رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الفرق بين الابتلاء للمؤمنين والعذاب للكافرين

الدكتور إبراهيم البيومي
الدكتور إبراهيم البيومي من علماء الأزهر الشريف

يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ” (البقرة 155: 157)

بهذا بدأ الدكتور ابراهيم البيومى، من علماء الأزهر الشريف، حديثه حول الفرق بين الابتلاء للمؤمنين والعذاب للكافرين، وأضاف قائلا:

سنة الله سبحانه وحكمته في الخلق قد اقتضت أن يبتلي عباده ( ليميز الخبيث من الطيب ، والمؤمن من الكافر ،والتقي من الدعي ،والصادق من المنافق، قال الله تعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} آل عمران 179،، والتمييز: هو التفريق بين الشيئين، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يميِّز أهل السعادة من أهل الشقاوة".

 

وقال ابن كثير: "لابد أن يعقد شيئاً من المحنة يظهر فيه وليه، ويفضح به عدوة، يعرف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر"، وعلى هذا فلابد لكل مؤمن أن يبتلى، يقول الله سبحانه وتعالى : {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت (1) :(3). ،ويقول الله سبحانه وتعالى : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} البقرة 214،. 

ويقول تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} آل عمران 142،. فلا بد من الابتلاء، لكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يبتلى على قدر إيمانه، ففي مسند أحمد : (عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً قَالَ « الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلاَبَةٌ زِيدَ فِي بَلاَئِهِ وَإِنَ كَانَ فِي دِينِه رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ وَمَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِىَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ »، والبلاء أحياناً يكون بلاءً ظاهراً ، وأحياناً يكون بلاءً باطناً، فعلى قدر إيمانه يثبت ، قال سبحانه: {وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ} آل عمران 141،، قال الطبري: أي: "وليختبر الله الذين صدقوا الله ورسوله، فيبتليهم بإدالة المشركين منهم حتى يتبين المؤمن منهم المخلص الصحيح الإيمان من المنافق"،

والسؤال : كيف نفرق بين (بين الابتلاء للمؤمنين والعذاب للكافرين ؟) ، فالمتأمل للنصوص الشرعية يجدها قد لفتت إلى أن المعرفة تكون بالنظر إلى المستقبل، فإذا كان من أثر وثمرة هذا البلاء أن الإنسان صبر وتاب وأناب ورضي، فهذا دليل على أن البلاء نعمة، وأما إذا جذع هذا الإنسان وتسخَّط وتذمر وتضجر، فهو دليل على أن البلاء مصيبة ونقمة ، والله سبحانه وتعالى لم يبتل قوما من الكافرين إلا كان البلاء عليهم نقمة في الدنيا ، وهم بذلك يخسرون الدنيا والآخرة ، فابتلى الله تعالى قوم فرعون ، قال الله تعالى : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) الاعراف (133) ، وابتلى الله تعالى قوم سبأ – حين أعرضوا وكفروا – بسيل العرم وبدلهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل و شيء من سدر قليل ، قال الله تعالى : (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) سبأ (16) ،(17) ، وابتلى قوم لوط – إلا من آمن معه – بحجارة من السماء ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) هود (82) ،(83) ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) الاحقاف (24) ،(25) ، وقبل هؤلاء كلهم ابتلى الله قوم نوح بالطوفان الذي أهلكهم إلا من كان مع نوح من العصبة المؤمنة ،وما يزال الكفار متوعدين بنزول البلاء والعذاب فوق رءوسهم بسبب كفرهم وإعراضهم عن الهداية وقبيح صنائعهم ، ” وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ” ( الرعد : 31 ) . قال ابن كثير – رحمه الله – : ” أي: بسبب تكذيبهم ، لا تزال القوارع تصيبهم في الدنيا ، أو تصيب من حولهم ليتعظوا ويعتبروا )  .

 

بينما المؤمنون يختلف حالهم اختلافا جذريا عن حال أولئك الكافرين : قال الله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (البقرة 155: 157) ،

وذلك أيضا من الوضوح بمكان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين : (عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفِيئُهَا الرِّيحُ وَتَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا لاَ يُفِيئُهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً ». 

 

قال ابن بطال(رحمه الله) : ” يعنى من حيث جاء أمر الله انطاع له ، ولان ورضيه ، وإن جاءه مكروه رجا فيه الخير والأجر ، فإذا سكن البلاء عنه اعتدل قائما بالشكر له على البلاء والاختبار ، وعلى المعافاة من الأمر والاجتياز ، ومنتظرًا لاختيار الله له ما شاء مما حكم له بخيره في دنياه وكريم مجازاته في أخراه ، والكافر كالأرزة صماء معتدلة لا يتفقده الله باختبار ، بل يعافيه في دنياه وييسر عليه في أموره ليعسر عليه في معاده ، حتى إذا أراد الله إهلاكه قصمه قصم الأرزة الصماء فيكون موته أشد عذابًا عليه وأكثر ألما في خروج نفسه من ألم النفس الملينة بالبلاء المأجور عليه ”

 

وأوضح الدكتور ابراهيم البيومى من علماء الازهر الشريف  قائلا:

 

ويشير القرآن الكريم إشارة لطيفة إلى الفرق الهائل بين ابتلاء العصبة المؤمنة وابتلاء العصابة الكافرة ، قال الله تعالى : ” إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ” (النساء : 104) ، فإن كان ألم المعركة الحسي والمعنوي للمؤمنين كذاك

للكافرين فالمآل ليس كالمآل ، فالمؤمنون يرجون ما عند الله – تعالى – من الخير والنعيم والرضا ، لذا أمر نبينا صلى الله عليه وسلم عمر – رضي الله عنه – أن يرد على أبي سفيان صياحه عندما قال كما في الصحيحين : ” يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ ” ، أمرهم الحبيب أن يقولوا :” لا سواء ،ففي مسند أحمد : (فَقَالَ عُمَرُ : لاَ سَوَاءً قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتَلاَكُمْ فِي النَّارِ ” .

 

فشتان شتان بين الفريقين في الحال والمآل ، وهل هناك أوضح من بيان نوع ابتلاء قدره الله عذابا على من يشاء من غير المسلمين ، ولكن الله – بعدله ورحمته – جعل ذات الابتلاء رحمة في حق عباده المؤمنين ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ ، فَأَخْبَرَنِي « أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا ، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ » ، وفيه أيضا : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ » ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». فالسراء للكافر زيادة نقمة عليه ، فهي نعيم له في الدنيا تعجل بها طيباته ، ويسأل عنها في الآخرة ، فحينما دخل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – على النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين : يقول :(فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِى فِي بَيْتِهِ ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ . فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا ، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا . فَقَالَ « أَوَفِى شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي ).

أما بعد أيها المسلمون - متى يعرف العبد أن هذا الابتلاء امتحان أو عذاب؟:

الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم، وإعلاء ذكرهم، ومضاعفة حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » رواه أحمد. ، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة، كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} الشورى 30،. فالغالب على الإنسان التقصير، وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها؛ فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل، رفعا في الدرجات، وتعظيما للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب، فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات، وإعظام الأجور، كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} النساء 123، . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: « مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ » رواه مسلم.، وقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري: « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ »،. وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي، وعدم المبادرة للتوبة كما في سنن الترمذي : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفَّى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».