رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إمام وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري يكشف فضل يوم الجمعة

 الشيخ مبارك علي
الشيخ مبارك علي محمد علي إمام وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج ا

 قال الشيخ  مبارك علي محمد علي، إمام وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، إن الله تعالى جعل للمسلمين من أيام الدنيا ثلاثةَ أعياد؛ عيدان يأتيان في كل عام مرة: عيد الفطر وعيد الأضحى، وعيدًا يتكرر كل أسبوع، وهو يوم الجمعة، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: إن يوم الجمعة يومُ عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده))؛ رواه أحمد.

 

 

 وتابع أن يوم الجمعة من أعظم الأيام عند الله قدرًا، وأجلها شرفًا، وأكثرها فضلاً، فقد اصطفاه الله تعالى على غيره من الأيام، وفضَّله على ما سواه من الأزمان، واختص الله به أمة الإسلام، إكرام لخير الأنام،وضلت عنه اليهود والنصارى فاختارت غيره من الأيام، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضل اللهُ عن الجمعة مَن كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق))؛ رواه مسلم.

 

 

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخِل الجنة، وفيه أخرِج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم جمعة"؛ رواه الترمذي، لافتًا إلى أن  من بركات هذا اليوم أن الله يغفر لعبده ما ارتكب ما بين الجمعتين من آثام وخطايا، إذا اجتَنب الكبائر، مستشهدًا بقوله صلى  الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

 

وأشار مبارك إلى أن يومًا بهذه الميزة، وتلك المكانة عند الله لهو حري بأن نعتني به، فقد شرع الله في هذا اليوم الغسل، وجعله أمرًا مؤكدًا، مستشهدًا بقوله  صلى الله  عليه وسلم: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم"؛ صححه النووي، وهذا يدل على تأكيد الغسل وأهميته، وشُرِعَ الطِّيبُ، ولبس أحسن الثياب، فعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل يوم الجمعة، وتطهر بما استطاع من طهر، ثم ادهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين، فصلى ما كُتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))؛ رواه البخاري.

 

 

واستطرد أنه لقد  ندب النبي صلى الله عليه وسلم للمسلم أن يجتهد في التبكير إلى الجمعة، لما في ذلك من الفضل العظيم، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرَّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".

 

وواصل مبارك، أن الملائكة يوم الجمعة يجلسون عند أبواب المسجد، يكتبون الأول فالأول، فإذا أتى الإمام طوَوا صحفَهم واستمعوا الذكر، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ((إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد، فيكتبون من جاء من الناس على منازلهم، فرجل قدَّم جزورًا، ورجل قدم بقرة، ورجل قدم شاة، ورجل قدم دجاجة، ورجل قدم بيضة، فإذا أذَّن المؤذن وجلس الإمام على المنبر طويت الصحف، ودخلوا المسجد يستمعون الذكر))؛ رواه الهيثمي ورجاله ثقات.

 

وأكمل أنه عن أوس بن أبي أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل يوم الجمعة وغسل، وبكر وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها))؛ رواه الترمذي وحسنه.

 

وأوضح مبارك أن خطبة الجمعة تنقسم إلى خطبتين، ويكون وقتهما قبل أداء صلاة الجمعة على العكس من صلاة العيدين؛ حيث إنّ الصلاة فيهما تسبق الخطبة، فتكون الصّلاة قبل الخطبة، وأقَلَّ ما يُجزء أن يُسمى خُطبةً عند العرب ما كان مشتملاً على حمد الله تعالى والصَّلاة على النبي، ووعظ الناس في بعض ما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم، وقراءة شيءٍ ولو يسيرٍ من القرآن الكريم. صلاة الجمعة:صلاة الجمعة في أصلها أربع ركعاتٍ كصلاة الظّهر؛ إلا أنّ خطبة الجمعة احتُسِبَت عن الركعتين الأوليين كما يقول الفقهاء، فبقي الركعتين الأخريين، وتُصلّى الجمعة جهراً لا سراً بإجماع أهل العلم، قال عمر: (صلاةُ الأضحى ركعتانِ، وصلاةُ الفطرِ ركعتانِ، وصلاةُ الجمعةِ ركعتانِ، وصلاةُ المسافرِ ركعتانِ، تمامٌ غيرُ قصرٍ، على لسانِ نبيِّكُم صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وقد خاب من افترى).

 

وتابع أنه يستحب الدنو من الإمام فعن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «احْضُرُوا الذِّكْرَ وَادْنُوا من الْإِمَامِ فإن الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حتى يُؤَخَّرَ في الْجَنَّةِ وَإِنْ دَخَلَهَا» (رواه أبو داود، وصححه الحاكم). وإذا أتى المصلي إلى صلاة الجمعة فيشرع له الإنصات لخطبة الإمام، والإصغاء إليها، ويَحرُم عليه التحدث مع الغير، والاشتغال بما يلهي عن سماع الخطبة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت))؛ رواه البخاري. ولقد كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فذكَّر أصحابه بأيام الله، ثم قرأ سورةً فغمز أبو الدرداء أُبيَّ بن كعب رضي الله عنه فقال: متى أنزلت هذه السورة فإني لم أسمعها إلاَّ الآن؟ فأشار إليه أنِ اسكت، فلما انصرفوا، قال أُبي: ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت، فأخبر أبو الدرداء النبيَّ صلى الله عليه وسلم بما قال أُبي، فقال: ((صدق أبي))؛ رواه الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح.

 

وقال مبارك إن من مس حصى المسجد، أو عبث بشيء من متاعه والإمام يخطب، فقد لغا في جمعته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مس الحصى فقد لغا))؛ رواه ابن ماجة ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التخلف عن صلاة الجمعة بغير عذر شرعي فعن أبي الجعد الضمري –وكانت له صحبة- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه). رواه أبو داود (1052) وعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ [أي تركهم] الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ). رواه مسلم (865). ويستحب الاجتهاد في الدعاء في هذا اليوم ساعة إجابة إن دعا العبد فيها ربه استجيب له – بإذن الله تعالى - ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: (فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ

تَعَالَى شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا) . رواه البخاري (893) ومسلم (852) .

 

وتابع أنه يستحب  في يوم الجمعة قراءة سورة الكهف عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"، لافتا إلى أنه ينبغي للمسلم الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فصلاته معروضة مباشرة على الحبيب فعن أوس بن أوس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلاةِ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -أَيْ يَقُولُونَ قَدْ بَلِيتَ- قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ) .

 

وواصل مبارك إن  ابن القيِّم قال : "ورسول الله سيِّد الأنام، ويوم الجمعة سيِّد الأيَّام، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره مع حكمة أخرى، وهي أنَّ كلَّ خير نالته أمَّته في الدنيا والآخرة فإنَّما نالته على يده، فجمع الله لأمَّته بين خيري الدنيا والآخرة، فأعظم كرامة تحصل لهم فإنَّما تحصل يوم الجمعة، فإنَّ فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنَّة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنَّة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويوم يُسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يردُّ سائلهم، وهذا كلُّه إنَّما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته".

 

وأشار إلى أن النبي نهىعن إفراد يوم الجمعة بالصيام فهو يوم عيد قَالَ الْعُلَمَاء: "وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ تخصيصه بالصيام: أَنَّ يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ: مِنْ الْغسل وَالتَّبْكِير إِلَى الصَّلاة وَانْتِظَارهَا وَاسْتِمَاع الْخُطْبَة وَإِكْثَار الذِّكْر بَعْدَهَا؛ لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانْتَشَرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَات فِي يَوْمهَا، فَاسْتُحِبَّ الْفِطْر فِيهِ، فَيَكُون أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِف وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ وَانْشِرَاحٍ لَهَا، وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْر مَلَلٍ وَلا سَآمَةٍ، وَهُوَ نَظِير الْحَاجّ يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ السُّنَّة لَهُ الْفِطْر لِهَذِهِ الْحِكْمَة . . . فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فِي الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ إِفْرَاد صَوْم الْجُمُعَة ." والمشي إلى الجمعة أفضل من الركوب؛ لما روى أَوْسُ بن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من غَسَّلَ يوم الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى ولم يَرْكَبْ وَدَنَا من الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ ولم يَلْغُ كان له بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» (رواه أهل السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم). والسُنة أن يبكر إلى المسجد ما استطاع، ويسابق على الصف الأول وعلى القرب من الإمام؛ لما في ذلك من الأجر العظيم، والثواب الجزيل؛ فقد جاء في حديث سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يوم الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ من طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ من دُهْنِهِ أو يَمَسُّ من طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بين اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له ثُمَّ يُنْصِتُ إذا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إلا غُفِرَ له ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» (رواه البخاري) والوفاة في يوم الجمعة أو ليلتها من علامات حسن الخاتمة، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر".

 

إنه تشريف لهذا اليوم العظيم، ومنحة من رب العرش الكريم، فكيف بعد هذا الفضل، والقدر والمكانة، يقع التفريط والتهاون فيه؟! بل ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يعظم هذا اليوم وساعاته، ويغتنم فضائله ومميزاته، ويستغل دقائقه ولحظاته، وذلك بالتقرب إلى الله تعالى فيه بأنواع القربات، والإكثار فيه من الطاعات والعبادات فأين السابقون إلى تلك الهبات؟ وأين المتعرضون لتلك النفحات؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وللمسلم بعد صلاة الجمعة الانتشار في الأرض؛ لتحصيل مصالحه بعد أن أدى فريضة ربه {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ الله وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]، وجاء عن عراك بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: "اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين".