رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خطف الأطفال.. كثير من التهويل قليل من الحقائق

 خطف الأطفال
خطف الأطفال

السوشيال ميديا تتلقف حوادث «الاختفاء» وتنسج حولها الحكايات لنشر الذعر والرعب بين الناس

دوافع انتقامية وراء كثير من حالات اختطاف الأطفال.. والاستغلال فى التسول أحد أهم الأسباب

>> خبراء: المؤبد والإعدام عقوبة الخطف بالإكراه وسرقة الأعضاء

>> اللواء محمد ربيع الدويك: أجهزة الشرطة قادرة على ردع كل من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة.. ومطلوب سرعة الاستجابة لبلاغات الاختفاء

>> د. محمد سمير عبدالفتاح: تضافر الجهود «ضرورة» لمكافحة الجريمة..على الآباء والأمهات عدم الانشغال عن أطفالهم

وراء كل حادثة اختطاف حكاية حقيقية، وأخرى من نسيج «السوشيال ميديا» التى تحول كل حادثة اختطاف إلى حكاية مرعبة معجونة فى تفاصيل مروعة، أملاً فى تحقيق «تريند» وزيادة نسبة مشاهدة مواقعهم فى العالم الافتراضى!..

وتبقى الحقيقة الوحيدة هى أن وراء كل حادثة اختفاء لغز نجحت الأجهزة الأمنية فى فك شفرته وإعادة المخطوف إلى ذويه..

لكن هناك حالات ظلت لغزاً يستعصى على الحل، فخلفت ناراً تحرق قلوب الأباء الأمهات ومرارة تسلبهم متعة الحياة حتى نهاية العمر.

والمفاجأة التى تؤكدها التحليلات الدقيقة لكل حوادث خطف الأطفال، هو أن أغلب تلك الحوادث وراءها، إما « كيد النساء» أو خلافات عائلية أو مشكلات مالية، والقليل من تلك الحوادث وراءها عصابات لخطف الأطفال لاستغلالهم فى عمليات التسول، والبيع للتبنى، أو الاتجار بالمخدرات، المتاجرة بأعضائهم، أو طلباً للفدية وتصفية الحسابات من ذويهم..

كانت واقعة اختطاف «أب» لطفلته ومساومته لطليقته لدفع تعويض 3 ملايين جنيه مقابل عودة الطفل لحضنها، واحدة من جرائم خطف الأطفال التى تثبت أن الخاطف أحياناً يكون أقرب الناس!

وحادثة خطف «طفل أسيوط» كان سببها علم الخاطفين بالمقدرة المالية لوالد الطفل.. أما سرقة أطفال حديثى الولادة من أحد المستشفيات فكان بغرض الانتقام من أسرة الطفل وبيعهم فى عدد من المحافظات..

بينما كان اختفاء طالب بالصف السادس الابتدائى يدعى «شوقى. س» وراءه عصابة لبيع الأعضاء البشرية.. فى حين كان اختفاء طفلة تدعى «أسماء.م. ق» والبالغة 8 سنوات وراءها ذئب بشرى اغتصبها وقتلها..

بعض حوادث الاختفاء تنتهى أحياناً نهاية سعيدة، فاختفاء البعض ينتهى باكتشاف أنهم كانوا يقضون أياماً سعيدة فى المصيف!..

كثير منها ينتهى بعودة المخطوف وعودة ابتسامته وفرحته لتنير منزله من جديد مثلما حدث مع «الطفل زياد» ذى الـ8 أعوام، ابن المحلة الكبرى، بعد نجاح قوات الأمن والمباحث الجنائية بمديرية أمن الغربية فى إعادته بعد 48 ساعة من اختطافه وانتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى لعملية اختطاف طفل من أمام أحد محلات البقالة بمدينة المحلة الكبرى، وكشفت عودة الطفل عن تفاصيل مثيرة عن سبب الخطف ودور كاميرات المراقبة فى تتبع الخاطفين، وتحديد مكان السيارة المستخدمة فى عملية الخطف ومقطع فيديو يبين لحظة تحرير الطفل وهتاف الأهالى للشرطة.

كما كشفت أجهزة الأمن، مؤخراً، غموض اختطاف طفل الشرقية، خلال وجوده بحفل عرس خاله، وتبين من التحريات أن عاطلاً استعان بـ3 أشخاص آخرين لارتكاب الواقعة لوجود خلافات مالية بينه وبين خال الطفل المجنى عليه، وألقى القبض على المتهمين وبحوزتهم الطفل، وأُحيلوا إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.

وأيضاً تمكنت قوات الأمن من تنفيذ خطة بحث متكاملة أسفرت عن التوصل لمكان «أطفال الغربية الثلاثة» وتبين أنهم فى «نزهة بالإسكندرية» ولم يصبهم أى مكروه.

ووفقاً للأرقام الصادرة عن المجلس القومى للأمومة والطفولة، أن الفئة العمرية المستهدفة للخطف تراوحت بين سنة و17 سنة، واحتلت محافظة القاهرة المركز الأول بكل من مناطق «الدقى – مصر الجديدة – مدينة نصر» فى بلاغات الخطف، تليها الجيزة، وفى الوجه البحرى تصدرت محافظات الشرقية والقليوبية، وحصدت سوهاج المركز الأول ضمن محافظات الوجه القبلى فى عدد حالات الخطف.

وحول عقوبات مخالفة مواد قانون العقوبات فى جرائم «خطف الأطفال»، تناولتها 9 مواد قانونية من 285 حتى 291، تضمنت أحكاماً تتراوح من السجن سبع سنوات وحتى السجن المؤبد أو الإعدام فى حالات معينة.. وإذا كان الخطف مصحوباً بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة.

عقوبات رادعة

من جانبه، أكد المستشار محمد شلتوت، المحامى بالنقض والإدارية والدستورية العليا، أن الدولة قامت بتعديل وتشديد المواد الخاصة بخطف الأطفال بقانون العقوبات المصرى، حتى تتمكن من إنهاء تلك الظاهرة، حيث تم صدور القانون رقم 5 لسنة 2018 الخاص بتعديل المواد 283، و289، و290، وتم تشديد تلك المواد لردع الجناة، وحماية الأطفال من تلك الأفعال الإجرامية.. ووضع القانون عقوبة مشددةً إذا كان الخطف مصحوباً بطلب فدية، وتنص المادة 283على أنه « يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 7 سنوات كل من خطف طفلاً حديث العهد بالولادة أو أخفاه أو بدله بآخر».. ونصت المادتان «289، 290» على أن: «كل من خطف بنفسه أو بواسطة غيره من غير تحايل ولا إكراه طفلاً يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات».

وأوضح المحامى بالنقض والإدارية والدستورية العليا أنه إذا كان الخطف مصحوباً بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد.. إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه، أما المادة  285  فنصت على: « كل من عرض للخطر طفلاً لم تبلغ سنة سبع سنين كاملة وتركه فى محل خال من الآدميين أو حمل غيره فى ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وكذلك المادة  286 نصت على أنه: إذا نشأ عن تعريض الطفل للخطر وتركه فى المحل الخالى كالمبين فى المادة السابقة انفصال عضو من أعضائه أو فقد منفعته فيعاقب الفاعل بالعقوبات المقررة للجرح عمداً.. فإن تسبب عن ذلك موت الطفل يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً.

مشيداً بجهود قوات الأمن فى مواجهة مثل هذه الحوادث التى تنجح دائماً فى إعادة الأطفال سالمين لأسرهم.

الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس الإجتماعى ومدير معهد إعداد القادة سابقاً بجامعة عين شمس، أكد ضرورة مكافحة جرائم سرقات وخطف الأطفال، التى تديرها مجموعات إجرامية، وتشكل هذه الأفعال الإجرامية أعمالاً خطيرة ومتعددة لجمع المال بطريقة غير مشروعة، فهناك من يخطف بغرض الانتقام، أو طلب فدية، أو اعتداء جنسى، أو لاستخدام الطفل فى التسول، بالإضافة إلى تبعاتها السلبية اجتماعياً وأمنياً، مضيفاً أن جرائم اختطاف الأطفال تمثل اعتداء

واستغلال وانتهاك لحقوق الطفولة فى التنقل بحرية كاملة، بالإضافة إلى الإضرار بأمن الصغار وسلامتهم، فضلاً عن حالة الذعر والهلع التى تصيب كل ذويهم وكل من علم بحادثة الخطف فى المجتمع.

وأوضح أستاذ علم النفس الاجتماعى أن دور الأسرة فى غاية الأهمية عن طريق تشديد الرقابة الأسرية على الأطفال لحمايتهم من التعرض لجرائم الاختطاف وتربيتهم على قواعد معينة بغرض الحماية، أهمها عدم السير مع الغرباء أو الابتعاد عن المنزل، مع أهمية إذكاء الوعى المجتمعى بخطورة الظاهرة، فضلاً عن دور وزارة الأوقاف فى تضمين خطبة الجمعة رأى الدين لحصار تلك الظاهرة، والإعلام لا بد أن يسلط الضوء على تك الجرائم باعتبارها جرائم مستجدة وفادحة ويدرك خطورتها، مع أهمية تفعيل القانون بآلياته الجديدة بما يتماشى مع الظاهرة وتطور الجرائم. مشيراً إلى أن الجرائم متكررة ويجب أن يكون هناك رادع سريع وقوى لمرتكبيها.

فيما أوضح الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية: أن حوادث الاختطاف لها دوافع مختلفة أهمها دوافع انتقامية مع الأب نتيجة خلافات مادية أو عائلية أو حول المركز والمكانة كنوع من الانتقام من الأم أو التنكيل به والابتزاز المادى فيتم انتقاء بعض العناصر ذوى المكانة المرتفعة مادياً بحيث تتم المساومة المادية، أو طلب الفدية، أو دوافع التبنى، أو جماعات الاتجار بالبشر تستخدمهم فى التسول لاستعطاف الناس أو كعمالة رخيصة لتسويق المخدرات، أو يتم خطفهم لسرقة أعضائهم، أو هوس عشق الأطفال باغتصابهم وإجبارهم على ممارسة الشذوذ، أو تصوير أفلام أو صور جنسية لهم، والتجارة بأجسادهم فى الدعارة، أو تعذيبهم، وهو ما يؤكد أن أبناءنا فى خطر بسبب تعدد جرائم الخطف وتنوع أغراض الخاطفين.

ونوه استشارى الصحة النفسية فى تصريح خاص لـ« الوفد» إلى أن عملية زراعة ونقل الأعضاء تكون بإرادة المتبرع أو حتى بسرقتها من أطفال، وتتم كلها بشكل غير قانونى، فيمكن استبدال العضو التالف من جسد الطفل إلى آخر مماثل له فى المرحلة العمرية أو يكبره بعشرة أعوام على الأكثر، وكل أعضاء الأطفال قابلة للبيع، وتتمثل الأعضاء التى ممكن زراعتها فى القرنية والقلب والكلى والكبد والرئتين، لما لهم أهمية كبيرة والأغلى سعراً، ثم الأنسجة من العظام والدم.

وأشار إلى أن قانون الطفل ومكافحة الاتجار بالبشر وضع عقوبات رادعة لمواجهة خطف وسرقة أعضاء الأطفال، وهو ما يضع الكرة فى ملعب المجتمع، الذى يحتاج أن يكون لديه وعى داخل كل الأسر بظاهرة خطف الأبناء، لذا نناشد الآباء والأمهات بضرورة ملاحظة أبنائهم وعدم الثقة الزائدة فى أى شخص، لأن ذلك يكون السبب فى الكثير من الأحيان فى خطف الأطفال، مشدداً على ضرورة التنبيه على الآباء والأمهات بعدم الانشغال عن أطفالهم والتنبيه عليهم بعدم الحديث مع شخص غريب وعدم اقتناء المجوهرات وغيرها من التعليمات التى تتعلق بالحفاظ على الأبناء من الاختطاف، مع تأكيدنا أن إهمال الأسر لأطفالهم فى الميادين العامة قد يساهم فى ارتفاع معدلات اختطاف الأطفال بل وغسيل مخهم من أجل العمل.

أما اللواء محمد ربيع الدويك، المفكر والخبير الأمنى ونائب رئيس المركز الاستشارى للأعمال القانونية والتحكيم، فيؤكد أن أجهزة الشرطة قادرة على ردع كل من تسول له نفسه ارتكاب أى جريمة وهز استقرار المجتمع أو إيذاء أى أسرة، مشيراً إلى أن جرائم خطف الأطفال تسبب فزع الأسر فى كل المحافظات، وهو ما يتطلب تنفيذ التشريعات المغلظة والقوية ضد كل من يتورطون فى ارتكاب هذه الجرائم، لردعهم وردع أمثالهم، وذلك بتشديد العقوبة حتى الإعدام لمنع تفاقمها

لافتاً إلى أن كل الأجهزة الأمنية تتحرك سريعاً عند حدوث جريمة اختطاف، بما تمتلك من التقنيات الحديثة والدقيقة فتتعقب المجرمين، وتجمع الدلائل من شهادات الشهود وكاميرات المراقبة، وتقارير الأدلة الجنائية بفحص المضبوطات المستخدمة فى الواقعة، يتم تتبع المجرمين والوصول إليهم والقبض عليهم وإعادة الأطفال المخطوفين واعادتهم لمنازلهم

وشدد «الدويك» على أهمية تكثيف الجهود المبذولة لرجال مباحث التحريات والضبط الجنائى، وتدريب كل أفراد جهاز الشرطة بشكل مستمر وانتشار دوريات الشرطة فى كل مكان، وسرعة الاستجابة على الخطوط الساخنة للبلاغات، ومعاقبة من يثبت تقصيره فى التعامل مع بلاغات واستغاثات المواطنين، إلى جانب نشر الوعى المجتمعى والتنبيه بمخاطر ظاهرة اختطاف الأطفال.