رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الصم والبكم».. حكايات الألم والأمل!

بوابة الوفد الإلكترونية

يحيط بهم الضجيج من كل جانب ولكنهم لا يسمعونه.. ليس فقط لأنهم صُم.. بل لأنهم مستغرقون فى الإنصات لطموحات وأحلام يتردد صداها بداخلهم، متجاهلين نظرات المحيطين بهم وما يشوبها من تنمر أحياناً أو شفقة فى أحيان أخرى، يحققون يوميًا بطولات يعجز الكثيرون عن تصورها.

 

ودائمًا ما كانت كلمة السر فيها هى «قوة الإرادة والصبر»، فكثير من هؤلاء الصم كسروا قوالب «الهواجس المجتمعية» وأصبحوا نجومًا من طراز فريد.

 

«حنان» تستعرض موهبتها فى التصميمات الفنية

 

فى هذا الملف نلقى الضوء على بعض هؤلاء النجوم، نتحدث عن إبداعاتهم ومعاناتهم اليومية، حيث يعيش حوالى 7.5 مليون نسمة من الصم والبكم فى مصر، بنسبة 10 % من إجمالى عدد الصم والبكم حول العالم بحسب ما أشار إليه الاتحاد العالمى للصم، والذين يقدر عددهم بـ72 مليون شخص، 80% منهم يعيشون فى البلدان النامية ويستخدمون أكثر من 300 لغة إشارة.

 

«لينا مصطفى» تستعرض موهبتها

 

وفى الوقت الذى تحرص فيه القيادة السياسية على دعم ذوى الهمم والاحتياجات الخاصة، تصبح فرصة الأمهات فى تحقيق أحلامهن بأبنائهن أكبر، حيث تعتبر الدولة أن الصم والبكم نبت أصيل من تراب هذا الوطن ومصدر أمل وفخر لكل مصرى.كما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن أن عدد المدارس الخاصة بالصم والبكم فى مصر تجاوز 300 مدرسة، وتتنوع ما بين ابتدائى وإعدادى وثانوى، غير أنها تفتقر إلى الكوادر المدربة للتعامل مع هذه الحالات.

 

«الدمج» داخل المدارس.. أول خطوة فى مشوار طويل

 

 

مشكلات عديدة يواجهها ضعاف السمع، هذه المشكلات تبدأ من الأسرة التى غالبًا لا تكون مؤهلة للتعامل مع الطفل الأصم، وتزداد المشكلات بخروج الطفل إلى الشارع، حيث يعانى من التنمر من الآخرين، وحتى المدارس ليست ملاذًا آمنًا لهم فمشكلاتها لا تعد ولا تحصى، ليبقى الدمج هو الأمل الوحيد لهؤلاء الأطفال وذويهم.

فصل مدرسة

فى هذا السياق قالت الدكتورة ولاء شبانة، استشارى الصحة النفسية والخبير التربوى، إن القيادة السياسية تولى اهتمامًا كبيرًا بالأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة وتسعى الدولة جاهدة لتوفير سبل العيش الكريم لهم وفقًا لقانون حقوق الطفل.

 

وأكدت أن هناك العديد من المدرسين يحتاجون لدورات مستمرة لكيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال حتى يتسنى له التوفيق بين المناهج وقدرات الطفل، حتى لا يصاب المعلم بالإحباط حينما يفشل فى توصيل المعلومة له، أو يصاب التلميذ نفسه بانتكاسة تربوية.

شبانة

وحول دعوات بعض الأمهات لدمج أبنائهن من ضعاف السمع، توضح «شبانة» قائلة: إن جزءًا كبيرًا من علاج الكثير من الأطفال ضعاف السمع يكون عن طريق الدمج وكثير من الأطفال تم تعافيهم تمامًا بهذه الطريقة، ولكن بشرط خضوعهم لاختبارات تحت إشراف وزارة التربية والتعليم والتأكد من مدى قدرة الطفل على قبول المعلومة.

 

وأشارت الخبيرة التربوية إلى أن هناك مشكلة مجتمعية يتعرض لها هؤلاء الأطفال وهى الثقافة السائدة لدى بعض الأسر والمعلمين بل وإدارات بعض المدارس بأنهم أطفال مصابون بتراجع فى العقل أو بـ«التخلف العقلي» وهذه كارثة، موضحة إلى أن التدريبات التى تلقاها الكثير من المدرسين حول كيفية التعامل التربوى مع ضعاف السمع غيرت هذه النظرة لديهم، وأفادت الكثير من التلاميذ.

 

من جانبها تؤكد الدكتورة بثينة عبدالرءوف الخبيرة التربوية أن عددًا كبيرًا من مدارس مصر غير مؤهلة لعملية الدمج من الأساس، خاصة لضعاف السمع، وأضافت أن هناك غيابًأ واضحًا للمدرسين الذين لديهم الخبرات الكافية للتعامل مع لغة الإشارة، فضلاً عن عدم تأهيل الأخصائيين النفسيين للتعامل مع مشكلات هذه الفئة.

 

وأشارت الخبيرة التربوية إلى ضرورة تزويد المدارس بوسائل تعليمية وتربوية خاصة لتسهيل الشرح لتوصيل المعلومات للتلاميذ من ذوى الإعاقة، بالإضافة إلى ضرورة توعية العاملين بالمدارس والتلاميذ بها بكيفية التعامل مع هذه الحالات. 

 

وأوضحت أن مصر وقعت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة فى مارس ٢٠٠٧ بعدها بدأ تطبيق نظام الدمج على مراحل، وفى عام 2009 صدر القرار الوزارى ٩٤ لدمج الأطفال ذوى الإعاقة فى مدارس التعليم العام، ثم القرار الوزارى رقم ٢٦٤ لسنة ٢٠١١، ثم قرار ٤٢ لسنة ٢٠١٥ ثم قرار ٢٥٢ سنة ٢٠١٧ وأخيرا الكتاب الدورى رقم ٣ سنة ٢٠١٩، ولكن جميع هذه القرارات غير مطبقة على أرض الواقع لعدم توافر الإمكانيات. 

 

وأكدت «عبدالرءوف» ضرورة إلزام المعلمين بالحصول على تدريبات ودراسات خاصة للتعامل مع ضعاف السمع ولا يتم منح البدل المقدر بـ٢٥٪ من المرتب لهم الا بعد الحصول على الشهادات اللازمة المؤهلة من الجامعات أو المراكز المعتمدة.

 

«التنمر».. أهم أسباب حزن الأبناء والأمهات

 

 

كغيرها من الأمهات منذ بداية الحمل وهى تنتظر مولودها الجديد على أحر من الجمر، أحلام تُبنى فى مخيلتها حول مستقبل الطفل المنتظر، ولكن دائمًا ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث وقعت عليها الصدمة كالصاعقة حينما جاء الطفل الأول والثانى وبمرور الأيام علمت الأم بإصابتهما بضعف السمع، وزاد الطين بلة وفاة الأب لتواجه الأم الحياه بمفردها دون سند أو معين

 

عاشت «ح. م» سنوات طويلة حاملة على عاتقها طفلين أصمين، ومع ذلك لم تيأس وعملت جاهدة لتعليمها، واجهت نظرات الناس التى كانت ترمقهما بشىء من التنمر والسخرية فى الشوارع، ما كان يجعل قلب الأم يعتصر حزنًا عليهما، قائلة: «هو أنا جبت عيالى علشان يتعذبوا فى الدنيا كده؟!».

الأبناء والأمهات

كانت كلمات ابنيها وتساؤلاتهما المشروعة حول السماعة التى كانت بمثابة حلم لهما حتى يتواصلا مع العالم، تفطر قلبها، فالسماعة لن تفيد فى حالتهما، وعدم قدرتهما على التواصل مع الآخرين كانت تؤثر فى الطفلين حتى أنهما كانا يدخلان فى نوبات بكاء مستمرة، ومن جانبها كانت الأم تحاول أن تمنحهما الطاقة الإيجابية لمواجهة الحياة ومرارتها وبداخلها بركان من الغضب والنار والحزن.

 

التحديات التى واجهت الطفلين لم تتوقف على تنمر أطفال الجيران عليهما فحسب بل فى المدرسة أيضاً، حيث أكدت الأم أن قلة خبرة مدرسى المدرسة جعل من توصيل المعلومة للأطفال أمر شبه مستحيل، فضلاً عن أن السماعات المستخدمة فى توصيل المعلومة للتلاميذ ضعيفة ودون المستوى.

الأبناء والأمهات

حال «ح. م» كغيرها من الأمهات اللاتى استطعن مواجهة الحياة بأبنائهن حتى وصلوا بر الأمان نفسيًا واجتماعيًا وحققوا نجاحات قلما يستطيع الفرد العادى تحقيقها، مؤكدة أن كل الصعوبات التى واجهتها فى تعليمهما كانت قادرة على مواجهتها، إلا أن المشكلة التى عجزت عن مواجهتها هى مشكلة التنمر، قائلة: "لا أحد يستطيع الهرب منه حتى وإن كبر الأبناء وأصبحوا نجومًا، فكم من نجوم ليس لديهم أى إعاقة ويتعرضون للتنمر".

 

«ولادى الحمد لله متقبلين الانتقادات من الأقارب أو الزملاء» تستكمل الأم حديثها، مضيفة: أن من أكبر التحديات عدمً وجود كتب ومصادر تبسط وتسهل على الأطفال وعليها المناهج الدراسية وكذلك على المعلمين، بالإضافة إلى عدم توافر اختبارات الدمج بالشكل الكافى أو حتى كتب خارجيه مبسطه لذوى الاحتياجات، مع عدم توافر المدرس الذى لدية القدرة على بناء عقل الطفل والصبر حتى يرى إنجازه بعد سنوات من الكفاح مع ولى الأمر بدون استغلال أو استهتار.

الأبناء والأمهات

وبالإضافة لمشكلات التعلم قالت الأم إنها تواجه متاعب أخرى مثل المتابعة الطبية ما بين أطباء السمعيات والأنف والأذن والتخاطب لمتابعة حالة طفليها، مشيرة إلى أن الدولة تسعى جاهدة للتوسع فى عمليات زراعة القوقعة ولكن صيانة الأجهزة عبء كبير على الأسرة فتكلفتها تصل لآلاف الجنيهات.

 

تصمت الأم للحظات وتتذكر موقفًا مأساويًا لها كان سببًا فى بكائها لشهور طويلة، قائلة بصوت حزين: «لما شوفت عيالى دخلوا العمليات وحلقوا شعر رأسيهما كنت حاسة إنى فى كابوس».

 

مشكلة أخرى كشفت عنها أميرة شوقى، مؤسس مسرح ذوى الإعاقة بمصر، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الشكمجية، حينما قالت إن الكثير من المدرسين فى المدارس الخاصة للأطفال الصم وضعاف السمع غير مؤهلين للتعامل معهم.

الأبناء والأمهات

وأكدت «أميرة» أن الكثير من هؤلاء المعلمين غير مؤهلين وتم تعيينهم فى هذه المدارس من باب الواسطة للحصول على راتب أعلى من أى مدرسة أخرى، دون مراعاه لمصالح الأطفال وحاجتهم لمعلمين بمواصفات خاصة وتأهيل خاص.

 

وقالت مؤسسة مسرح ذوى الإعاقة بمصر، إن الأطفال ضعاف السمع لهم وضع مختلف عن غيرهم من ذوى الاحتياجات الخاصة فلديهم قدرة على التواصل مع الآخرين ولكن بطريقة الإشارة التى يجب أن يتعلم قواعدها كل المحيطين بهم.

 

ودعت أولياء الأمور، إلى دمج هؤلاء الأطفال مع غيرهم من التلاميذ فى المدارس الأخرى، وقالت: "لابد من دمج الطفل الأصم فى المجتمع منذ الطفولة حتى ينمو فى حالة سوية نفسيًا واجتماعيًا.

 

وأشارت إلى أن كل أم حينما ترزق بطفل مصاب بنوع إعاقة تكون فى حالة صدمة، وفى فترة الصدمة العقل يتوقف، وبعدها تدخل فى مرحلة ما بعد الصدمة إما تنهار وتدخل فى الخوف من مواجهة المجتمع، أو تتعامل مع ابنها من منطلق «ده بركة» أو تتحدى المجتمع كله وتعبر به إلى بر النجاح، وهذا هو النموذج الذى يجب أن يكون عليه جميع أولياء أمور ذوى الاحتياجات الخاصة؟

--

«الأسرة».. خط الدفاع الأول للطفل الأصم

 

عدد كبير من أولياء الأمور يجهلون الطريقة المثلى للتعامل مع ضعاف السمع، مما يسبب للأبناء العديد من المشكلات النفسية التى تعوق استمرارهم الطبيعى فى الحياة الاجتماعية والعملية.

 

فى هذا السياق تقول الدكتورة منى حمدى، استشارى علم النفس، إن التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة بصفة عامة يتطلب ثلاثة أشياء رئيسية لا غنى عنها وهي: جهد مضاعف من الوالدين والوعى والصبر، إضافة إلى لابد أن يتجاوز الوالدلن أولا صدمتهما الخاصة بالقبول والتسليم والتعامل والمواجهة، ثم المعرفة اللازمة بهذه الإعاقة وطرق التعامل معها وأساليب التربية والتنشئة، وتقديم الدعم للأبناء ومراعاة طبيعتهم النفسية والعقلية

 

وأضافت أنه بعد عبور الوالدين لأزمتهم الخاصة والتقبل للطفل يأتى دورهما فى تقديم الدعم النفسى وبناء الصلابة النفسية فى تركيبة ووجدان وعقل الأبناء من الصم والبكم، وهى تُكتسب بشكل أساسى بالمحاكاة والتقليد، فصلابة الوالدين وثباتهم والروح المقاتلة المتفائلة والفاعلة تنتقل للأبناء بشكل تلقائى، بجانب طريقة التعامل التربوية الصحيحة الواجبة فى تربية كل الأبناء وتزيد قليلاً فى حالة ذوى الاحتياجات، فلابد من منحهم الحب والاهتمام والرعاية والأهم الشعور بالأمان والثقة فى النفس.

 

وحذرت استشارى علم النفس من المبالغة فى التدليل الذى يؤدى إلى عكس الهدف، كما يجب التعامل معهم ومع باقى الأبناء العاديين من غير ذوى الاحتياجات بنفس المعيار وعدم التفريق فى المعاملة، لأن هذا الأسلوب يُحدث شقُا وشرخُا وحساسية بين الأبناء مما يضر بهم جميعا، فالأبناء الأصحاء ستتملكهم الغيرة مهما أدركوا وفهموا سبب التمييز فى المعاملة، فالطفل بطبيعته بل والإنسان يرفض نفسياً التفرقة فى المعاملة وتمييز أحد عنه ويزيد ذلك فى حالة الأب والأم، لأنهما يمثلان عالم الطفل لكونهما مصدر أمانة الأول والأهم وربما الوحيد.

وأضافت أن الغيرة قد تدفع الأبناء الأصحاء لا إراديًا لمضايقة وإيذاء أشقائهم من الصم والبكم، ونكون بذلك تسببنا فى ضرر للأبناء جميعًا دون قصد منا، لذلك لابد من الاعتدال فى توزيع الحب والاهتمام قدر الإمكان، وقد يحتاج هذا إلى جهد من الوالدين لكن لابد منه، كما يجب إشراك الإخوة الأصحاء فى رعاية أشقائهم من الصم والبكم بشكل ودى وبحب لا بإجبار، وأخذ رأيهم فى بعض الأمور التى تخص شقيقهم من ذوى الاحتياجات وبطريقة حكيمة.

 

وحول الشعور بالنقص وانعدام القيمة الذى قد يتملك بعض الصم والبكم، توضح الدكتورة منى حمدى أن هذا الشعور فى الغالب من عدم تلقى الدعم الكافى والصحيح فى الطفولة، لأن الطفل يكبر على ما شبّ عليه، ويكون كالعجينة الطيعة والصفحة البيضاء، وحين يغرس والداه فيه منذ الصغر الثقة بالنفس والإيمان بقدراته وتقديره لذاته فإن هذا يشكل عقيدته الخاصة التى لا تتزعزع مع السنين ولا الأزمات ولا ينطبق هذا على ذوى الاحتياجات الخاصة فقط ولكن هو روشتة التربية لكل الأبناء.

وأشارت استشارى علم النفس إلى أن الترقق الزائد والحساسية فى التعامل مع ذوى الاحتياجات ليست هى الحل الأمثل فهذا يشعر الطفل بالشفقة والأسى وهى مشاعر سلبية تجعله هشًا ضعيفًا وتتسبب فى شعوره بالنقص.

وأضافت أن التهذيب لا العقاب هو أحد أهم أساسيات التربية الإيجابية التى تعتمد على التوجيه؛ والذى يتطلب الخصوصية أى يتم على انفراد وليس على الملأ، موضحة أن وضع قوانين غير قابلة للتفاوض أو النقاش والتعريف بالعواقب لا اللوم والتقريع والصراخ والإساءة اللفظية أو البدنية أو النفسية بالعزل أو النبذ، فهذه كلها أساليب عقاب غير صحية وتؤدى للنقيض من الهدف وتكون بمثابة انتقام وتفريغ

شحنات انفعالية.

 

وأكدت أن صعوبة التهذيب الإيجابى تكمن فى صعوبة ضبط الانفعالات اللحظية للوالدين، والتعامل بهدوء مع السلوكيات الخاطئة للطفل وهذا يتحقق بالتدريب والسيطرة المتكررة على الانفعالات خاصة مع الطفل.

 

وأشارت الدكتورة منى حمدى إلى أن الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة يكون لديهم بالفعل قدرات خاصة تقابل الجزء المفقود لديهم، وهذا وفقًا للدراسات والأبحاث، فالأطفال الصم والبكم على سبيل المثال يكون لديهم مستوى ذكاء عال وسرعة بديهة وإحساس عال بالمشكلات وتتطور لديهم بشكل قوى مهارات الحل، وتزداد لديهم مهارات التعبير غير اللفظى بلغة العيون وتعبيرات الوجه ولغة الجسد، ولكن المشكلة تكمن فى المتلقى الذى يمل سريعاً من التعامل غير العادى والذى يحتاج مجهودًا.

 

وأضافت أن دور الوالدين فى الانتباه لقدرات أطفالهم الخاصة واكتشاف مهاراتهم وإبرازها وتشجيعهم عليها والعمل على تنميتها ووضعها موضع ممارسة وتنفيذ وانجاز، يزيل الشعور بالنقص والعجز ليحل محله الشعور بالإنجاز الذى يُشغل نظام المكافأة بالمخ ويفرز كميات مناسبة من الدوبامين "هرمون سعادة الإنجاز" مما يعضد شعور الطفل بالثقة والسعادة والانطلاق ويدفعه للمزيد من العمل ويبعد عنه شبح الاكتئاب والحزن والفشل والنقص.

 

«حنان» و«مادونا».. الفن يكسر حاجز الصمت

 

 

استطاعوا بقوة الإرادة ترويض ظروفهم لتحقيق نجاحات أبهروا بها الجميع، أصبحوا نجومًا يشار إليهم بالبنان فى كل مكان، لم تقف إعاقتهم فى طريق نجاحهم بل تحدوا هم وأسرهم كل المصاعب ليحلقوا فى سماء التفوق فى كافة المجالات.

 

نماذج رائعة لشباب وفتيات نجحوا فيما فشل فيه غيرهم من الأصحاء، سطروا أسماءهم بأحرف من نور فى كافة المجالات لذلك فقصص نجاحهم يجب أن تخلد لتكون عبرة للأجيال القادمة.

مادونا جمال

«مادونا جمال» أول فتاة فى مصر من ضعاف السمع تلتحق بمعهد الفنون المسرحية، نجحت بمعاونة والدتها نرمين بيومى، الأم النموذج التى أعانت ابنتها وأمدتها من قوتها لتصبح واحدة من أشهر ذوى الهمم فى مصر، قصة كفاح ونجاح الأم بدأت مع أول صرخة لطفلتها فى الحياة، فبعد ولادتها بدقائق شعرت بصدمة كبيرة حينما علمت أن طلفتها من المبتسرين، حيث لم يتعد وزنها 350 جرامًا.

 

«بنتك استحالة تعيش.. ربنا يعوض عليكي».. جملة تلقتها الأم من الطبيب لابنتها أطفأت نور الحياة وفرحتها بوليدتها الصغيرة، وقالت داعية: « يارب خد من عمرى واديه لبنتى أشوفها عروسة».

 تصمت الأم للحظات وتدخل فى نوبة بكاء، بعدما تذكرت سيناريوهات «الليلة السوداء»على حد تعبيرها الذى توجهت فيه بطفلتها إلى عدد من المستشفيات والأطباء لتجد نفس الإجابة «بنتك مش هتعيش كتير».

 

لم تفقد الأم الأمل، حيث منح الله الطفلة الصغيرة عمرًا جديدًا، وقالت: «فعلًا الله عن حسن ظن العبدبه أن كان خيرًا فخير».

 

تقول الأم إنه لا يوجد أحد من أفراد العائلة ضعيف السمع، وابنتها حالة فردية، وكان لزوجها الدور الكبير فى دعمها نفسيًا لمواجهة الحياة، حتى تمكنت من تربيتها.

واجهت الأم أهوالًا كثيرة لتربية «مادونا» وتحصينها من التنمر سواء من أبناء الجيران أو فى المدرسة التى كانت معدومة الإمكانيات، فلم تتلق الابنة دروسها إلا عن طريق مدرسين متخصصين فى المنزل.

 

«طبعًا أنا مع الدمج وأؤيده بشدة» تستكمل الأم حديثها قائلة: إن تواصل الأطفال من ضعاف السمع مع غيرهم من الأطفال يجعلهم يتقبلون الحياة كما هى، أما بشأن التنمر فهو موجود بين الأطفال العاديين وليس مع ضعاف السمع فقط.

 

وأضافت الأم أنها اكتشفت فى ابنتها حبها للتمثيل للك شجعتها على خوض هذا المجال لتصبح ابنتها أول صما تلتحق بمعهد الفنون المسرحية، ويتوقع لها أساتذتها التفوق فى هذا المجال الذى تحب.

حنان نحراوى

حالة أخرى من حالات التميز وقهر المستحيل تمثلها الفنانة التشكيلية «حنان نحراوى»، التى اتخذت من جمال الطبيعة نورًا لها فى الحياة، وجسدتها لوحات تنطق بقدرة الخالق العظيم، فنانة رائعة تجاوز عمرها 50 عامًا سلكت خلالها طريق الفن، عبرت من خلاله عن روحها النقية وجمالها الداخلى. «حنان» كانت طفلة مدللة لجدها يصطحبها معه لتلهو وسط اللون الأخضر فى الحقول، استطاعت أن تلفت أنظار معلميها بموهبتها فى الرسم وتنبأوا لها بمستقبل باهر، وهو ما حدث بالفعل، حيث حصلت على جوائز عديدة وهى مازالت تلميذة بمدرسة الصم والبكم.

 

التحقت «حنان» بمدرسة فى شبين الكوم بالمنوفية، وكان حينها لا يتوافر لها مدرسة للصم والبكم، عانت كثيرًا خاصة وإنها لم تستطع التكيف مع غيرها من التلاميذ فى البداية فكانت تفرغ طاقاتها فى الرسم الذى كان بمثابة عالمها الخاص الذى تعيش فيه هربا من مآسى الحياة، فمن خلال الأقلام راحت تشكل لوحات فنية تحولها من طاقة سلبية إلى نور يشع أملاً لغيرها من البائسين.

 

الأمر المدهش أن «حنان» كانت تتنبأ بعض الأحداث فى أحلامها وترسمها مثل ثورة يناير وحادث قطار الصعيد، وقالت: «حلمت بيهم فى منامى وقولت هيحصل حادث قطار وثورة فى مصر ورسمتهم فى لوحات».

 

رسمت «حنان» 30 لوحة، وابتكرت أيضاً الرسم بالتنقيط وشاركت بعدد من لوحاتها فى معارض عالمية ومن أشهر اللوحات التى تعتز بها لوحة هيلين كيلر الكفيفة الصماء البكماء، والرئيس كيندى، مشيرة إلى أنها تهتم برسم البورتريهات بوحدات صغيرة من علم مصر.

 

هل ساندك أحد نفسيًا خلال رحلتك الفنية؟.. سؤال وجهناه للفنانة الصامتة فردت قائلة، هناك الكثير من كلمات السر وراء نجاحى منهم عبدالسلام محمد البنا، رئيس جمعية ضعاف السمع، الذى أعجب بموهبتى وجعلنى أشارك بمعرض هونج كونج بالعين وبعت 4 لوحات وقتها، وأقمت معارض فى السعودية والإمارات وكانت معظم لوحاتى تعبر عن البسطاء وقضايا الفقر ومشكلات البطالة.

 

إشكالية «حنان» لم تكن فى إعاقتها كما قالت، فى صعوبة الاندماج مع المجتمع وعلى الرغم من عزلتها وانطوائها فى لوحاتها استطاعت أن تثبت جدارتها بـ25 جائزة عالمية ومحلية.

---

معاملة الحالات الخاصة.. «الذوق المفقود»

 

قواعد «الإتيكيت» لا تتوقف على فئة معينة من الطبقات والأفراد، وإنما تشمل جميع الفئات لأنه فن الذوق والتعامل مع أى شخص، ويجب أن يشمل هذا التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، ولذلك يجب لفت انتباه الأفراد إلى المهارات الواجب اتباعها عند التعامل مع بعض الأشخاص من ذوى الاحتياجات الخاصة، فهذا أكثر تشجيعًا لهم.

تقول ميرنا صلاح خبيرة «الاتيكيت» أن كل شخص فى المجتمع له دور مهم تجاه هؤلاء الأشخاص سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو الشارع.

 

فلا بد من وجود ضوابط للذوق والأخلاق تحكم التعامل معهم، فعند استقبالهم فى مكان ما يمكن تحديد أماكن مريحه لهم مع ضمان سهولة الوصول إليها دون عوائق، والتحدث بصوت طبيعى عند الاستقبال ولا ترفع نبرة صوتك إلا إذا طلب منك، وحينما تقدم الشخص لا تقدمه بإعاقته وإنما باسمه فقط لأنهم أشخاص شديدو الحساسية، وعندما تتحدث مع أحدهم لابد من التواصل بالعين مباشرة، وفى حاله وجود مترجم تجنب الحديث مع الشخص نفسه فمن المفروض عرض المساعدة بشكل طبيعى، وعند مغادرة المكان عليك إخبار الشخص والاستئذان منه.

 

وأشارت خبيرة «الإتيكيت» إلى أن دور الأسرة مهم وفعال فى تنميه احتياجات ومتطلبات أبنائهم، فالأسرة هى الداعمة والمحفزة وهى الجزء الأكبر فى العلاج، ولابد عليها تقديم الطفل للمجتمع بشكل يليق به وعد الشعور بالحرج من تقديمه للآخرين، ولابد أن تلتمس الأسرة العذر له فى أى تصرف خارج عن إرادته، وعدم توبيخه أو سبه بألفاظ جارحة، بل يجب أن يتم التعامل معه بلباقة وأدب وعرض المساعدة عليه فى أى وقت خاصة الأم والأب لأنهما نبع الحنان والأمان لهؤلاء الأطفال.

 

وتشدد «ميرنا» على ضرورة المحافظة على المظهر الشخصى لهذه الفئة من حيث الملابس ونظافة الجسم وكل متعلقاتهم، والحرص على تجمعهم مع الأسرة وتبادل الأحاديث الخاصة بهم، وعدم تعرضهم لأى مضايقات والابتعاد عن أى موقف يسبب لهم الحرج، كما يجب التعامل معهم على أنهم أشخاص طبيعيون تمامًا.

 

وأكدت «ميرنا» ضرورة الحفاظ على بناء شخصية هؤلاء الأطفال والحرص على تعليمهم، فالمدرسة تمثل أسرع طرق التعليم للطفل، لذلك لابد من تأهيل المعلمين للتعامل مع هؤلاء الأطفال من الناحية النفسية والأخلاقية والتربوية، مع مراعاة التواصل مع الأسرة باستمرار.

 

كما أكدت أنه على المدرسة دعم هؤلاء الأطفال ودفعهم إلى ممارسة الأنشطة الترفيهية، وإشراكهم فى المسابقات ودعمهم وتقديم الهديا لهم، ويجب أن يتعامل كل شخص داخل المؤسسة التعليمية معهم بشكل إنسانى دون إشعارهم بالشفقة، وعدم التفرقة بينهم وبين الآخرين.