رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

محاصيل تتحدى العطش

بوابة الوفد الإلكترونية

53 صنف تقاوى لزراعات استراتيجية تروى بأقل مياه

المنوفية أولى المحافظات فى ترشيد مياه الرى

 

مصير غامض ينتظر الزراعة فى مصر بعد أن تسببت عوامل عديدة فى نقص مياه الرى, وعانى المزارعون من مشاكل عديدة أهمها انخفاض منسوب الترع ونقص المياه اللازمة للزراعة, خاصة مع اتساع الفجوة بين الموارد المائية وحجم احتياجاتنا لتصل إلى 21 مليار متر مكعب سنوياً, وتستهلك الزراعة وحدها 61 مليار متر مكعب سنوياً وهى كمية تفوق حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً, ما يشكل تحدياً كبيراً يتطلب ضرورة تغيير السياسات الزراعية المتبعة, واتباع وسائل الرى الحديثة واستنباط سلالات جديدة من المحاصيل التى تتحمل ندرة المياه وتساهم فى زيادة حجم الإنتاج, وتتكيف مع الظروف البيئية والمناخية مثلما تم بالفعل مع بعض الزراعات.

وحسب البيانات الرسمية، فإن إجمالى موارد المياه فى مصر 76.6 مليار متر مكعب تقريباً من مياه النيل والأمطار والمياه الجوفية ومعالجة الصرف الصحى وتحلية مياه البحر، منها 55.5 مليار متر مكعب خاصة بنهر النيل، بينما تقدر مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية ومياه الصرف الزراعى والصحى التى تم تدويرها وإعادة استخدامها ومياه البحر المحلاة، بنحو 24.5 مليـار متر مكعب، وتقدر احتياجات مصر المائية الحالية لقطاع الزراعة بـ61 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، وهو ما يمثل 76.7% من اجمالى استخداماتنا للمياه، ويليه قطاع مياه الشرب، بحصة بلغت 10.75 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل نسبة 13.4% من اجمالى استخدامنا للمياه.

ومؤخراً صرح الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الرى والموارد المائية، بأن الوزارة تنفذ مشروعات بغرض ترشيد استهلاك المياه وتحفيز استخدام أنظمة الرى الحديث.

وأكد ان الوزارة تنفذ حالياً تجربة رى الأرز بالتنقيط بهدف ترشيد استهلاك المياه، كما تعمل على استخدام الأرز الجاف الذى يتحمل درجات الجفاف ويستهلك كميات أقل من المياه، فضلا عن تخفيض مدة زراعته، كما أكد أن حجم الفجوة بين الاحتياجات الفعلية للبلاد والمياه المتوافرة تبلغ 21 مليار متر مكعب سنويا، يتم التغلب عليها عن طريق اعادة استخدام مياه الصرف والاعتماد على المياه الجوفية السطحية فى الوادى والدلتا، وأوضح ان مصر تستورد فعليا كمية من المياه تساوى 34 مليار متر مكعب سنوياً ممثلة فى منتجات غذائية لتحقيق الأمن الغذائى، ولذلك قامت مراكز البحوث الزراعية باستنباط أصناف من الأرز سريعة النضج وأقل استهلاكا للمياه، وكانت زراعة الأرز الجاف إحدى أفضل محاولات ترشيد المياه, حيث بلغت مساحة الأرز التى تم زراعتها بالأرز الجاف هذا العام 150 ألف فدان، فى 9 محافظات، واستنبطت محطة بحوث سخا، فى كفر الشيخ التابعة لمركز البحوث الزراعية أصنافاً جديدة توفر ثلث المياه التى يستهلكها الأرز التقليدى، الأمر الذى ترتب عليه زيادة المساحة المنزرعة بالأرز هذا العام إلى مليون و76 ألف فدان بدلاً من 724 ألف فدان فقط كانت مقررة فى 9 محافظات فى شمال الدلتا، وتقدر احتياجات مصر من محصول الأرز طبقاً للبيانات نحو 5.3 مليون طن شعير يتم انتاجها من 1.3 مليون فدان.

وتعد محافظة المنوفية من اوائل المحافظات التى نجحت فى ترشيد استهلاك المياه، حيث بدأت التجربة بقيام أحد المزارعين بزراعة 4 أفدنة عن طريق الرى بالتنقيط حيث وصل محصول الفاصوليا إلى انتاجية 8 أطنان بعد ان كانت 2 طن فقط أى أن زيادة والمحصول بلغت 400٪  لم تقف التجربة على حقول الفاصوليا فقط، بل قام أحد الفلاحين، بتجربتها على الموز رغم كون الموز من المحاصيل التى تحتاج إلى كميات مياه كبيرة، ولكن التجربة وفرت ثلث كمية المياه المستخدمة.

ويعد الأرز وقصب السكر والموز وبعض الأنواع من القمح والذرة الصفراء من المحاصيل التى تستهلك مياهاً بكثرة فى زراعتها، حيث يستهلك الفدان المزروع بمحصول الأرز كمية من المياه تتراوح ما بين 6000 إلى 7000 متر مكعب سنويا، بينما يستهلك قصب السكر نحو 9 آلاف متر مكعب من المياه سنوياً, ويصل إجمالى المساحة المزروعة 84 ألفاً و205 أفدنة، تنتج مليوناً و487 ألف طن، ويستهلك 17 ألف متر مكعب من المياه سنوياً.

وسبق ان قامت وزارة الزراعة باتخاذ عدة إجراءات تنفيذية عاجلة لتوفير المياه، والحد من زراعة المحاصيل الشرهة للماء وخاصة قصب السكر والموز، وأصدر وزارة الزراعة الأسبق الدكتور عبدالمنعم البنا قراراً رقم 79 لسنة 2018 بحظر زراعة المحاصيل شرهة المياه، وطبقاً للقرار تم تحديد 53 صنفاً من تقاوى أصناف بعض المحاصيل الاستراتيجية الموفرة للمياه، والتى تتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية، بحيث يتم التركيز على زراعتها فى الفترة القادمة، كما تتميز بالإنتاجية المرتفعة واستهلاك أقل للمياه، والتى يصل اجمالى كميات المياه التى توفيرها عند تعميم زراعة هذه الأصناف 3 مليارات و965 مليون متر مكعب من المياه، لعدد 5 محاصيل استراتيجية هما القمح، الأرز، الذرة، القطن، البرسيم، وطالب خبراء الزراعة بضرورة توعية الفلاحين بأهمية استخدام وسائل الرى الحديثة، ووقف اهدار المياه، والاهتمام بالبحث العلمى حتى يتسنى لنا التكيف مع التغيرات المناخية الحالية.

ومن جانبه، يرى حسين أبوصدام نقيب الفلاحين ان تجربة الأرز الجاف من التجارب الناجحة التى تعتمد على استنباط أصناف جديدة من الأرز تتحمل قلة المياه والعطش، وقد تم زراعته هذا العام فى العديد من المحافظات أهمها البحيرة والشرقية والاسكندرية والدقهلية، فهو من الأصناف التى تستهلك مياهاً أقل من الأرز العادى، حيث يستهلك الفدان 5 آلاف متر مكعب من المياه، بينما يستهلك الأرز العادى 7 آلاف متر

مكعب، وهذا يعنى ان زراعة مليون فدان من الأرز الجاف سيوفر حوالى2 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، فضلا عن ان مدة زراعته أقل. كما يتحمل العطش، حيث ينضج بعد 90 يوماً فقط بدلاً من 150 يوماً، ويظل لمدة 10 أيام بدون مياه بعكس الأرز العادى الذى يحتاج للرى يوميا، ومن ناحية أخرى ينتج الفدان الواحد 4.5 طن من الأرز ويقول: نأمل ان نصل لزراعة تلك المساحة من الأرز الجاف، فهذا العام تم زراعة 150 ألف فدان، نظراً لأن التقاوى ما زالت فى طور الاكثار، وخلال السنوات القادمة ستكون هناك توسعات من قبل وزارة الزراعة، وأكد أن التحول إلى طرق الرى الحديثة أصبح أمراً ضرورياً لمعالجة مشكلة نقص المياه، حيث توفر بعض طرق الرى الحديثة 40% من المياه، فضلا عن وقف الهدر فى المياه فى حالة الرى بالغمر، والتى تعطى انتاجية أقل ومحصولاً أقل جودة، وتفقدنا الكثير من المستلزمات الزراعية كالسماد، وعلى المزارعين مساعدة الحكومة فى تلك الأزمة، والاتجاه إلى طرق الرى بالتنقيط أو الرش، وتقليل زراعة الأصناف التى تستهلك المياه، واستبدال زراعة قصب السكر بالبنجر، واستبدال المحاصيل التى تستهلك مياهاً أكثر بمحاصيل أقل استهلاكا للمياه، فهناك نوع من البرسيم يسمى الحجازى يستهلك مياهاً أقل من البلدى، ولا بد من تطهير الترع والمصارف لأنها تتسبب فى فقدان كميات كبيرة من المياه.

أما محمود زايد عضو لجنة الزرعة بمجلس النواب، فيقول: نحتاج خلال تلك المرحلة لإعادة النظر فى نظم رى الأراضى الزراعية، فيجب انهاء نظام الرى بالغمر لانه يستنزف كميات كبيرة من المياه، أكثر, من احتياجات الأرض، فضلاً عن كونه يضر بالزراعة، ولابد من الاتجاه للرى الحديث، كالرى بالتنقيط مما يسهم فى رى المحاصيل بقدر احتياجها فقط، فهذا النظام يحدد الكمية التى يحتاجها كل محصول بدقة شديدة، كما يوفر 50% من المياه، لكن مع الأسف لا يعمل به إلا 10% فقط من الفلاحين لكونه مكلفاً، ويضيف: لا بد من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى ومعالجتها، حتى نتمكن من توفير مياه للرى، مع الحد من زراعة المحاصيل التى تستنزف الكثير من المياه، وتوعية الفلاحين بضرورة ترشيد استهلاكهم من المياه وردع المخالفين ووضع عقوبة للإسراف فى استخدام مياه الرى.

ويرى الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة، لا بد من ترشيد استخدام مياه الشرب ومياه الرى، فهناك موارد طبيعية لابد من استغلالها كمصادر بديلة والتى تتمثل فى مياه الامطار والسيول، ومعالجة مياه الصرف الزراعى والصحى، خاصة ان احتياجات مصر من المياه تصل إلى 110 مليارات متر مكعب، بينما يصل حجم مواردنا المائية من نهر النيل 55.5 مليار مكعب، فى حين أن الزراعة وحدها تستهلك 64 مليار متر مكعب وأضاف: نتيجة لانخفاض ميزانية البحوث الزراعية، سواء فى الجامعات أو مراكز البحوث لم تنتج صنفاً واحداً من القمح أو الفول أو العدس منذ 20 عاماً, وهذا أدى لاستيراد 70% من الفول من الخارج، و100% من العدس، وزادت وارداتنا من القمح بعد ان كانت 50% تجاوزت 70%، ويقول: لا بد ان نعلم ان الانفاق على البحث العلمى هو أمر ضرورى للغاية, ولا بد من التوسع فى استنباط أصناف جديدة من الخضراوات والفاكهة والتى تتعايش مع ندرة المياه وتعطى انتاجية اكثر، وهذا يحتاج لوجود برنامج علمى، وتوفير ميزانية للبحث العلمى، وفى تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة، أكد ان تغيرات المناخ أدت لإنقاص الموارد المائية فى منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بمقدار 6%، وتراجع انتاج الغذاء بنسبة 20% بسبب ارتفاع درجة الحرارة.