سبحان المعز المذل!
»قل اللهم مالك الملك. تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء. وتعز من تشاء. وتذل من تشاء بيدك الخير. إنك علي كل شيء قدير«.. حكمتك يا صاحب الأمر في الدنيا والآخرة، سبحان الله المعز المذل، أين أصحاب القصور والمنتجعات، أين الخدم والحاشية، أين الحراسات الساهرة ليل نهار لحمايتهم،أين الطائرات الخاصة والسيارات الفارهة، أين الطعام الفاخر الذي كان يأتي من باريس ولبنان وغيرهما؟!.. هذه أسئلة يرددها الشعب الذي امتلأ جسده بالأمراض وأصيب قلبه وكبده بالفيروسات، بسبب مياه الشرب الملوثة، والزراعات المسرطنة، سبحان الله، هؤلاء الفاسدون يحاسبون اليوم من رأس الفساد مبارك وجميع البطانة التي أذلت الشعب طوال ثلاثين عاماً، بدءاً من طابور العيش حتي العلاج علي نفقة الدولة، الآن هم في السجون داخل جدران الزنازين لا فيها صاحب ولا واسطة، ولا شمس، ولا نور ولا ضل، ولا طبل، ولا زمر، ولا ورود.. ونحن نتساءل: هل يصدق مبارك أو يتخيل أن يجلس يومياً أمام جهات التحقيق متهماً بالقتل والثراء غير المشروع، في الغالب لا يصدق، فكانت الثلاثون عاماً من حكمه هو صاحب القرار الأول والأخير، لا يستطيع أحد مراجعته أو محاسبته، هو الذي كان يسأل، ويحاسب، ويقرر. لأن مبارك اعتاد طوال حكمه أن تتحول كلماته وهمساته إلي برامج عمل يطبقها الجميع، فسبحان الله تغيرت الأقدار وتحقق مع مبارك ساعات داخل غرفته بالمستشفي، وتقرر حبسه 15 يوماً علي ذمة التحقق في اتهامات قتل الشباب في ثورة 25 يناير والثراء الفاحش، إنها ساعة فارقة في حياة الرئيس السابق، ولو عاد به الزمن إلي الوراء لفكر مبارك ألف مرة في توليه رئاسة الجمهورية وجلوسه ثلاثين عاماً علي الكرسي، وصراع ابنه جمال علي توريث الرئاسة، وإصرار سوزان علي صعود ابنها كرسي الرئاسة، فمبارك الآن تدور في رأسه مئات
إنها مأساة يعيشها هذا الرجل الذي كان يصر علي عناده، ويستمع إلي صوته فقط، والحاشية التي بجانبه التي جعلته في مزبلة التاريخ، وأنا هنا لا أتشفي فيه، ولكن حزين وعاتب عليه، وأقول للشعب: »ارحموا.. عزيز قوم ذل«!! فمبارك في المستشفي بين الحياة والموت، وسوزان تنتظر التحقيقات المتهمة فيها وربما تحبسها، ونجلاه علاء وجمال في سجن طرة، فالأمور تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأقول في ختام كلماتي: »لو عايش علي الأرض ملك، أو كنت أجدع رئيس، أو سلطان زمان، خذ من الدنيا العبر كما تدين.. تدان!!