عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وزير جديد.. وأزمات قديمة

جانب من الزيارات
جانب من الزيارات الميدانية على المدارس

التعليم هو القضية المحورية لهذا الوطن، وإذا أرادت دولة ما أن تتقدم أو تتطور، فسيكون الطريق هو الاهتمام بالتعليم ووضع خطة ورؤية محكمة تحقق الأهداف المطلوبة.

 

وفى مصر دائمًا ما تعلن وزارة التعليم بين الحين والآخر عن تطوير المنظومة التعليمية، وكل وزير يأتى إلى الوزارة يضع خطط سابقيه جانبًا، ويبدأ من جديد بخطة جديدة، حتى أصبحت هناك ملفات موروثة أزلية لا نستطيع التعامل معها، وكأنها فرضًا على المجتمع المصرى.

 

ومن أبرز الملفات على مكتب وزير التربية والتعليم الجديد قبل بداية العام الدراسى، مشكلة كيفية القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية التى توغلت فى المجتمع، وأصبحت ضرورة من ضروريات التعليم، ويعتمد الطلاب عليها بشكل كامل، بعدما كانت فى الماضى مجرد وسيلة مساعدة، لدرجة أن أوائل الثانوية العامة أصبحوا يتفاخرون باعتمادهم عليها وعدم ذهابهم إلى المدرسة، إضافة إلى مشكلة تحسين أوضاع المعلمين ماديًا وتدريبهم على المناهج الجديدة، فى ظل صعوبة بعض هذه المناهج وشكوى الطلاب وأولياء الأمور منها.

 

الملف التالى يرصد أهم الأزمات التى يعانى منها قطاع التعليم فى مصر، والتى يجب على وزير التربية والتعليم الجديد الدكتور رضا حجازى، التصدى لها والعمل على حلها، خلال الفترة المقبلة.

 

استعادة دور المدرسة.. التحدى الأكبر

 

فى الماضى القريب كان أولياء الأمور يغضبون كثيرًا عندما يتغيب أبناؤهم عن المدرسة، ويسألونهم عن السبب، لكن خلال العقد الأخير انتشرت ظاهرة الغياب عن المدارس بشكل كبير، وتحولت إلى ثقافة مجتمعية تترسخ يومًا بعد يوم لأسباب متعددة، أبرزها الظروف الاقتصادية الصعبة مع الاعتماد الكامل على الدروس الخصوصية.

 

أمام وزير التربية والتعليم الجديد مهمة صعبة فى استعادة دور المدرسة فى العملية التعليمية خلال الفترة المقبلة، حيث كان الأمر يقتصر على غياب تلاميذ الشهادة الثانوية فى آخر شهر أو آخر شهرين من العام الدراسى، لكن الآن الوضع تغير بشكل كبير وأصبح الطلاب فى مختلف المراحل الدراسية لا يذهبون إلى المدرسة، واعتمدوا بشكل أساسى على الدروس الخصوصية.

 

وقد جاءت تصريحات أوائل الثانوية العامة مؤخرًا، بعدم ذهابهم إلى المدرسة واعتمادهم على الدروس الخصوصية، لتؤكد فشل دور المدرسة فى العملية التعليمية، ولذلك لابد من العمل على عودة الانضباط، والتأكيد أن المدارس جاهزة لاستقبال التلاميذ حتى آخر يوم فى العام الدراسى.

استعادة دور المدرسة.. التحدى الأكبر

فالحديث عن استعادة دور المدرسة ليس القصد منه الناحية الفنية فقط، وإنما أيضاً من الناحية المادية والنفسية، من خلال تجهيزها بالشكل اللائق لاستقبال التلاميذ، ما يجعلها جاذبة لهم وليست طاردة.

 

ترى الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، الخبيرة التربوية، أن هناك عدة أسباب أدت إلى غياب دور المدرسة فى العملية التعليمية خلال السنوات الماضية. وأوضحت أن هذه الأسباب تتمثل فى عجز المدرسين والنقص الكبير فى أعدادهم وخاصة للمواد الأساسية مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات واللغة الأجنبية، إضافة إلى كثافة الفصول التى وصلت إلى 80 طالبًا فى الفصل ما يجعل الطالب غير مرتاح نفسيا وهو داخل الفصل، مع ضيق مساحة المدارس وعدم وجود أى مساحة لممارسة الأنشطة.

 

وأضافت الخبيرة التربوية، أنه فى الماضى كانت أجمل أيام الدراسة هى أيام الألعاب والاقتصاد المنزلى، لكن الآن لا توجد أى أنشطة يقوم بها الطلاب، لدرجة أن هناك عجزًا فى مدرسى التربية الرياضية والموسيقية وخاصة فى مدارس البنات، مشيرة إلى أن هذه المواد يتم وصفها بأنها مواد جاذبة للطلاب.

 

وأوضحت «عبدالرؤوف»، بما أنه لا توجد أنشطة أو مدرسون، لذلك الطلاب يعتمدون على الدروس الخصوصية، ولا يذهبون إلى المدرسة، كما أن هناك بعض المعلمين وليس كلهم، يتعمدون إساءة التعامل مع الطلاب حتى لا يأتوا للمدرسة وإجبارهم على الدروس الخصوصية.

 

وأكدت أن الوزير السابق الدكتور طارق شوقى، لم يستطع إعادة الطالب للمدرسة، لأنه لم يعط للمدارس أولوية وجعل كل تركيزه فى التطوير التكنولوجى والمناهج، مضيفة: "هو رجل مفكر ويتعامل مع مؤسسات دولية ويضع خططًا عامة، لكن ما يصلح لمصر يجب أن يكون متوافقًا مع ما يحدث على أرض الواقع أولًا، ومعرفة الاحتياجات الأساسية، خاصة أنه أنفق مليارات الجنيهات ولم يضع عودة الطالب للمدرسة أولوية له.

 

وتابعت: «خلال الـ6 سنوات قضاها طارق شوقى فى التعليم، لم يركز على توفير معلم مناسب للطالب وتدريب المعلمين بشكل حقيقى وليس وهميًا، وزيادة مساحات المدارس وإقامة ملاعب فيها، مع إنشاء مدارس جديدة للقضاء على كثافة الطلاب».

 

وأوضحت «عبدالرؤوف»، أن أزمة التعليم تفاقمت بسبب سياسات الوزير السابق، ولذلك نحن نشفق على الوزير الجديد، لأن الوقت ضيق أمامه وهناك صعوبة فى تدارك المشكلات وحلها، خاصة بعد إنفاق مليارات الجنيهات على التعليم خلال السنوات الماضية، وأصبحت الميزانية تكفى بالكاد رواتب المعلمين وطباعة الكتب والأمور الإدارية الأخرى، ولا يوجد فيها فائض لحل المشكلات التعليمية.

 

وتوقعت أن تستمر هذه المعاناة لسنوات أخرى، خاصة أن غياب الطلاب عن المدرسة أصبح ثقافة مجتمع، وهذا أمر فى غاية الخطورة مع الضغوط الاقتصادية الصعبة التى تجعل الأسرة تبحث عن توفير نفقات ذهاب وعودة أولادهم من المدرسة، طالما أنهم يحصلون على دروس خصوصية.

 

واختتمت الخبيرة التربوية تصريحاتها بقولها: "نحتاج إلى خطة زمنية وإلى حشد مجتمعي وإعلامي حتى نغير فكرة المواطنين عن التعليم والمدارس الآن، مع تهيئة المدارس أولا بشكل جيد".

 

من جانبه قال النائب حسانين توفيق، عضو لجنة التعليم والاتصالات بمجلس الشيوخ، إن تصريحات أوائل الثانوية العامة بالاعتماد على الدروس الخصوصية بدلًا من المدرسة يستحق وقفة، لأنهم اعتبروا الحضور للمدارس تضييعًا للوقت، بينما يتابعون دروسهم من خلال الدروس الخصوصية، سعيًا لنتائج أفضل فى التحصيل الدراسى.

 

وأضاف «توفيق»، أن هذه الرؤية التى عبر عنها أوائل الثانوية العامة تمثل إشكالية كبيرة، وبحاجة إلى دراسة ومعرفة سياسة الحكومة تجاه هذا التوجه، خصوصًا فى ضوء الحديث المتواصل من جانب الحكومة بشأن تطوير التعليم وعمل منظومة تعليم جديدة، مشيرًا إلى أن النظرة التى عبر هنا أوائل الثانوية العامة إذا استمرت بهذا الشكل ستكون الدروس الخصوصية بديلة للمدارس بشكل كامل، وهذا أمر يهدد منظومة التعليم بالكامل.

 

وأوضح عضو لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، أنه سيطرح هذا الملف مع انطلاق دور الانعقاد الثالث للمجلس، فى طلب مناقشة عامة للحكومة، للوقوف على إشكاليات هذا الطرح والأسباب التى أدت بنا إلى هذا الأمر وكيفية مواجهته وتحقيق تطوير حقيقى لمنظومة التعليم، على أن نكون أمام رؤية متكاملة من جانب أعضاء لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، بالتعاون مع الحكومة، للوصول إلى سياقات ونقاط جديدة تتغلب على هذه الإشكالية، وأن نكون أمام خدمة تعليمية من المدرسة مقدمة على أى درس خصوصى.

 

وأشار إلى أن عودة الطلاب إلى الفصل والمدرسة ضرورة لا جدال فيها، وأن مراكز الدروس الخصوصية لا يجوز أن تكون بديلة للمدارس بأى حال.

 

تطوير أداء المعلم.. خطوة ضرورية

 

المعلم هو العنصر الأهم فى العملية التعليمية، ويقع على عاتقه العبء الأكبر فى توصيل أهداف المنظومة للطلاب، وبدونه لا تستقيم الدراسة، ولذلك فتحسين أوضاع المعلمين ماديًا ومعنويًا وفنيًا، أمر مهم للغاية، ويجب أن يتم النظر إلى هذا الأمر نظرة شاملة، فلا نسعى لتحسين الأوضاع المالية للمعلمين دون ارتباط ذلك بتطوير أدائهم وتدريبهم على المناهج الجديدة تدريبًا جيدًا.

 

وأكد وزير التربية والتعليم الجديد رضا حجازى، أهمية دور المعلم، وأنه يولى اهتمامًا شخصيًا بالمعلمين يختلف عما كان يحدث من قبل. وأصدر حجازى، قرارًا عاجلًا بشأن زيادة رواتب المعلمين خلال العام الدراسى الجديد 2022 / 2023، مشيرًا إلى أنه تقرر رسميًا رفع سعر الحصة الواحدة الزائدة على النصاب القانونى للمعلمين الموجودين داخل منظومة التربية والتعليم من 3.80 جنيه إلى 20 جنيهًا، تمامًا مثل أجر المعلمين الذين يتم الاستعانة بهم لسد العجز فى المدارس من خارج المنظومة.

تطوير أداء المعلم.. خطوة ضرورية

وأوضح الوزير أنه رفع مذكرة لرئيس الوزراء بهذا المطلب وعرضها على وزير المالية، وبالفعل تمت الموافقة على هذه الزيادة رسميًا لجميع المعلمين. ولفت إلى أن زيادة سعر الحصة سيؤدى حتمًا لزيادة رواتب المعلمين الذين يأخذون حصصًا زيادة عن نصابهم القانونى فى المدارس خلال العام الدراسى، قائلًا: "لو المعلم دخل 5 حصص زيادة فى الأسبوع بما يعادل 20 حصة فى الشهر، لو حسبنا كل حصة بـ20 جنيهًا سيحصل على 400 جنيه زيادة على مرتبه.. أتمنى أن أمنح المعلمين آلاف الجنيهات لكننا للأسف نتحرك فى إطار موازنة دولة".

 

وأكد الوزير أهمية دور المعلم فى الارتقاء بالعملية التعليمية، مشيرًا إلى أنه سيتم الاهتمام بتدريبه على نظام التعليم الجديد وفلسفته ليكون لديه فهم عميق للمنهج ويستطيع توصيل المعلومة إلى الطالب بالشكل المنشود.

 

كما تم التوجيه بتقييم الحقيبة التدريبية للمعلمين من قبل مديرى عموم المواد التعليمية بالتعاون مع موجهى عموم المواد بالمديريات التعليمية، لافتًا إلى أهمية تدريب المعلمين على مواصفات اختبارات المنظومة الجديدة.

 

وقال الدكتور محمد عبدالعزيز، الخبير التربوى، إن عملية تحسين أوضاع المعلمين يجب النظر إليها نظرة شاملة، فلا يجب أن نسعى لتحسين الأوضاع المالية للمعلمين دون ارتباط ذلك بتطوير أدائهم.

رضا حجازى

وأضاف «عبدالعزيز»، أننا مقبلون على مرحلة جديدة، والمنتظر أن تكون هناك رؤية جديدة للتعليم تتماشى مع الواقع وحل المشكلات التى نعانى منها منذ سنوات، مشيرًا إلى أن مشكلة المعلم ليست فى المرتب فقط، لأنه مهما أعطينا المعلم راتبًا جيدًا، لن نستطيع منعه من إعطاء الدروس الخصوصية، لأن موازنة الدولة حاليًا لن تتحمل أعباء زيادة الرواتب بأى شكل بسبب الأوضاع الاقتصادية.

 

وأوضح الخبير التربوى، أنه يجب التفكير فى تعديل أداء المعلم وتحديد كود خاص به، أى تحديد مواصفات المعلم المطلوب فى المرحلة القادمة، وهذه المواصفات يجب أن ترتبط بالمنظومة ككل، لأنه غير منفصل عن المنظومة، فالمعلم يعمل داخل مدرسة بها كثافة طلابية يجب التفكير فى حلها حتى يستطيع تقديم أداء جيد مع الأعداد الكبيرة من الطلاب، كما يجب وضع كود للفصل الدراسى، لأننا كل عام نعانى من مشكلة زيادة أعداد التلاميذ فى الفصول.

 

وتابع: "هناك عجز كبير فى المعلمين وخروج أعداد منهم على المعاش سنويًا، فضلًا عن ارتفاع سن المعلمين الحاليين"، مشيرًا إلى أنه يجب معرفة مدى إمكانية قيام المعلم بواجباته حسب عمره، لأن هذه العوامل أدت إلى انهيار التعليم المدرسى بشكل عام.

 

وحول الكود الخاص بالمعلم، قال عبدالعزيز، إنه يجب وضع بعض الأمور فى الاعتبار أثناء وضع كود المعلم، مثل عدد التلاميذ الذين يستطيع التدريس لهم، والمواصفات المهنية والعلمية الخاصة به، وهل المستوى العلمى له يرقى للأهداف التربوية التى تريد الوزارة توصيلها للطلاب.

 

ولفت الخبير التربوى، إلى أن المواد الدراسية والمناهج الخاصة بها تعانى أيضاً من مشكلات متعددة، فالمواد الدراسية خاصة منهج مادة العلوم الخاص بسنة رابعة ابتدائى، خلق مشكلات وبلبلة كبيرة العام الماضى بسبب تخطيه المرحلة العمرية للطلاب وكتابته بطريقة صعبة، ولم يتم تدريب المعلم على شرح مادته العلمية، ولذلك الوزير الجديد أعلن عن بعض التعديلات فى هذا المنهج وهو مدرس علوم فى الأساس.

 

وطالب "عبدالعزيز"، بتدريب المعلمين من خلال خطة تدريبية حقيقية، لأن التدريبات السابقة كانت مجرد أوهام، مضيفًا، "تدريب إيه اللى يكون 4 أيام وأثناء اليوم الدراسى.. ده بيعمل خلل فى المدرسة".

 

وتابع: "منهج اللغة الإنجليزية للصف الثالث والرابع الابتدائى مثلًا يعتمد على مواد علمية.. كيف ندرس مصطلحات علمية والمدرس الخاص بها غير قادر على توصيلها للطلاب، لأنه غير متخصص فيها"، مؤكدًا أن المناهج لابد أن يعاد النظر فيها من خلال متخصصين، وعدم الاستعانة بنفس الأشخاص مرة أخرى لأن ذلك سيؤدى إلى نفس النتائج الخاطئة.

 

الدروس الخصوصية.. بداية المواجهة

 

تعتبر الدروس الخصوصية من أكبر وأقدم المشكلات التى تواجه وزارة التربية والتعليم فى مصر منذ سنوات طويلة، وفى كل مرة يتم الإعلان عن طرق مواجهتها، ومع ذلك تقوى وتزداد أكثر وتنمو فى المجتمع

 

مع بداية كل عام دراسى جديد تؤكد الوزارة أنها ستواجه هذه الظاهرة وتعلن عن اتخاذها إجراءات للقضاء عليها، لكن بمجرد الانخراط فى الدراسة تمتلئ مراكز الدروس الخصوصية بالطلاب والمعلمين، بينما المدارس خاوية على عروشها، ويهجرها التلاميذ، لدرجة أن أوائل الثانوية العامة دائمًا ما يقولون بعد نجاحهم إنهم اعتمدوا بشكل كامل على الدروس الخصوصية ولم يذهبوا إلى المدرسة.

 

الدروس الخصوصية.. بداية المواجهة

وتختلف طرق مواجهة الحكومة لهذه الظاهرة ما بين غلق مراكز الدروس الخصوصية، وإعداد مشروع قانون لتجريمها، وطرح بدائل أمام المعلمين تعوضهم عنها. وخلال الفترة من ديسمبر 2020 حتى أكتوبر 2021، تجاوز عدد المراكز التى تم إغلاقها نحو 97 ألف مركز، طبقًا لقرار وزارى صادر فى هذا الشأن.

 

وكانت وزارة التربية والتعليم، قد أعدت مشروع قانون لتجريم الدروس الخصوصية، يتضمن غرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 50 ألفًا لكل من أعطى درسًا خصوصيًا فى مركز أو سنتر تعليمى أو فى مكان مفتوح للجمهور بصفة عامة. وفى حالة العودة لتكرار ذات الجرم يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، كما يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 50 ألفًا والحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، كل من أسهم أو اشترك بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة، وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة.

 

وطبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 26 مليون أسرة فى محافظات الجمهورية تنفق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية حوالى 47 مليار جنيه، بنسبة 37.7% من إجمالى الإنفاق على قطاع التعليم، حسب

نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017- 2018.

 

وقال وزير التربية والتعليم الجديد، الدكتور رضا حجازى، إنه سيحاول مواجهة هذه الظاهرة من خلال تنفيذ آليات دمج القنوات التعليمية والتكنولوجيا فى البرامج الدراسية، وإعداد جدول لمواعيد البث يكون متاحًا لأولياء الأمور؛ لمتابعة أبنائهم فى مشاهدة الدروس، مؤكدًا أن هذه الآليات تعظم الموارد وتحقق القيمة المضافة وتجذب الطلاب للدراسة وتساعد فى الحد من الدروس الخصوصية.

 

كما أشار إلى أنه سيتم إصدار رخصة ممارسة المهنة، لأن بعض المدارس الخاصة تقوم بتعيين مدرسين ليسوا خريجى كليات تربية أو مؤهلين لمزاولة مهنة التعليم، ما يجعل تخصيص رخصة لمزاولة المهنة أمرًا ضروريًا للتأكد من قدرة وتأهيل المدرسين.

 

ولفت إلى وضع نظام جديد لتفعيل مجموعات التقوية المدرسية وجعلها جاذبة بعيدًا عن الدروس الخصوصية، مع وضع آليات تضمن عودة الطلاب إلى الانتظام فى المدارس بجميع الصفوف الدراسية.

 

وكانت الوزارة قد حرصت خلال الأعوام الماضية على توفير بدائل قانونية تغنى الطلاب عن الدروس الخصوصية، وتساعدهم على عدم الاستسلام لمن يتاجر بهم، تتمثل فى مصادر التعلم المجانية التى أتاحتها لجميع الطلاب بلا تمييز، مثل منصة البث المباشر للحصص الافتراضية، ومنصة المكتبة الرقمية "ذاكر"، ومنصة حصص مصر، ومنصة بنك المعرفة المصرى، ومنصة إدارة التعلم، فضلًا عن القنوات الفضائية التعليمية.

الدكتور كمال مغيث

ويرى الدكتور كمال مغيث، الباحث والخبير التربوى، أن وزير التربية والتعليم الجديد الدكتور رضا حجازى جاء إلى الوزارة بعد رحلة طويلة مع التدريس منذ أن كان مدرسًا للكيمياء، ولم ينزل على الوزارة بـ"البراشوت" مثل غيره، ولذلك فهو يعلم خبايا التعليم ومشاكله.

 

وأضاف «مغيث»، أنه لن يتم تطوير التعليم والقضاء على الدروس الخصوصية، دون إشراك كل مفردات العملية التعليمية؛ سواء مدرس أو مقرر دراسى أو أنشطة أو إدارة وتوجيه، وغيرها من المفردات التى يجب إعادة الاعتبار إليها.

 

وأوضح الباحث والخبير التربوى، أن التعليم المصرى الحديث عمره 200 سنة منذ أن قرر محمد على باشا إنشاء نظام تعليم حديث بجانب التعليم الأزهرى سنة 1805، وقد أدى ذلك إلى تراكم خبرات لدى المصريين، وخير مثال على ذلك، الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى الذى قال منذ 70 سنة، إن التركيز على الامتحانات وإهمال الأنشطة والدراسة والفنون والعلوم جعل التلميذ يقبل على الامتحان وهو تافه ويعرض عن العلم وهو لب الحياة وخلاصتها.

 

وأشار «مغيث»، إلى أن القضاء على الدروس الخصوصية لن يكون إلا من خلال عنصرين أساسين، الأول رضا المعلمين عن رواتبهم، بحيث تكفيهم ولا تؤدى بهم إلى السعى نحو إعطاء الدروس الخصوصية، وتحفظ كرامة المعلم التى أصبحت تهان بشكل كبير خلال السنوات الماضية بسبب حاجته إلى المال. ولفت إلى أن العنصر الثانى هو وجود عملية تعليمية ناجعة داخل الفصول كما كانت موجودة فى مصر حتى الستينيات والسبعينيات، عندما كان التلميذ لا يحتاج إلى دروس خصوصية، بسبب كفاءة المعلم وجودة التعليم فى هذه الفترة.

 

وأكد الباحث التربوى، أنه لكى نشهد تطويرًا للتعليم فإنه يجب أن يكون جزءًا من مشروع وطنى على المستوى الثقافى والاقتصادى والاجتماعى، لأن هذا المشروع يحتاج إلى تخصصات فى مختلف المجالات وليس التربية فقط.

 

وأوضح «مغيث» أن هناك بعض الملاحظات على المنظومة التعليمية، تتمثل فى أن خطة التطوير التى كان يتم الحديث عنها أثناء فترة الوزير طارق شوقى ليست موجودة أصلًا، ولا مكتوبة فى أى مكان، ولم يطلع عليها أحد من الناس ولا المهتمين، ومن ثم فلا نعرف ما هى أهدافها ولا آلياتها ولا فلسفتها ولا أى شئ عنها، وأننا تبعًا لذلك لا نعرف من وراء تلك الخطة من خبراء وخبرات.

 

وتابع: "لعب التابلت دورًا محوريًا فى تطوير التعليم، وتكلف شراؤه المليارات، ورغم مرور أربع سنوات على وجوده مع طلابنا وفى الامتحانات، فليس لدينا إحصاء أو دراسة موثقة واحدة عن نجاحاته وإخفاقاته وجدواه، ومعنى التمسك به، كما لا نعلم مدى استفادة الطلاب والمعلمين من المنصات الإلكترونية ولا بنوك المعرفة التى تكلفت الكثير من الأموال ولا ما إذا كانت موادها قد أصبحت جزءًا من المقررات الدراسية".

 

تحديث المناهج الدراسية.. مأزق الوزارات المتعاقبة

 

تطوير المناهج الدراسية الشغل الشاغل لوزارة التربية والتعليم عند وضع خطط التطوير، وبالفعل بدأت الوزارة خلال السنوات الأخيرة، تنفيذ برنامج لتطوير التعليم قبل الجامعى وإتاحة التعليم الجيد لجموع الطلاب ضمن أهداف رؤية مصر 2030.

 

وكان من أهم ركائز تطوير التعليم، تحديث وتطوير المناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، من خلال اعتمادها على الفهم وليس الحفظ والتلقين، حتى تتناسب مع متطلبات سوق العمل المتزايدة سواء على المستوى المحلى أو الدولى، وكذلك تعزيز وتنمية المهارات لدى النشئ والشباب.

 

ومنذ عام 2017، بدأ مركز تطوير المناهج، بتطوير مناهج رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى، وصولًا إلى الصف الرابع الابتدائى، وفق رؤية تقوم على فكرة التسلسل والتراكم العلمى، وبما يتناسب مع المعايير الدولية، بالتعاون مع الخبراء والشركاء الدوليين لاسيما البنك الدولى وصندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف".

تحديث المناهج الدراسية.. مأزق الوزارات المتعاقبة

وأعلنت وزارة التربية والتعليم، عن أن تطوير المناهج التعليمية اعتمد على المواصفات العالمية، بحيث تضمنت أساليب تكوين الشخصية، وتعلم مهارات الإبداع والابتكار، ولا سيما لدى صفوف مرحلة رياض الأطفال، والصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، فضلًا عن إتاحة التحول الرقمى فى المناهج، لتكون مهارات تكنولوجيا المعلومات متاحة للجميع فى كل وقت وأى مكان، من خلال الاستفادة من محتوى بنك المعرفة المصرى، وأيضاً عن طريق إتاحة قنوات (مدرستنا 1 و2 و3) على "اليوتيوب"، ومنصة "إدارة التعلم" للمرحلة الثانوية، ومنصة "ذاكر" لكل الصفوف، بجانب منصة "حصص مصر".

 

وبدأ العمل منذ أغسطس 2017 على الإطار العام للمناهج، من خلال التركيز على بناء قدرات الطالب وإكسابه المهارات الحياتية المتمثلة فى القدرة على حل المشكلات، وأن يتوافر لديه مهارات النقاش والإبداع والتفكير النقدى.

 

وبدأت الوزارة فى العام الدراسى 2018-2019 تطبيق النظام الجديد باستخدام المناهج والكتب الجديدة لصفوف رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى، وفى عام 2020، بدأ الصف الثالث الابتدائى الدراسة بالنظام الجديد، كما تم تدريس كتاب الباقة "اكتشف". لكن بعض هذه المناهج وخاصة منهج الصف الرابع الإبتدائى واجه انتقادات عديدة خلال العام الدراسى الماضى، بسبب صعوبته، وطول منهجه، وتجاوزه للمرحلة العمرية للطلاب، ولذلك أعلن وزير التربية والتعليم الجديد، الدكتور رضا حجازى، أن الوزارة ستعمل على تخفيف المناهج الدراسية لتواكب الخريطة الزمنية للعام الدراسى الجديد، وتحقيق الرضا المجتمعى.

 

وأشار «حجازى»، إلى أن كتب الصفوف الدراسية جميعًا ستكون متوافرة مع بداية الدراسة، باستثناء الصفين الرابع والخامس، لأن بعض الكتب الخاصة بالصف الرابع الابتدائى شهدت تعديلات، خاصة مادتى العلوم والرياضيات، لذلك قد تتأخر الكتب الخاصة بهما لمدة أسبوعين والوضع ذاته مع الصف الخامس.

 

وأوضح أن الوزارة بصدد دمج المواد التعليمية والمنصات والقنوات التعليمية مع المناهج الدراسية، كما أنها مستمرة فى تطوير التعليم مع إعادة النظر فى آليات التنفيذ، مؤكدًا أهمية أن يشعر المواطن بالتطوير على أرض الواقع، وبالتالى ستكون هناك حوارات مجتمعية حول السياسة التعليمية.

الدكتور طلعت عبدالحميد

من جانبه قال الدكتور طلعت عبدالحميد، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، إن طرق ومناهج التدريس متعددة وتتوقف على أهداف وفلسفة كل دولة من العملية التعليمية.

 

وأضاف «عبدالحميد»، أن طريقة التدريس المناسبة لدولة مثل مصر، قد لا تتناسب مع دولة أخرى، ولذلك فليس هناك طريقة تدريس واحدة، وإنما تتحدد هذه الطريقة حسب الفلسفة والأهداف والمخرجات المطلوبة من المنظومة التعليمية، والإجابة عن سؤال مهم جدًا وهو لماذا نعلم الطلاب؟

 

وأوضح أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، أنه يجب أن نسعى فى مصر إلى تخريج مواطن صالح وليس طالبًا كل ما يهمه هو حل أسئلة الامتحان والنجاح، بل يكون مواطنًا صالحًا نافعًا لمجتمعه قادرًا على القيام بأدواره المختلفة سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية وغيرها، بحيث يكون مواطنًا متعلمًا مثقفًا لديه حس وطنى يؤدى دوره فى المجتمع بشكل صحيح، أما الاعتماد على منظومة تعليمية لتخريج طلاب يؤدون الامتحانات فقط، فإنها لن تجدى وسيستمر تدهور التعليم المصرى لسنوات أخرى.

وأشار «عبدالحميد»، إلى أن اختيار طرق التدريس يجب أن تسير بالتوازى مع تغيير المحتوى والمناهج، ومعرفة رؤية المسئولين عن التعليم حول رؤيتهم للعالم من حولنا، هل يرون أننا نعيش فى عالم واحد أم عالم مقسم ومنفصلين عنه، وإذا كنا نرى أننا نعيش فى عالم واحد فسيكون الاعتماد على دراسة المواد بشكل منفصل ومناهج مستقلة غير صحيح.

 

وتابع: "أما إذا كنا نرى العالم وحدة متكاملة، فإنه يجب الاعتماد على المنهج التكاملى، بحيث يكون هناك كتاب واحد يحتوى على تخصصات مختلفة كالجغرافيا والتاريخ والفيزياء والكيمياء، وكل المواد يتم تدريسها فى وحدة دراسية واحدة".

 

وأكد الخبير التربوى، أن أهم عنصر فى تطبيق المنهج التكاملى هو تدريب المعلمين جيدًا على هذا المنهج وفهم أهدافه، حتى يستطيعوا شرحه للطلاب واستيعابه بسرعة، مشددًا على أن هذه الطريقة لن تكون عبئًا على الطلاب أو صعبة.