رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إمام مسجد الحجاج الأقصري: التاريخ مدرسة حكيمة لمن أحسن قراءته

الشيخ مبارك علي محمد
الشيخ مبارك علي محمد علي

 قال الشيخ مبارك علي محمد علي إمام، وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، إن التاريخ مدرسة حكيمة لمن أحسن قراءته، وتأمَّل عِبَرَه، واستفاد من وقائعه، فأحداث السنين، وأنباء السابقين، وتجارب الأمم، وتقلُّبات الدول - دروس بليغة يستفيد منها العقلاء؛ فالأحداث تتكرر، والتاريخ يعيد نفسه، والعاقل من اعتبر بغيره.

 

اقرأ أيضًا: شيخ الأزهر يستقبل نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء البحريني ويؤكد دور القضاء في استقرار المجتمعات

 

وأضاف علي في تصريح له لـ"بوابة الوفد"، أن أمم عاثت في الأرض أزمانًا ثم أدبرت وبارت، وسارت في الأرض جحافلُ من الكفر والطغيان فأوغلت وتمادت، ثم أفَلَتْ واندثرت، وسادت أمم ذات حضارات عظيمة دهرًا طويلًا ثم اضمحلَّت وبادت، وقامت للظلم صروحٌ ضخمة فبطشت ونكَّلت، ثم تهدَّمت وزالت.

 

وأردف أن القرآن الكريم فيه أخبار أمم طغت وبغت، وأفسدت في الأرض وتجبَّرت، وأمم نحتت الجبال بيوتًا وتعالت واشمخرَّت، وأمم كفرت بأنعُمِ الله وأترفت، فما أسرَعَ أن حلَّت بهم المَثُلات، وحَّقت عليهم كلمة العذاب، فأصبحوا أثرًا بعد عين، قال تعالى: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴾ [مريم: 98]. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وفي القصة التي معنا عبرة لمن اعتبر وعظة لمن ادكر وأصل هذه القصة رواها أحمد (45 /212 رقم 27239)، والبيهقي في سننه الكبرى (6 /144 رقم 12132)، وصححها ابن الملقن في البدر المنير (7 /69)، وابن حبان في صحيحه (16 /182 رقم 7025)، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان.

 

وذكرها الذهبي في تاريخه (4 /128-129)، وفي السير (2 /574). وانظر: البداية والنهاية (5 /93-94).

جلسَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يوماً بينَ أصحابِه، فقالَ لهم: (يأتيكم بقيةُ أبناءِ الملوكِ)، فَقدمَ عليهِ الصحابيُّ الجليلُ وائلُ بنُ حِجرٍ الحَضرميُّ رَضيَ اللهُ عَنهُ سَليلُ ملوكِ اليمنِ مُعلنًا إسلامَه.

فلما أتى وائلٌ رحَّبَ به النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ وأَدناه، ثم أَعطاهُ أرضًا نَظيرَ ما تَركَ خَلفَه من المُلكِ والزَّعامةِ، وأَرسلَ معه مُعاويةَ بنَ أبي سفيانٍ رَضيَ اللهُ عَنهما ليَدُّلَه على مكانِها، وكانَ معاويةُ وقتَها من شدةِ فقرِه لا ينتعلُ حذاءً، فقالَ معاويةُ لوائلٍ: أَردفني على النَّاقةِ خَلفَك؟، فَقالَ وائلٌ: ليسَ شُحًّا بالنَّاقةِ، ولكنَّكَ لستَ رَديفَ الملوكِ، قالَ معاويةُ: إذن أعطني نعلَك، فقالَ له وائلٌ: ليسَ شُحًّا بالنَّعلِ، ولكنَّكَ لستَ ممن ينتعلُ أحذيةَ الملوكِ، ولكن امشِ في ظِلِّ النَّاقةِ.

ثُمَّ ما لَبثَ أن دَارَ الزَّمانُ دورتَه، ووَلَّى الفاروقُ رَضيَ اللهُ عَنهُ معاويةَ على الشامِ، ثم أبقاهُ عثمانُ رَضيَ اللهُ عَنه، ثم آلتْ خِلافةُ المسلمينَ بعد ذلك إلى معاويةَ رَضيَ اللهُ عَنه .. فَجاءَ وائلُ بنُ حجرٍ رَضيَ اللهُ عَنه إلى الشَّامِ وقد جَاوزَ الثَّمانينَ من عُمرِه، ودخلَ على معاويةَ وكانَ جَالسًا على كُرسي المُلْكِ، فنَزلَ وأجلسَ وائلًا مكانَه، ثم ذَكَّره بالذي كانَ بينهما فيما مَضى، وأَمرَ له بمالٍ، قالَ وائلٌ رَضيَ اللهُ عَنه في المالِ: أَعطِه من هو أحقُّ به مِني، وقالَ في الموقفِ القَديمِ: واللهِ، وَددتُ بعدما رَأيتُ من حلمِك، لو رَجعَ بنا الزمانُ لأحملنَّكَ يَومَها بين يديَّ.

وهكذا الأيامُ تدورُ .. والزَّمانُ يتبدَّلُ .. والأحوالُ تتغيَّرُ.

وليسَ من العقلِ إساءةُ المعاملةِ مع الآخرينَ واحتقارُهم والتَّعالي عليهم، فالصَّغيرُ قد يطولُ به الزَّمانُ فيكبرُ، والفقيرُ قد يُحالفُه الحظُّ فيغتني، والمرؤوسُ قد يجتهدُ في عملِه فيَرأَسُ، وذلكَ الذي لم تحترمْه قد يكونُ مُديراً، وذلكَ الذي احتقرتَه قد يُصبحُ وزيراً، فيأتي اليومَ الذي تحتاجُ فيه إليه، وقد تُجبرُكَ الظُّروفُ فتشتكي إليه، وقد يدورُ الزَّمانُ فتقفُ بينَ يديهِ، والأيامُ حُبلى، وكما قالَ القائلُ:

الليالي من الزمانِ حُبالى * مُثْقَلاتٍ يَلدْنَ كلَّ عَجيبِ

فإذا لم يمنعْكَ دِينٌ عن حُسنِ المُعاملةِ، فلتمنعْكَ دُنيا دوَّارةٌ لا ينفعُ بعدَها المجاملةُ، فما أقبحَ أن يتلَّونَ الإنسانُ في معاملتِه مع النَّاسِ، بحسبِ المكانةِ والمنصبِ والمالِ والأجناسِ، فتجده اليومَ جافياً غليظاً مُتكبِّراً يحتقرُ الضُّعفاءَ، وغداً بشوشاً سَمحاً يحترمُهم بعدَ أن أصبحوا أقوياءَ.

وَلاَ خَيْرَ فِي وِدِّ امْرِئٍ مُتَلَوّنٍ * إِذَا الريحُ مَالَتْ مَالَ حَيْثُ تَمِيلُ.

لمزيد من الأخبار..اضغط هنا