عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القصة الكاملة لعودة الطفلة الأم إلى أهلها.. وحكاية الزوج الكفيف

رضا في أحضان العائلة
رضا في أحضان العائلة بعد 45 عامًا من الضياع

في فجر شتاء قارس، استيقظت الصغيرة لترافق أمها بائعة الخضراوات الطريق إلى رزق يوم تنتظر فيه العودة ببضع جنيهات تنفقها على أطفالها، أمسكت الصغيرة طرف جلباب أمها الأسود.

 

اقرأ أيضًا.. رضا من بيت المأمور إلى الزوج الكفيف.. رحلة الطفلة الأم بدأت بالضياع «فيديو»

 

وقرب قطبان السكة الحديد ببني سويف افترشت الأم بضاعتها من الخضراوات، بعد أن وضعت على الأرض ميزانًا كانت تحمله فوق الرأس الضعيف، فيما كان النعاس يغازل عيني صغيرتها رضا، وتفرقهما بين الفيّنة والأخرى لترى معالم الدرب الطويل.

 

رضا في أحضان العائلة بعد 45 عامًا من الضياع

 

رحلة ضياع وشقاء عمرها 45 عامًا 

 

وكشفت الشمس عن ضوئها رويدًا رويدًا، تُتمتم الأم بآيات الذكر سائلة الله سعة الرزق والبركة، يأتي القطار مطلقًا صافرة الإنذار، وفجأة اختفت رضا عن الأنظار، لتبدأ رحلة أخرى استمرت 45 عامًا من الشقاء والضياع.

 

صرخت الأم بنداءات الرجاء تاهت ابنتي، ضاعت رضا، ولم تمضِ ساعات حتى وصل القطار محطة "ملوي" بمحافظة المنيا "وسط الصعيد"، وفقدت الأم كل علامات الأمل في العثور على صغيرتها.

 

والدة رضا تتوسط الأهل

 

ترجلت رضا من القطار لا تدري إلى أين تذهب أو إلى أين المصير، وركضت في كل الاتجاهات تبحث عن أمها، وهي لا تدرك أنها انتقلت إلى محطة أخرى مختلفة من محطات الحياة، فقدت الطريق إلى فرشة الخضار، فلم تكن الأشخاص أمامها كالتي رأتها قبل ساعات، وجوه لا تشبه وجوه، فاستسلمت ابنة السنوات الخمس في يد أحد المارة الذي اتجه بها إلى قسم شرطة ملوي، وهناك كانت حكاية رضا "بنت بائعة الجرجير".

 

قرار إنساني

 

وهنا كان في قسم شرطة ملوي ضابط إنسان، اهتز قلمه قبل أن يرتجف قلبه ويعطي قرار الإحالة إلى الأحداث، التفت مأمور القسم آنذاك "يحيى عبدالرازق"، ونظر إلى الصغيرة "رضا" ماذا ستفعل بنت في هذا العمر في دار الأحداث، مزق ورقة المحضر الأولى وبدأ صفحة أخرى، بالقرار الإنساني "رضا ستكون معي في البيت".

 

رضا في أحضان العائلة بعد 45 عامًا من الضياع

 

على الطرف الآخر، كانت عائلة رضا في بني سويف "100 كيلومتر من ملوي" تتوشح السواد في بيوتٍ من الطين يسكنها الحزن واليأس بعد أن فارقتهم "رضا" دون وداع.

 

ثلاث سنوات من البحث ولا جدوى، بعد مرور 45 عامًا على فقدها، ظهر في نهاية النفق المظلم ضوء أمل جديد، عقب مقاطع فيديو بثتها رضا عبر موقع فيسبوك، تروي فيها حكايتها مع قطار الضياع.

 

قالت رضا: "نزلت في محطة ملوي بمحافظة المنيا، واصطحبني أحد الأشخاص إلى مركز الشرطة، وفضلت هناك خمسة

أيام ولم أصل إلى أهلي وأخذني مأمور المركز "يحيى عبدالرازق" وعشت مع أسرته إلى أن أصبح عمرها 15 عامًا، ثم تركت أسرة المأمور وظللت أتنقل من بلدة لأخرى إلى أن استقرت في محافظة الأقصر".

 

رضا رفقة أخاها

 

وتابعت رضا: "المأمور يحيي عبدالرازق، كان يوقع إمضائه لإحالتي إلى الأحداث.. لكنه تراجع وقال هاخدها أربيها مع بنتي الصغيرة"، مضيفة: "أنا تعلقت بابنة المأمور وكبرنا سوا ولعبنا سوى وتلعمنا سوا".

 

وأضافت: "في محافظة الأقصر تعرفت على زوجي بالمحطة، الذي استخرج ليّ بطاقة شخصية وتزوجنا وعشت معه وخلفت منه 5 أولاد ثم توفى"، لافتة إلى أنه كان كفيف ثم تبادلنا أطراف الحديث إلى أن تعرفنا وتزوجنا.

 

حنين رضا لأسرتها الحقيقية

 

ورغم معاملة الأسرة البديلة التي احضتنت رضا في طفولتها والزوج الحنون وأبنائها لم يغب حنين رضا لأسرتها الحقيقية عن قلبها، وبعد انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في البحث عن المفقودين، قررت رضا أن تحاول الوصول إلى أهلها مرة أخرى.

 

ونشرت قصتها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن طريق فيديوهات على أمل أن يراها أحد من أهلها، إلى أن وصل المقطع إلى أخوها أشرف، الذي ذهب إلى والدته يطمنها أن ابنتها المفقودة على قيد الحياة، ويفرحها بخبر العثور على رضا أخيرًا.

 

وتواصلت الأم فورًا مع رضا عبر موقع فيسبوك وتبادلا الصور والحكايات التي ربطت الأحداث المفقودة بينهما وأثبتت بالفعل أنها ابنتها.

 

واصطحبت الأم أسرتها إلى محافظة الأقصر، حيث تعيش رضا، في لقاء جمع شكوك الحياة والموت معًا، وعادت رضا وأطفالها الخمسة بعد غياب دام 45 عامًا إلى أسرتها في محافظة بني سويف.