رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المراكز الطبية غير المرخصة.. الطريق إلى الموت السريع!

بوابة الوفد الإلكترونية

وقائع عديدة انتشرت لعيادات طبية غير مرخصة فى مناطق متفرقة بمحافظات مصر، مما أثار خوف المواطنين فى مصداقية تلك المراكز، وخطورتها على صحة ذويهم، وبدأت التساؤلات عن الرقابة على هذه المراكز لضمان حصولها على التراخيص اللازمة حفاظا على حياة المواطنين وصحتهم.

فمنذ أيام قليلة أغلقت الأجهزة الأمنية بالدقهلية، خمسة مراكز جميعها دون تراخيص يديرها أفراد غير مؤهلين وليس لديهم تراخيص مزاولة مهنة الطب ولا يتوفر بها أى من الاشتراطات اللازم توافرها فى المنشآت الطبية، فضلاً عن انتحال صفة طبيب وإدارة منشأة طبية بدون ترخيص.

وليس هذا فقط، بل الفاجعة الأكبر عندما ضبطت مديرية أمن الجيزة طبيب نساء وتوليد؛ لاتهامه بالقيام بعمليات إجهاض داخل مركز ولادة خاص به، والتخلص من الأجنة حرقا أو إلقائها للكلاب بمنطقة كرداسة، حيث تم العثور على 3 أجنة داخل برميل فى حالة تفحم، كما تم ضبط عدد من الأقراص المخدرة، وكذلك فتاة أجرت عملية إجهاض، وتم توجيه تهمة إدارة منشأة طبية بدون ترخيص له واتخاذ الإجراءات القانونية.

قبل ذلك بأسابيع تم تنفيذ حملة مكبرة من إدارة العلاج الحر على المنشآت الصحية بمركز نجع حمادي، وتم ضبط وتشميع مركز عناية كبير تبين انه يعمل بدون ترخيص، كما تم تشميع ٦ منشآت طبية أخرى تعمل بدون ترخيص ومخالفة للقانون رقم ٥٣ لسنة ١٩٨١ كما تم عمل محضر فض أختام لـ٤ منشآت طبية أخرى.

كذلك شنت إدارة العلاج الحر بمدينة دكرنس حملة موسعة على المنشآت الطبية الخاصة لمراجعة التراخيص الخاصة بها والتأكد من سلامة الإجراءات الطبية، ومرت اللجنة على 73 منشأة شملت مراكز طبية وعيادات تخصصية ومعامل تحاليل ومراكز علاج طبيعى وعيادات خاصة، وقررت إغلاق 30 منشأة منها.

كما شنت إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة بقنا، حملة للتفتيش على العيادات والمعامل الطبية غير المرخصة، أسفرت جهودها عن إغلاق ١٧ عيادة طبية بدون ترخيص بقرية المحروسة بمركز قنا.

وفى شهر مارس الماضى قامت إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية بالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات بمديرية أمن الإسكندرية، بحملة تفتيش على مراكز علاج الإدمان الخاصة بمنطقة كينج مريوط، أسفرت عن ضبط 6 فيلات تعمل كمراكز لعلاج للإدمان بدون ترخيص، كما تم ضبط عدد من المدمنين المتعافين الذين يقومون بعلاج الإدمان، وتم استصدار قرارات بالغلق الإدارى لتلك المراكز.

وفى منتصف فبراير تصدت محافظة الفيوم للمراكز الطبية غير المرخصة، والعيادات المخالفة بمختلف قرى ومدن المحافظة، وأسفرت الحملات التى شنتها المحافظة عن كشف عدد من المراكز الطبية المخالفة، والتى يديرها منتحلو صفة الأطباء، حيث تم إغلاق مركز علاج طبيعى بقرية منية الحيط التابعة لمركز إطسا، وضبط أجهزة تنبيه كهربائى وجهاز أشعة تحت حمراء، وجهاز شفط كهربائى، وجهاز استنشاق هوائى، كما رصدت الحملة التخلص غير الآمن من النفايات الطبية الخطرة ووجود إعلانات وهمية ومضللة للجمهور.

كما تم ضبط مركز طبى يعمل بدون ترخيص ويديره منتحل صفة طبيب، بمدخل قرية العامرية التابعة لمركز الفيوم، وتبين أن المركز غير مرخص، والقائم بالعمل به غير مسجل بنقابة الأطباء، كما تم رصد كميات كبيرة من النفايات الطبية الخطرة داخل أكياس سوداء وكذا ضبط أدوية بشرية بكميات كبيرة، كما تم إغلاق مركز علاج طبيعى يدار بدون ترخيص بقرية سرسنا التابعة لمركز طامية.

وفى محافظة الوادى الجديد أغلقت الأجهزة الأمنية عدة عيادات ومراكز طبية خاصة بسبب عدم وجود تراخيص، ووجود غرف عمليات غير مطابقة للمواصفات وللاشتراطات الصحية بها، منها 4 مراكز طبية بمركز الفرافرة، وتبين وجود أدوية ومستلزمات طبية بها دون فواتير، وأدوية منتهية الصلاحية ما يمثل خطرا داهما على صحة المرضى.

كما تمكنت الأجهزة الأمنية بالإسماعلية من ضبط 4 مراكز لعلاج الإدمان، فى نطاق مركز شرطة فايد تعمل بدون ترخيص، وتم توجيه تهم مزاولة مهنة الطب بدون ترخيص لها، وعدم اتباع سياسات مكافحة العدوى، وتبين عدم وجود ملفات للمرضى وإقرارات موافقة منهم على العلاج.

وفى محافظة الجيزة اكتشفت أجهزة الأمن مركزاً غير مرخص لعلاج مدمنى المخدرات، داخل فيلا محتجز بها نحو 80 شخصاً، يتعرضون للتعذيب، ويُجبرون على تناول المهدئات مقابل مبالغ مالية شهرية تدفعها أسرهم.

مراكز التجميل والإدمان لا تخضع لرقابة العلاج الحر

«نعت المراكز الطبية له عدة مدلولات».. هكذا بدأ الدكتور محمود توفيق القاضى مساعد رئيس أمانة المراكز الطبية ومدير ادارة التفتيش بوزارة الصحة سابقا، حديثه معنا مشيرا إلى أن المراكز الطبية لها أكثر من وصف، ولفهم معناها الدقيق يجب الاجابة عن عدة أسئلة، منها: هل هذه المراكز تقدم كل الخدمات الطبية العلاجية أم أنها وحيدة التخصص؟ هل توجد بها عيادات خارجية دون غرف عمليات واستقبال طوارئ ؟ هل هى مستشفى تخصصى أم عام؟

وأضاف أنه طبقًا للتحديد الواضح للمسمى، يجب أن يستوفى المركز اشتراطات التشغيل وأهمها: الموارد البشرية المرخص لها بمزاولة المهنة من أطباء وتمريض وفنيين وخدمات معاونة، بالإضافة إلى أسرة المرضى ومساحات الغرف طبقا لعدد الاسرة، وتجهيزات غرف العمليات والانعاش والعناية المركزة، ووجود معامل تحاليل طبية وأجهزة أشعة تشخيصية، مؤكدًا أن موضوع المراكز الطبية موضوع متشعب، ولا يوجد قانون يحدد المسؤولية الطبية حتى الان، بالإضافة إلى عدم التزام بعض الأطباء بآداب المهنة.

أما عن انتشار هذه المراكز فأوضح  مساعد رئيس امانة المراكز الطبية، أنه من المفترض ان المنشآت الطبية والصحية تخضع لرقابة ادارات العلاج الحر بالوزارة وبكل مديريات الصحة والادارات والمناطق الطبية التابعة لها التى تقوم بالترخيص والمرور والتفتيش والتقويم والمتابعة والرقابة لمدى التزامها بالترخيص، ويشمل ذلك كل مستشفيات القطاع الخاص والتابعة لمنظمات المجتمع المدنى والأهلى والخيرى، مضيفًا أنه طالما هناك مراكز طبية ويعمل بها أطباء وتمريض وفنيون فلابد أن تكون مرخصة، ولكن بعضها قد لا يلتزم بنوع الترخيص الذى حصل عليه من إدارة العلاج الحر.

وكشف خلال حديثه عن مراكز الادمان والتجميل أنها لا تكتسب صفة مركز  «طبى» طالما ليس فيها تنويم المرضى، أما مراكز التجميل طالما لا تجرى فيه عمليات جراحية او تدخلات طبية، فهى أيضا لا تكتسب صفة مركز طبى، ولذلك فهى لا تخضع لرقابة إدارة العلاج الحر بالوزارة ومديرياتها الصحية، ولا يحتاج القائمون عليها إلا موافقة نقابة الأطباء أى أن ترخيصها يتبع الجهات الإدارية الحكومية فى تلك المنطقة، أما اذا  ثبت ان تلك المراكز يتم فيها أى إجراءات طبية سواء بشكوى مدعمة بالصور والفيديو او تسجيل او بايصالات مدفوعة او أضرار واضحة ومحددة، او بزيارة مفاجئة لفريق او عضو من ادارة العلاج الحر او اى من طرق الاثبات، فيتم إغلاق المنشأة بالقانون بغض النظر عن مسماها حتى ولو كان صاحبها طبيبا.

النقابة ليس لها دور رقابى

وعن دور نقابة الأطباء الرقابى على تلك المراكز، تحدث معنا الدكتور أبو بكر القاضى عضو نقابة الأطباء، قائلًا:«إن النقابة ليس لها دور رقابى على المراكز غير مرخصة، ولا سلطة التفتيش على أي منها، مشيرا إلى أن الرقابة تقع على عاتق الوزارة، فلا سلطة رقابية للنقابة على العيادات وفقا للقانون»، لافتًا إلى أن دورها فقط تسجيل الأطباء داخل النقابة، أى أن الطبيب يأتى بالتخصص الذى يعمل به ويتم منحه رخصة مزاولة المهنة حسب تخصصه سواء كان أخصائيًا أو استشاريًا وهكذا، ثم يذهب الطبيب إلى إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة للحصول على ترخيص فتح عيادة أو مركز، ولذلك يصبح التفتيش والرقابة على إدارات العلاج الحر بالوزارة.

وتابع «القاضى»، إن انتشار مثل تلك

المراكز يسيء لمهنة الطب بوجه عام، ودور النقابة ينحصر فى التحقيق فى حالة ورود شكوى من مريض تجاه أحد الأطباء حول تقصيره أو القيام بإجراء خاطئ، فتحقق النقابة فى الشكوى من خلال لجنة من كبار الأساتذة فى مجال التخصص، ومعها أحد أعضاء مجلس النقابة، وإذا ثبتت إدانة الطبيب فإن العقوبات تتراوح بين توجيه اللوم والوقف عن العمل لفترة تحددها اللجنة، وقد تصل إلى الشطب من سجلات النقابة والتحويل للمحاكمة القضائية، وعدم مزاولته للمهنة».

قلة الوعى

من ناحية أخرى أوضح الدكتور محمد عماد، نائب مدير العلاج الحر بمحافظة قنا، أن انتشار المراكز غير المرخصة له مخاطر صحية على المريض والطبيب معا، فمعظم المراكز غير المرخصة لا تستوفى اشتراطات الجودة والسلامة والصحة المهنية مما يعرض حياة المريض للخطر بسبب التلوث وعدم اتباع الإجراءات الصحية السليمة، كما أنها خطر على الطبيب أيضا ففى حالة حدوث مضاعفات للمريض أو وفاته يتعرض الطبيب للمساءلة القانوينة، ويعاقب بالحبس لمدة عامين وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من مارس مهنة الطب بدون ترخيص طبقًا للقانون 51 لسنة 81.

وأوضح «عماد»، أن اشتراطات الترخيص بسيطة وسلسة وغير معقدة وهناك تعاون بين الأطباء والمفتشين فى الإدارة، فالعيادات غير الحضانات غير المستشفيات غير المراكز الخاصة، فلكل منها اشتراطات وأوراق خاصة للحصول على الرخصة، مؤكدًا أن قطاع العلاج الحر بوزارة الصحة يقوم بحملات تفتيش، والقانون منح أفراده حق الضبطية القضائية، ولكن اتساع مناطق الجمهورية، وامتداد العمران بشكل سريع وغير مخطط أحياناً أدى إلى وجود عيادات فى مناطق قد تكون بعيدة عن أعين الرقابة فى مراكز ريفية أو مناطق عشوائية، وهو ما يصعب من مهمة اكتشاف وضبط تلك العيادات غير المرخصة».

وأكد نائب مدير العلاج الحر، أن انتشار تلك المراكز يرجع إلى  قلة الوعى وعدم إدراك بعض الأطباء لمخاطر إدارة منشأة بدون ترخيص، وعقوبة هذا الأمر، واستعجال بعض الأطباء من حديثى التخرج ممارسة المهنة قبل حصولهم على ترخيص مزاولة المهنة، أو قبل حصولهم على شهادة أخصائى من النقابة، بالإضافة إلى دور إدارة العلاج الحر فى السيطرة على المنشأت الطبية. 

تغليظ العقوبات هو الحل

«مع انتشار ظاهرة المراكز الطبية التى تعمل فى الخفاء، وبدون تراخيص ولا اشتراطات صحية تعين علينا التعرف على الجانب القانونى فى هذه القضية الهامة، فلجأنا إلى الباحثة فى الشئون القانونية الدكتورة إلهام المهدي، والتى أكدت «أن المركز الطبى هو كل منشأة يملكها أو ينتقل إليه الحق فى استعمالها قانونا طبيب أو أكثر، مرخص له بمزاولة المهنة، ويكون معدا لاستقبال المرضى ورعايتهم طبيا، ولكن بضوابط وشروط حددها القانون، ومن يخالفها يعاقب».

وتابعت «المهدي» أن قانون المنشآت الطبية نص على أن تكون عقوبة مزاولة منشأة نشاط طبى قبل ترخيصها هى «الغلق» وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف جنيه، وفى حال إعادة المنشأة غير المرخصة للنشاط بعد غلقها، نص القانون على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 20 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لافته إلى أن قانون تنظيم المنشآت الطبية المعدل عام 2004، واجه ظاهرة إقامة المنشآت الطبية بدون ترخيص. حيث نصت المادة (14) منه على أنه إذا زاولت المنشأة نشاطها قبل الحصول على الترخيص، يتم إغلاقها بقرار من السلطة الصحية المختصة مباشرة، ويجوز للقاضى أن يحكم بناء على طلبها بتوقيع غرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه على المنشأة المخالفة، ولا يتم مزاولة النشاط إلا بعد الحصول على الترخيص، أما انتحال صفة الطبيب، فإن قانون مزاولة مهنة الطب يحددها بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وغرامة لا تزيد على 200 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة يحكم بهما معاً».

وأكدت الباحثة، على وجود حملات مكثفة من وزارة الصحة على هذه المراكز، حيث أعلنت وزارة الصحة والسكان، عن إغلاق 1422 منشأة طبية خاصة مخالفة، فى الفترة من 9 إلى 20 يناير 2022، وذلك ضمن الحملات الدورية التى تشنها الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص على المنشآت الطبية الخاصة، حرصًا على صحة وسلامة المرضى، وقامت الحملة بالمرور على 5 آلاف و296 منشأة طبية خاصة، تنوعت ما بين مستشفيات، وعيادات، ومراكز طبية بجميع محافظات الجمهورية، وذلك للتأكد من استيفاء هذه المنشآت للاشتراطات الصحية، وتم تحرير 123 محضرا بالمخالفات التى تم رصدها أثناء المرور والتى تنوعت ما بين (عدم تطبيق سياسات مكافحة العدوى، وإدارة المنشآت بدون تراخيص، ووجود عمالة غير مؤهلة وغير حاصلة على ترخيص بمزاولة المهنة)، فضلاً عن ضبط أدوية مغشوشة ومنتهية الصلاحية، والتى تم التحفظ عليها وتحرير محاضر بكمياتها، فهذا يدل على حرص الوزارة على إحكام الرقابة على المنشآت الطبية الخاصة، مضيفة أنه لابد من تغليظ العقوبات حفاظًا على حياة المواطنين.