نعمَ المُسمى بالمختار
تلك الأريحيّة الخُلقية الفياضة، لا شك كانت هى الحلية الباطنة التى تمت بها حلية محمد عليه السلام فى عيون الناس، وهى جواب محمد عليه السلام لما كان فى قلوبهم من حبّ وإعظام، أو هى الآصرة التى تجمع بين قلبه وتلك القلوب فى نطاق الأسرة الإنسانية. فيوض أنواره مسّت قلوبهم ولامست أرواحهم، يحبونه ويحبهم، ويشعرون به ويشعر بهم، وكان نعم المسمى بالمختار، فقد أجمعت روايات التاريخ على أنّ النبيّ عليه السلام كان مثالاً نادراً للرجولة العربية، كان كشأنه فى جميع شمائله مستوفياً لكمال الصفة من جميع نواحيها كما يقول الأستاذ العقاد فى عبقرية محمد. ولا تتم تلك الأريحيّة الخلقية الباطنة ما لم يكن خلفها كمال الصفة المستوفية لسائر الصفات الخلقيّة.
فليس من مستغرب أن يكون جماع شمائله الشريفة هو التكافؤ الخُلقى بهذا المقياس، وهو الذى لم تعرفه الحياة الواقعية لإنسان غير محمد، وهو فى شبابه عليه السلام مفطور مجبول، لم يصنعه علم ولا تثقيف؛ لأن بيئة محمد عليه السلام فى شبابه لم تكن بيئة علم وثقافة، ومن الطبيعى أن تكون ثمرات هذا التكافؤ الخُلقى محدودة
وخلاصة سمته وآدابه صلوات الله عليه أنها سماحة فى الأنظار وسماحة فى القلوب؛ فالسماحة هى الكلمة الواحدة التى تجمع خصاله الشريفة من أطرافها، والسماحة هى الصفة التى ترَقّت بمحمد إلى ذروة الكمال.