقييم ومراجعة وإصلاح قوانين الاستثمار لدفع عجلة النمو، ولابد من إجراء المصالحة مع رجال الأعمال المتعثرين مع البنوك، وإعادة تقييم الأراضي التي تم بشأنها الكثير من الجدل خلال الفترة الماضية، وتقييم قيمة الأرض علي متوسط أسعار آخر 5 سنوات، بحيث يتم سداد قيمتها كاملة مع إعادة استثمار متحصلات هذه التسويات في المشروعات الجديدة.
علي الحكومة توضيح موقفها بكل دقة وشفافية علي حد قول هاني حلمي خبير أسواق المال، فالأمر لا يحتمل الاضرار بمصلحة المستثمرين الصغار، ومثل هذه الأحداث تؤثر علي حركة السوق والأسهم، رغم أن أسهم شركات رجال الأعمال وصلت إلي أدني مستوياتها السعرية، وأن الاحتفاظ بها علي المستوي طويل الأجل يحقق ربحية عالية للمستثمرين.
الاستثمار في البورصة يتطلب مخاطرة عالية وفقا لما قاله ولاء حازم، خبير أسواق المال، وعملية الشراء أو عدمه قرار استثماري يتحمل تداعياته المستثمر نفسه، وبالتالي فإن حالة تحقيقه مكاسب لن يشاركه أحد.
ملف شركات رجال الأعمال صار معقدا، ويتطلب احترافية عالية في التعامل، أما عشوائية رجال "شرف" في التعامل ستزيد الأمر سوءًا والفاتورة يدفعها الصغار كالعادة.. فماذا سيكون الأمر؟