رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هاربة من سجن الزوجية

بوابة الوفد الإلكترونية

جميلة ممشوقة القوام وفى عينيها نظرة مملوءة بالحزن والانكسار..جاءت الى محكمة الاسرة بزنانيرى بصحبة أسرتها..فاليوم هو يوم الفصل فى دعواها التى اقامتها منذ شهور طالبة فيها الطلاق من زوجها طلقة بائنة للضرر..وقدمت اسبابها وشهد شهودها على صحة ما تدعيه على زوجها، تبدو هادئة لا يتجاوز عمرها الـ ٢٥ عاما وإن بدت اكبر من ذلك بسبب الحزن الذى يكسو وجهها..اقتربنا منها فى حذر وقدمت لها نفسى وطلبت منها معرفة لماذا هى فى هذا المكان محكمة الاسرة وهى فى هذه السن وهى مازالت فى بداية حياتها..تنهيدة طويلة خرجت منها تكاد تحرق من حولها وردت: هل ستنشر الحقيقة ام ما يحلو لك.؟..وكان ردى قاطعا : بل الحقيقة وليس غيرها سيدتى، نحن نسعى وراء الحقيقة نحاول نقلها ربما تكون عبرة وعظة لسيدات غيرك وقعن فى نفس مشكلتك.

وعلى كرسيين متجاورين جلسنا وبدأت تحكى حكايتها أو مأساتها..كما ترى اننى مازلت كما تقول فى بداية حياتى نعم عمرى ٢٥ عاما ولكن هذه السن بدون زواج فى نظر اسرتى والمحيطين بى اننى اصبحت عانسا وتجاوزنى قطار الزواج كما يقال والكل يتهامسون انها جميلة فلماذ لا تتزوج..وبدات المساعدت تنهال على امى فى ايجاد عريس لى قبل ان تتفاقم المشكلة وأصل الى العام التالى من عمرى وهذا مرعب لأمى.

وظهر زوجى الحالى فى الافق رجل مطلق وله ولدان وبجانب ذلك هو صاحب منصب مرموق ودخل ثابت ويملك شقة ربما تكون بالنسبة لاسرتى فارهة..وايضا هو على خلق ومقبول الشكل وبالنسبة للسن التى وصلت انا اليها فهو مناسب حتى لو كان مطلقا وأبًا لطفلين فانه سينقذنى من كابوس العنوسة. تقدم لخطبتى عن طريق بعض المعارف لم تطل مقابلتنا ولم نتحرَ عن سبب انفصاله عن ام اولاده..ربما لو عرفنا السبب لما كنا هنا الان ولكن كان كل همنا هو إتمام الزواج..تحدثنا هاتفيا كان ذا حديث عذب امتلك تلابيب قلبى فانا ليس لى تجارب وتمنيت ان يتم زواجنا حتى اكمل حياتى مع هذا الرجل الوقور.

تم الزفاف فى حفل عائلى بسيط وانتقلت الى منزل زوجى وطفليه والذى حسدنى عليه الكثيرون فقد أصبحت من الهوانم كما يقال.

مرت ليلتى الاولى مع زوجى هادئة كما تمنيت، امطرنى زوجها خلالها بالغزل والكلمات التى دغدغت مشاعرى واسعدتنى وكفى كلمات فقط وهذا ما كنت ابغى انا يملأنى الخجل، وحدثت نفسى العمر أمامنا، وتصورت ان زوجى احس بخجلى وخوفى فقدر ذلك فياله من رجل رائع. وراح زوجى فى نوم عميق.

ومرت ليالى زواجى هكذا من شهور وعلمت ان زوجى مصاب بمرض نفسى معه لا يستطيع الاقتراب من اى امرأة وكان هذا هو سبب طلاقه من زوجته وام طفليه، طلبت منه الذهاب الى طبيب لتلقى العلاج لأننى اتمنى ان اصبح اما..تجاهل طلبى وكانه لم يسمع شيئا..مرت شهور اخرى أقوم فيها برعايته وتربية الطفلين.

وقررت اعادة طلبى له بالعلاج ساعتها تحول زوجى الى شخص اخر لم اعرفه من قبل تحول إلى ثور هائج كاد أن يفتك بى واحدث بى اصابات اقعدتنى فى الفراش لمدة شهر كامل عندها طلبت منه الطلاق وان

يذهب كل منا الى حال سبيله ولولا خوفه من ان يتحول الى قاتل لفعلها.

أبلغت اسرتى بما وصلت اليه حياتى وكم تمسكت بهذا الزواج حتى لا احمل لقب مطلقة بعد ان نجحت فى الهروب من لقب عانس ولكن هذا قدرى وتعاطفت اسرتى بعد رؤيتهم ما فى جسدى من اثار تعذيب زوجى لى وعدت الى منزل ابى خاوية الوفاض منكسرة أحمل بداخلى خيبة الأمل وطلبت من ابى ان يخلصنى من هذا الرجل المجنون.

وجمع والدى عددًا من الوسطاء وذهبوا الى زوجى وطلبوا منه أن ننهى هذا الزواج بالمعروف كما يقال ولكنه رفض واعلن تمسكه بى وانه يلبى كل ما اريد وماطل فى ذلك، شهور اخرى تمر وانا رهينة هذا الزواج وقررت اللجوء الى المحكمة كى احصل على حريتى من عبودية هذا الرجل، منذ شهور تتداول الدعوى فى المحكمة وانا اتى كل جلسات القضية وكاننى انتظر حكم عتق رقبتى من حبل المشنقة..واليوم هو يوم الحكم.

وقطع حديثنا صوت الحاجب ينطلق باسمها، اندفعت الى منصة القاضى دون استئذان ووقفت وجسدها يرتعش تنتظر خروج الكلمات من القاضى..وجاء الحكم بتطليقها طلقة بائنة للضرر وبعد تأكد عدالة المحكمة من الظلم الذى تعرضت له بشهادة طفلى الزوج.

تحولت فى لحظات الى طفلة تجرى وتلهو، اكتسى وجهها باللون الوردى بعد أن كساه الشحوب لشهور، عادت لها روحها بعد كانت تحيا جسدًا بلا روح.

خرجت من قاعة المحكمة ممسكة بيد والدها وكأنها عادت طفلة ولسان حالها يقول ليتى بقيت عانس ونظرت خلفها وعيناها تقول لى اكتب حكايتى لتتعلم الفتيات والاسر أن تأخر سن الزواج ليس بجريمة ولا يجب ان يتحول الى جلاد يسلط على فتيات لا ذنب لهن فيه..وان كل ذنبهن انهن لم يجدن الشخص او الحب المناسب لبدء حياة زوجية سليمة اساسها الحب والتفاهم.

حكاية تتكرر كل يوم عشرات بل مئات المرات وضحيتها فتيات يفقدن بعد تجربتهن المريرة الرغبة فى الارتباط او حتى فى الحياة. ويبحثن عن الهروب من سجن التجربة والزوج الذى فرض عليهن لأنهن فقط تأخر سن زواجهن!