عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الليلة الموعودة

بوابة الوفد الإلكترونية

بقلب ميت لا يعرف الرحمة.. تجرد من كل مشاعر الإنسانية.. لم يرحم كبر سنهما فبدلًا من أن يكافئهما على ما فعلاه له منذ أن رأت عيناه النور.. وقيامهما بتربيته حتى أصبح رجلًا، ظل يتشاجر معهما وينهرهما متناسيًا قوله تعالى «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا».

 

بعدما شب الطفل وأصبح رجلًا، قرر والداه الوقوف بجانب نجلهما الوحيد وساعداه حتى تزوج من الفتاة التى أحبها، فهو يعمل عاملاً باليومية ولا يستطيع توفير متطلبات الزواج، فعرضا عليه أن يتزوج ويعيش برفقتهما فى المنزل، فوافق الابن على الفور، وتم الزواج سريعًا، وكانت حياة الأسرة هادئة ومستقرة، لكن مع مرور الوقت لم يتحمل الابن الأعباء المادية، خاصة بعد حمل زوجته فى جنينها الأول، ظل يعمل ليلًا ونهارًا لكى يوفر لأسرته حياة كريمة، واستمر الوضع كذلك إلى أن وضعت زوجته طفلتهما الأولى، وبدأ الحال يتغير والمسئولية أصبحت أكبر على الشاب العشرينى المدلل، وجاء ما لم يكن بالحسبان، فقد أراد الله أن تحمل زوجته فى طفلهما الثانى بعد مرور عام على ولادة طفلتهما، ومن هنا بدأت المشاكل تدب فى المنزل الصغير الذى جمع «أحمد» وزوجته مع أبويه، حيث أصبح الحمل ثقيلاً على كتفيه ولم يتمكن من تلبية احتياجات أسرته الصغيرة، لم يتحمل الشاب ظروف الحياة الصعبة، واتجه إلى طريق الشيطان، خاصة بعد أن تعرف على أصدقاء السوء، الذين جعلوه يدمن المواد المخدرة.

لم يجد «أحمد» طريقًا يسلكه للهروب من الواقع المؤلم سوى ذلك الطريق، حتى أفقده الإدمان صوابه وجعله دائم التعدى على زوجته بالضرب، وعندما قاما والداه بتعنيفه، وطالباه بالكف عن الاعتداء عليها كان يقوم بالتعدى عليهما بالضرب أيضًا، حتى تركت الزوجة المنزل وذهبت لأسرتها وطلبت الطلاق أكثر من مرة، إلا أنه كان يرفض ذلك ويتعهد لها فى كل مرة بأنه سيتغير، فكانت تعود إلى المنزل من أجل أطفالهما، إلا أن الزوج سرعان ما كان يعود مرة أخرى إلى نفس أفعاله المشينة.

حاول الوالدان أن يصلحا من نجلهما كثيرًا باستعطافه تارة وتعنيفه وتهديده بطرده من الشقة تارة أخرى، لكن دون جدوى، لم يكتف الابن العاق بالتعدى عليهما بالضرب، بل اعتاد سرقة أموالهما عنوة مستغلًا

كبر سنهما خاصة بعد طرده من العمل بسبب إدمانه للمخدرات.

وفى الليلة الموعودة، دخل الابن العاق على أبويه وطلب منهما مبلغًا ماليًا لشراء المخدرات إلا أنهما رفضا وأكدا له أنهما لا يملكان من حطام الدنيا شيئًا، لم يصدق ذلك ودخل إلى غرفتهما وقلبها رأسًا على عقب ولم يجد ما يبحث عنه. جن جنونه وطلب منهما إخراج الأموال التى يخفيانها عنه، وعندما رفضا فوجئا به يحضر جركن «بنزين» مهددًا إياهما بحرقهما وعندما حاولا التوسل إليه بتركهما إلا أنه لم يرق قلبه ولم يتذكر ما فعلاه من أجله طوال حياتهما، ما دفع الوالدين إلى الاستغاثة بالجيران الذين تمكنوا من كسر باب الشقة وقاموا بتلقينه علقة موت، وقرروا تسليمه للشرطة ولكن بعد رفض الأب ذلك اكتفوا بطرده من المنزل، ولم يمر سوى ساعات قليلة حتى فارق الأب الحياة حزنًا على حال نجله الذى ظن طوال حياته أنه سيكون السند والعون له ولوالدته فى الحياة.

لم يكتف الابن العاق بما فعله مع والديه بل رفض حضور جنازة والده وأخذ العزاء فيه، كما قرر ترك والدته المُسنة وزوجته التى لا حول لها ولا قوة برفقة طفلين لا تعلم ما الذى ينتظرهما فى المستقبل بعدما تخلى عنهما والدهما، واختفى من حياتهم ولا يعلمون عنه شيئاً.

ظلت الزوجة تبحث عن زوجها فى كل مكان، ولكن دون جدوى فخرجت للعمل خادمة حتى تتمكن من الإنفاق على حماتها المُسنة وطفليها، وظل الوضع كذلك لعدة أشهر، إلى أن قررت اللجوء لمحكمة الأسرة بحثًا عن الخلع.